يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه
كُن الأول ... لفتح نقاش حول موضوع هذا المقال
11:18 ص
10 أكتوبر 2017
سلسلة روائع الكائنات الدقيقة
عالَم واسع غيرُ مرئي، لم نكن نعرف عنه شيئاً تقريباً قبل 100 عام. ومنذ اكتشاف هذه المخلوقات الدقيقة، لم تتوقف عن إذهال البشر بقدراتها المتنوعة والرائعة، والتي مكّنتها من استعمار معظم البيئات وأداء أدوارها المحورية على كوكب الأرض. كما أنها فتحت شهية البشر لترويضها والحصول على كنوزها المختلفة. في هذه السلسلة من المقالات، سنتعرض لمجموعات متنوعة من البكتيريا والكائنات الدقيقة ذات قدرات خاصة تميزها وتجعلها محطَّ الاهتمام والدراسة.
سُمي البحر الميت بهذا الاسم لعدم وجود أشكال حياتية فيه، وذلك لارتفاع نسبة ملوحته والتي تزيد عن 30%، وهي عشرة أضعاف تركيز الملوحة في البحار والمحيطات. لكن مجموعة من البكتيريا المحبة للملحHalophilic bacteria تستوطن مياه البحر الميت وتتكاثر فيها، وذلك من خلال قدرتها الخارقة على تحمل هذا الضغط الأسموزي الهائل التي تشكله مياه البحر الميت المالحة. وتشتهر بكتيريا باسم Halobacterium halobium بأنها من أوائل البكتيريا المعزولة من البحر الميت وحديثاً تم تعديل اسمها إلى Halobacterium salinarum.
البكتيريا المحبة للملح
هي مجموعة من الكائنات الحية الدقيقة. تنمو وتزدهر هذه الكائنات في بيئات ذات تراكيز مرتفعة من الأملاح التي تشمل ملح كلوريد الصوديوم (NaCl)، إضافة إلى مجموعة أخرى من الأملاح مثل: كلوريد الماغنيسيوم (MgCl2)، وكلوريد الكالسيوم (CaCl2)، وكلوريد البوتاسيوم (KCl)، وبروميد الماغنيسيوم (MgBr2)، وغيرها. وتشمل تلك البيئات مناطق متعددة منها بحيرة الملح الكبرى في يوتا في الولايات المتحدة الأمريكية، والبحر الميت في فلسطين والأردن، وبحيرة أنتاركتيكا العميقة. ومؤخراً تم ربط اللون الزهري المميز لبحيرة في أستراليا بوجود بكتيريا محبة للملح.
صنيف الكائنات المحبة للملح
تنتمي معظم محبات الملوحة للبكتيريا القديمة Archaebacteria، ولكنها توجد أيضاً ضمن البكتيريا المسماة Eubacteria، حيث تندرج معظم أنواعها تحت عائلة Haloanaerobiaceae، وتوجد مُحبات الملوحة كذلك ضمن حقيقيات النوى Eukaryotes.
كيف تستطيع الحياة في هذه الظروف الصعبة
من الآليات التي تتبعها محبات الملوحة لمقاومة التراكيز المرتفعة من الأملاح هي من خلال بناء جزيئات صغيرة تعرف بالمواد التوافقية (compatible solutes)، والتي يقوم مبدأ عملها على إحداث توازن بين الضغط الأسموزي الداخلي والخارجي، وهي الطريقة الأكثر شيوعاً. وهناك طريقة أخرى أقل شيوعاً عبر التحكم في مستويات البوتاسيوم (K+)، ويتم ذلك عن طريق ضخ كميات كبيرة من أيونات البوتاسيوم في السيتوبلازم.
البكتيريا المحبة للملوحة على موائد البشر
تلعب البكتيريا المحبة للملوحة دوراً أساسياً في تخمير بعض الأطعمة التي تضاف إليها كميات كبيرة من الملح، وتشتهر دول أقصى الشرق بهذا النوع من الأطعمة، كصلصة السمك التايلندية، والمأكولات البحرية المخمرة في كوريا، وبعض الأكلات اليابانية المخمرة المصنوعة من السمك، وصلصة الصويا الإندونيسية، وكذلك المخللات. ومن الأنواع التي تساهم في عمليات تخمير الأطعمة: Halobacterium salinarum، Halococcus thailandensis، وNatrinema gari. وبالإضافة إلى منتجات التخمير، تم استخدام البكتيريا المحبة للملوحة لإنتاج مكملات غذائية، مثل السلاسل الطويلة من الأحماض الدهنية غير المشبعة، والضرورية لتغذية الإنسان، وقد أضيفت تقليدياً إلى الغذاء في شكل زيت السمك.
تطبيقات صناعية
تقوم محبات الملوحة بإنتاج بعض البوليمرات الحيوية (Biopolymers) مثل المؤثرات السطحية (Biosurfactants) القادرة على تقليل التوتر السطحي في السوائل، وبالتالي زيادة حركة الهيدروكربونات الكارهة للماء، وقد تم استخدامها في المعالجة البيولوجية للتربة والماء الملوثين بالنفط. وتنتج محبات الملوحة عدداً من الإنزيمات المستقرة stable enzymes، بما في ذلك العديد من إنزيمات التحلل مثل: DNAses، lipases، amylases، gelatinases، و proteases. هذه الإنزيمات قادرة على العمل تحت تركيزات عالية من الملح التي من شأنها أن تؤدي عادة إلى ترسيب أو تشويه معظم البروتينات، وهذا يعني أن هذه الإنزيمات مستقرة وتعمل في ظروف قاسية مما يؤهلها للاستخدام في العديد من الصناعات. تقوم بعض طحالب دوناليلا مثل Dunaliella salina و Dunaliella bardawil بإنتاج صبغة بيتا كاروتين (β - carotene) التي تعمل كمضادات للأكسدة، وتُعد مصدراً للريتينول (retinol) وهو أحد الأشكال الحيوية لفيتامين A، كما وتستخدم صبغة بيتا كاروتين في تلوين الطعام. ويمكن الاستفادة من طحالب دوناليلا في إنتاج الجليسرين.
التطبيقات البيئية للبكتيريا المحبة للملوحة
مراجع
البريد الإلكتروني للكاتب: elmanama_144@yahoo.com
البريد الإلكتروني للكاتبة: rawaaan10001@gmail.com
هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.
الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.
0 التعليقات