للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

عدوى المستشفيات : خطر يمكن تجنبه

  • الكاتب : أ. د. عبدالرؤوف علي المناعمة

    قسم العلوم الطبية المخبرية الجامعة الإسلامية - غزة

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    06:56 ص

  • تاريخ النشر

    02 سبتمبر 2015

تعرف عدوى المستشفيات (Nosocomial Infection) على أنها عدوى أو إنتان يكتسبه المريض بعد دخوله إلى المستشفى (أي أن الشخص لم يكن مصاباً به عند دخوله المستشفى) ولا تظهر إلا بعد 72 ساعة أو أكثر من دخوله إليه. وتبلغ نسبة احتمال إصابة المرضى الذي يدخلون المستشفيات في الدول المتقدمة من 5-10% من كافة حالات الدخول إلى المستشفيات والمؤسسات الصحية، وترتفع هذه النسبة في الدول النامية إلى نحو 10 – 20%. وقد أطلق اسم "العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية" كاسم بديل ل "عدوى المستشفيات" نظرا لحدوث هذه الظاهرة في جميع أماكن الرعاية الصحية وليس فقط في المستشفيات.

تؤدي "العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية" إلى أمراض خطيرة ومعدلات وفيات عالية، كما أن تكلفة تشخيص وعلاج والعناية بهذا النوع من الامراض يتجاوز 1 مليار دولار في السنة في الولايات المتحدة الامريكية وحدها. وتتميز مسببات العدوى في مراكز الرعاية الصحية بشراستها "High virulence" ومقدرتها غير العادية على مقاومة المضادات الحيوية بشكل متعدد ومتزامن أي ان نوع البكتيريا الواحد يكون مقاوما لمجموعة كبيرة من المضادات الحيوية ووصل الامر في بعض العزلات ان تكون مقاومة لكل المضادات الحيوية المعروفة. الأمر الذي يجعل من علاج الالتهابات "التي كانت في السابق تعتبر بسيطة" أمرا معقدا أو مستحيلا في بعض الأحيان. ولابد من التنويه ان طبيعة المرضى في مراكز الرعاية الصحية تكون في الغالب من فئة ضعاف المناعة إما نظرا للسن أو لإصابتهم بأمراض أخرى الامر الذي يجعل اصابتهم بعدوى المستشفيات سهلاً.

تنتقل مسببات العدوى في مراكز الرعاية الصحية بطرق شتى ومن مصادر متنوعة مثل الهواء، الماء، الغذاء، الحشرات، والقوارض وربما الحيوانات مثل القطط، المرضى أنفسهم، الطواقم الطبية، الزوار، عمال النظافة، الاسطح والأدوات والأجهزة. تشكل الأدوات والأسطح مصدرا أساسيا في نقل العدوى وقد أظهرت دراسة حديثة نشرت في وقائع مؤتمر الباطنة الخامس في مدينة غزة -فلسطين نسبة كبيرة من هواتف العاملين في القطاع الصحي أظهرت وجود بكتيريا ممرضة على أسطح هواتفهم (96%) وكانت نسبة مقاومة المكورات العنقودية للميثسيلين المعروفة باسم MRSA مرتفعة حيث بلغت 28.3 %. دراسات أخرى تشير بأن أقلام الأطباء والعاملين بالقطاع الصحي أيضا تحتوي على نسبة عالية من الميكروبات.  لوحات المفاتيح الخاصة بالأجهزة الطبية وشاشات العرض التي تعمل باللمس والكثير من الأجهزة التي لا يمكن تطهيرها بسهولة تشكل مكانا ملائما لالتصاق الجراثيم وربما لتكاثرها.

