مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

الإسهال الـمكتسب في المشافي: خطر يتمدد

الكاتب

الكاتب : روان حسن ريدة

ماجستير علوم حياتية - الجامعة الإسلامية - غزة

الوقت

11:45 صباحًا

تاريخ النشر

03, أبريل 2017

لا يقتصر أسلوب الانتهاز على الأشخاص فحسب، بل أصبح نهجاً تسلُكُه بعض أنواع البكتيريا أيضا، ومن بينِها بكتيريا المِطَثيَّة العسيرة (Clostridium difficile)، والمعروف أنها تعيش بشكل مُسالم في النبيت الميكروبي المعوي، وهو بمثابة نظام بكتيري متوازن. إلا أنها تنتهز فرصة وجود العوامل التي من شأنها أن تخل بهذا التوازن، فتنمو وتزدهر لتصل إلى النصاب الاستشعاري ((quorum sensing، فتصبحُ مؤهلة لإنتاج نوعين من السموم القادرة على التسبب في التهاب القولون (colitis)، النوع الأول هو السم المعوي (Toxin A) والنوع الثاني هو السام للخلايا (B (Toxin.
 
يحتوي النبيْت الميكروبي المعوي المتزن على أكثر من 1000 نوع من الكائنات الدقيقة، مُعظمها بكتيريا مسالمة أو حتى مفيدة للجسم، ومن أهم الوظائف المنوطة بتلك الأنواع، هو قمع نمو بكتيريا الـمِطَثيَّة العسيرة، ولكن عند تناول المضادات الحيوية، يتسبب ذلك في القضاء على عدد كبير منها، مما يفسح المجال لبكتيريا المِطَثيَّة العسيرة للتضاعف وإنتاج السموم التي تضر القولون وتتسبب في التهابه وقتل أنسجته، يرافق هذه الالتهابات تدفق لخلايا الدم البيضاء في القولون، وهذا يفسر مصاحبة الصديد للأنسجة المبطنة للقولون عند تساقطها في الحالات الشديدة من التهاب القولون والمعروفة بــ "التهاب القولون الغشائي الكاذب" (pseudomembranous colitis).
 
تستطيع بكتيريا المِطَثيَّة العسيرة (Clostridium difficile) عند غياب الظروف التي تدعم نموها، أن تتحول إلى وضع السبات أو إنتاج الأبواغ، حيث تمتاز الأبواغ بقدرتها على مقاومة المنظفات والمطهرات، إضافة إلى صمودها على الأسطح لفترات قد تمتد لعدة أسابيع أو أشهر، وهذا ما يزيد من صعوبة التخلص من تلك البكتيريا. تنتشر تلك الأبواغ في كل من المستشفيات، دُورُ العجزة، مرافق الرعاية طويلة الأمد، ودُورُ الحضانة للأطفال حديثي الولادة، ويمكن العثور عليها في الأسِرَّة، الهواتف، مقاعد المراحيض، الحفاضات، وسماعات الأطباء وغيرها. إن وجود الأبواغ على الأسطح، يجعل كل من هو على اتصال بها معرضا لابتلاعها، فنجد حوالي 30% من المرضى المغادرين للمستشفى بعد قضائهم فترة بها، يحملون بكتيريا المِطَثيَّة العسيرة في أمعائهم. ومما يزيد الأمر تعقيداً، ظهور سلالات شديدة الضراوة من بكتيريا المِطَثيَّة العسيرة مثل المطثية العسيرة ذات النمط الجيني O27، والمِطَثيَّة العسيرة ذات النمط الجيني 078. وتمتاز هاتان السلالتان بامتلاكهما لطفرة قاتلة في الجين المسؤول عن تنظيم إنتاج السموم (A،B)، وهذا يعني قدرتهما على إنتاج كمية سموم أكبر من السلالات الأخرى.

الأعراض العامة للعدوى ببكتيريا المِطَثيَّة العسيرة

تتمثل الأعراض التي تُحدثُها هذه البكتيريا في حدوث الإسهال المائي، والذي يتفاوت ما بين خفيف وحاد، وجود دم أو صديد في البراز، ارتفاع درجة حرارة الجسم، مغص وآلام في البطن، غثيان، فقدان الشهية، وكذلك خسارة الوزن. تجدر الإشارة إلى أن عددا كبيرا من المصابين بعدوى بكتيريا المِطَثيَّة العسيرة، لا يطورون أي أعراض، ولكن هذا لا يمنعهم من نشر العدوى عبر البراز. ومن مضاعفات العدوى بتلك البكتيريا: الجفاف، الفشل الكلوي، التضخم السمي للقولون، حدوث ثقوب في الأمعاء وكذلك الموت.

تناول المضادات الحيوية، ومن الأمثلة على المضادات الحيوية التي كثيرا ما تسبب التهاب القولون: الأمبيسلين، أموكسيسيلين والسيفالوسبورينات. ومن الأمثلة على المضادات الحيوية التي تتسبب في العدوى ولكن بصورة قليلة: البنسلين، الاريثروميسين، ميثوبريم، والكينولون مثل سيبروفلوكساسين. بينما يعد الفانكومايسين، والميترونيدازول (فلاجيل) من الأنواع التي نادرا ما تتسبب في حدوث العدوى.

  •   العمر أكبر من 65 سنة.
  • ضعف الجهاز المناعي.
  • المكوث في مرافق الرعاية الصحية.
  • إصابة سابقة للعدوى ببكتيريا المِطَثيَّة العسيرة.
  • أمراض القولون مثل أمراض الأمعاء الالتهابية وسرطان القولون والمستقيم.
  • استخدام أدوية العلاج الكيميائي.
  • استخدام مثبطات مضخة البروتون والتي تقلل من حموضة المعدة.
  • أمراض الكلى.

   
بعض الطرق المُتَّبَعة في تشخيص العدوى ببكتيريا المِطَثيَّة العسيرة

  1. الفحوصات المخبرية، وتشمل تحليل مكونات الدم الكامل (CBC)، تحليل مستويات الكرياتينين في مصل الدم، وكذلك تحليل مستويات الزلال واللاكتات في الدم.
  2. فحوصات البراز.
  • مزرعة البراز وتمتاز ب (حساسية، 90-100%، خصوصية، 84-100%)
  • الكشف عن أنزيم Glutamate dehydrogenase الذي تنتجه البكتيريا، بالإضافة إلى السموم (A،B)  ويمتاز هذا الفحص بـ (حساسية، 85-100%، خصوصية، 87-98%).
  • فحص تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR)، للكشف عن الجينات المشفرة للسموم التي تفرزها البكتيريا، ويمتاز هذا الفحص ب (حساسية، 86 %، خصوصية، 97%).
  • اختبار السمية الخلوية Stool cytotoxic assay))، والذي يستخدم لدراسة تأثيرات سموم المِطَثيَّة العسيرة على الخلايا البشرية المزروعة في المختبر، ويمتاز ب (حساسية، 70-100٪، خصوصية، 90-100%).
  •  اختبار الممتز المناعي المرتبط بالإنزيم (ELISA)، للكشف عن (toxins A and B)، وتمتاز هذه الطريقة بـ (حساسية معتدلة، 79-80 %، خصوصية ممتازة، 98%).

      3. اختبارات التصوير.

  • الفحص بالتصوير المقطعي لمنطقة البطن (CT)، والذي يظهر في كثير من الأحيان بعض المضاعفات مثل سماكة جدار القولون نتيجة لالتهابه، توسع الأمعاء، أو وجود ثقوب في بطانة القولون.
  • إجراء التصوير الشعاعي للبطن (Abdominal radiography)، وذلك للكشف عن تضخم القولون Megacolon.
  • التنظير السيني المرن (Flexible sigmoidoscopy)، حيث يتم إدخال أنبوب مرن مزود بكاميرا في نهايته، داخل القولون للكشف عن أي مؤشرات لوجود العدوى.

 

بعض خيارات العلاج المتاحة لبكتيريا المِطَثيَّة العسيرة

  • الجراحة، وذلك لإزالة أجزاء القولون المتضررة.
  • المضادات الحيوية، مثل فانكومايسين، ميترونيدازول، وفيداكسومايسين، ويمكن اتباع نظام الجرعات المتقطعة من المضادات الحيوية وذلك لعلاج حالات الانتكاسة وتكرار العدوى، وتقوم فكرة هذا النظام على وقف المضاد لفترة، وذلك ليتم السماح للأبواغ بأن تتحول إلى الصورة الخضرية النشطة، فيتم القضاء عليها.
  • البروبيوتيك (Probiotics). وهي كائنات دقيقة حية، عند ابتلاعها بكميات كافية فإنها تعود بالفائدة على جسم العائل، وغالبيتها من البكتيريا موجبة غرام، والمنتجة لـ lactic acid، ومن الأمثلة عليها Bifidobacteria species و Lactobacillus species، ويمكن الحصول عليها في بعض الأطعمة مثل اللبن والمخللات.
  •  البريبيوتك (Prebiotics) هي مواد يتم تناولها، تكون في غالبها ألياف، وتمتاز بقدرتها الانتقائية على تحفيز نمو وتضاعف أنواع البكتيريا المرغوبة في جسم العائل، وهي بذلك تكون بمثابة غذاء للبروبيوتك. يمكن الحصول عليها في عدد من الأطعمة، مثل القمح، البصل، الموز، الثوم والهليون، وغيرها.
  •  نقل النبيت الميكروبي البرازي Fecal Microbiota Transplant (FMT) والذي يهدف لاستعادة التوازن الميكروبي المعوي في الجسم، وذلك من خلال نقل النبيت الميكروبي الخاص بالشخص السليم للشخص المريض. حيث يتم فحص الشخص المتبرع للتأكد من خلوه من الأمراض، وتفضل عينة البراز التي لم يمر عليها أكثر من 6 ساعات، ثم يتم خلطها بمحلول ملحي ونقلها للشخص المريض من خلال أنبوب تنظير المعدة عبر الأنف (Nasogastric Tube)، حقنة شرجية (Enema)، أو تنظير القولون (Colonoscopy). ولأن هذه العملية قد تكون غير مريحة للمريض، ولا تصلح للحالات الطارئة بسبب استغراقها للوقت، بدأت الأنظار بالتوجه نحو خيارات بديلة، من ضمن هذه الخيارات حبوب البراز المجمدة (frozen poop pills)، ففي عام 2014 قامت مجموعة من الباحثين في مستشفى ماساتشوستس العام، مستشفى الأطفال في بوسطن، كلية الطب بجامعة هارفارد، بتجربة حبوب البراز المجمدة على 20 مريض كانوا يعانون من الانتكاسة بسبب العدوى ببكتيريا المِطَثيَّة العسيرة، تراوحت أعمارهم ما بين 11 – 89 عام، والملفت للانتباه أن نسبة النجاح قد بلغت 90%.
  • نقل النُّبَيْت الميكروبي وكبسولات البراز المجمدة

 

الوقاية من الإصابة ببكتيريا المِطَثيَّة العسيرة

  • تجنب الاستخدام المفرط وغير الرشيد للمضادات الحيوية.
  • يجب على المستشفيات وغيرها من مرافق الرعاية الصحية الالتزام بالإجراءات الصارمة لمكافحة العدوى.
  • يجب على مقدمي الرعاية الصحية الالتزام بلبس القفازات والحرص على غسل اليدين باستمرار وذلك تجنبا لنقل العدوى لهم أو بين المرضى.
  • من الضروري بعد مغادرة المرضى أو نقلهم أن يتم غسل غرفهم ومسح اسطحها بتراكيز عالية من الكلور .
  • يجب على الزائرين كذلك تجنب ملامسة الأسطح في مرافق الرعاية الصحية والحرص على غسل اليدين جيداً بالماء والصابون قبل دخول غرفة المريض وبعدها.
  • ولأن العدوى ببكتيريا المِطَثيَّة العسيرة، آخذة في الانتشار في المجتمعات، بعيدا عن المستشفيات، فان من الأهمية بمكان الالتزام بغسل اليدين جيدا حتى في المنازل والمدارس وأماكن العمل، حيث أن غسل اليدين يقي الأشخاص من 80% من حالات العدوى المختلفة.

 

بريد الكاتب الالكتروني : rawaaan10001@gmail.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x