هذه الأسطح تشكل مصدرا لنقل الميكروبات ولكن لابد من آلية لوصولها للمرضى ومن أهم نواقل العدوى في المشافي: العاملين في المجال الصحي من ممرضين وأطباء وعمال نظافة وذلك بعدم الالتزام بقواعد منع العدوى. وتختلف أنواع الميكروبات في المؤسسات الصحية باختلاف طبيعة عملها ومدى الالتزام بقواعد منع العدوى وطرق التعقيم والتطهير المستخدمة. وأكثر أنواع العدوى الجرثومية التي تصيب المرضى أثناء وجودهم بالمستشفيات هي عدوى الجهاز البولي والجهاز التنفسي وتسمم الدم وعدوى جروح العمليات وغيرها من الالتهابات، ويمكن القول بأن أكثر من ثلث هذه الحالات يمكن تجنبه باتباع القواعد الصحيحة.

 ومن أهم الجراثيم المسببة لعدوى المستشفيات: العنقوديات الذهبية المقاومة للمثسلين MRSA، العنقوديات الذهبية المقاومة للفانكوميسينVRSA ، الزائفة الزنجارية Pseudomonas aeruginosa، أمعائيات مقاومة للكاربابينيمcarbapenem resistant enterobacteriaceae، المكورات المعوية المقاومة للفانكوميسين VRE. والقائمة اخذه في الازدياد والتعقيد وأصبحنا نتحدث عن سلالات مقاومة لجميع أنواع المضادات الحيوية المتوفرة   (Pan resistant strains) مما يجعل من علاجها امرا صعباً للغاية. ولهذا السبب فإن منع الإصابة بهذه الميكروبات هو الاستراتيجية الأكثر قبولاً في هذا السياق.

 تستحوذ مشكلة عدوى المستشفيات على اهتمام الساسة والعاملين في القطاع الصحي، حتى الصحافة أصبحت تبرز هذ المشكلة من خلال تسليط الضوء على المشكلات، الحلول، الاكتشافات والتقنيات التي من شأنها الحد من هذه الظاهرة. وفي الآونة الأخيرة بدأت تظهر مجموعة من الدراسات والاكتشافات قد تساعد بالفعل في تقليل مخاطر انتقال هذه الجراثيم بين المرضى وذلك من خلال توظيف الاسطح النحاسية (النحاس معروف بقدرته على قتل الجراثيم) وتم استخدامه في مقابض الأبواب كثيرة الاستخدام. هناك أيضا تقنية الاسطح المقاومة للميكروبات بالإضافة الى توظيف تقنيات النانو في صناعة أقمشة (صناعة ملابس العاملين في القطاع الصحي والمرضى) وأسطح مقاومة للجراثيم. ولكن يبقى إتباع قواعد منع العدوى في المؤسسات الصحية هو خط الدفاع الأهم.

  أكدت دراسة أجريت بجامعة كيوتو اليابانية، نشرت في العام 2014 أن عدم الالتزام بغسل الأيدي يتسبب في حدوث ما لا يقل عن 75 % من عدوى المستشفيات. منظمة الصحة العالمية أطلقت حملة عالمية تحمل شعار " ننقذ مرضانا بغسل أيدينا". وبينت الدراسة أن حوالي 44% من الأطباء والكوادر الطبية فقط يلتزمون بغسل الأيدي بشكل دوري ومنتظم، بينما توصي هيئات مكافحة العدوى بالمستشفيات ومنظمة الصحة العالمية إلى ضرورة التزام ما لا يقل عن 95 % من الكوادر العاملة بالمؤسسات الصحية بغسل الأيدي بصفة دائمة.

نختم بالقول أن المرضى في المؤسسات الصحية غالباً ما يكونوا من ذوي المناعة المنخفضة و احتمالية اصابتهم بالأمراض المعدية أعلى من نظرائهم و بالتالي فهي مسئولية المؤسسات الصحية منع حدوث مثل هذه الإصابات و يجب بذل اقصى الجهود للحفاظ كل من المريض و العاملين في القطاع الصحي من انتشار الامراض و ذلك من خلال تعزيز، تطوير، و تطبيق صارم لنظم وبروتوكولات منع العدوى.

عافانا الله واياكم

 

البريد الالكتروني للكاتب : elmanama_144@yahoo.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */