للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

ميكروبات صَنَعتْ لها مكاناً في التاريخ - الملاريا

  • الكاتب : أ. د. عبدالرؤوف علي المناعمة

    الجامعة الإسلامية – غزة / فلسطين

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    01:54 ص

  • تاريخ النشر

    16 أغسطس 2017

عرف التاريخ أحداثاً مِفصلية غيرتْ مجراه، كما شهد أيضاً معاركَ طاحنةٍ، وملاحم بطولية، وأفكاراً إبداعية، واختراعاتٍ مذهلة، وأُناساً عُظماءَ؛ غيَّروا مسار العالَم، واليوم سنتحدث عن ميكروبات طُبعتْ في ذاكرة التاريخ؛ وصنعتْ لنفسِها مكاناً في صفحاته. عارضين تاريخاً موجزاً عنها، وسنعرض أهم ما يميزها من خصائص أهَّلتها لتتبوأ مكانتَها، وكيف تعامل الطب أو العلم معها؟

الملاريا (Malaria)، مرض خطير، وقد يكون مميتا كذلك، يتسبب به طفيل مجهري يعرف بالبلازموديوم (Plasmodium) وينتقل من خلال إناث بعوضة الأنوفيلس (Anopheles) خلال حصولِها على وجبة دم من الضحية. على الرغم من وجود أنواع متعدد من البلازموديوم، إلا أن خمسة منها فقط تصيب البشر وتسبب الملاريا، وهي:

  1. Plasmodium falciparum والذي يتواجد في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية؛ وهو المسبب الرئيسي للوفيات الناجمة عن الملاريا الحادة.

  2. Plasmodium ovale يوجد في إفريقيا وجزر المحيط الهادئ.

  3. Plasmodium vivax يوجد في آسيا وأمريكا اللاتينية. لديه مرحلة الكمون التي تتسبب في حدوث الانتكاسات (حدوث المرض بشكل متكرر بعد اختفاء الأعراض).

  4. Plasmodium malariae يوجد في جميع أنحاء العالم, و يمكنه أن يسبب عدوى مزمنة.

  5. Plasmodium knowlesi يوجد في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا. بإمكانه التقدم في حالة العدوى من حالة بسيطة إلى عدوى حادة بسرعة كبيرة.

 

ينتقل الطُّفيل المسبب للملاريا إلى البعوضة عند لدغها لشخصٍ مصاب، وعند لدغها لشخص آخر فإنها تنقل الطفيل له، فيسافر الطفيل حتى يصل كبد الشخص المصاب، وبعد أن ينضج فإنه يترك الكبد ويصيب خلايا الدم الحمراء، في هذا الوقت، تبدأ الأعراض الخاصة بالملاريا والتي تشمل: الحمى، القشعريرة، الصداع، الإسهال، الغثيان، القيء، الضعف العام وآلام في الجسم. أما الأعراض المصاحبة للملاريا الحادة؛ فتشمل فقر الدم الشديد (بسبب تدمير عدد كبير من خلايا الدم الحمراء)، الفشل الكلوي، فقدان الوعي، الهذيان، أو التشويش الذهني، انهيار القلب والأوعية الدموية، الوذمة الرئوية (Pulmonary edema)، انخفاض نسبة السكر في الدم لدى النساء الحوامل بعد علاجهم ب الكوينين (Quinine).

ولأن الطفيل الذي يُسبب الملاريا تؤثر على خلايا الدم الحمراء، يمكن للناس أيضا التقاط الملاريا من خلال التعرض للدم المصاب، بما في ذلك: من الأم إلى الطفل الذي لم يولد بعد، من خلال نقل الدم، أو عن طريق مشاركة الإبر المستخدمة في حقن المخدرات.

وفي حين أن المرض غير شائع في المناخات المعتدلة، فإن الملاريا لا تزال سائدة في البلدان المدارية وشبه المدارية.  ولهذا فإن العيش في تلك المناطق أو السفر إليها، يعد عامل خطر للإصابة بالملاريا.  ومع ذلك فإن هناك مخاوف من انتشار الملاريا وأمراض أخرى في مناطق جغرافية جديدة، بسبب الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية التي من شأنها توفير بيئات ملائمة لتكاثر البعوض الناقل لطفيل الملاريا.

تشخيص الملاريا

تعد فحوصات الدم مثل: الفحص المجهري للدم للكشف عن الطفيل، والكشف عن مستضدات الملاريا، وفحوصات للكشف عن الأجسام المضادة. وتتوفر الآن إمكانية الكشف عن الملاريا بتقنيات الوراثة الجزيئية من خلال البولميريز المتسلسل PCR ، ويمكن من خلالِه تحديد ما إذا كان سبب العدوى طفيل مقاوم لأدوية معينة. أيضا يمكن استزراع الطُّفيل وفحصُه.

هذا بالإضافة إلى فحص نسبة الهيموغلوبين، عدد الصفائح الدموية، وظائف الكبد، وظائف الكلى، تركيز الصوديوم، عدد خلايا الدم البيضاء، من أهم الطرق المتبعة لتشخيص الملاريا، حيث يمكنها أن تظهر وجود الطفيل وتساعد على وضع خطط العلاج الملائمة من خلال تحديد ما إذا كان المرض موجوداً، مع تحديد نوع الطفيل المسبب له، وما إذا كان المرض يؤثر على أي من الأعضاء الحيوية.

  • من أكثر الأدوية المضادة للملاريا شيوعاً ما يلي:

    Quinine sulfate

    تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد حاليا لقاح تجاري متاح للوقاية من الملاريا. ونظراً لأن طفيل Plasmodium falciparum  هو الأكثر فتكاً من بين مسببات الملاريا، فإن معظم الجهود موجهة حاليا نحو تطوير لقاح ضده. وقد تم الانتهاء من المرحلة التجريبية الثالثة للقاح RTS,S/ASO1، ونشرت النتائج في عام 2015. وتدعم منظمة الصحة العالمية التنفيذ التجريبي في العديد من بلدان جنوب الصحراء الكبرى.

    وحتى يأتي اليوم الذي يصبح فيه اللقاح مرخصاً وجاهزاً للاستخدام، بالإمكان تجنب الإصابة بالملاريا من خلال تجنب التعرض للدغات البعوض، وذلك من خلال رش المنزل وعلاج جدرانه بالمبيدات الحشرية، النوم تحت شبكة واقية، تجنب تجمع المياه في الحدائق، تغطية البشرة خلال أوقات ذروة نشاط البعوض، وعادة ما تكون من الغسق إلى الفجر، ارتداء الملابس والقمصان طويلة الأكمام، رش الملابس والجلد. البخاخات التي تحتوي على بيرميثرين (Permethrin) هي آمنة للاستخدام على الملابس، في حين أن البخاخات التي تحتوي على ديتDEET-  يمكن استخدامها على الجلد.


    ذُكر مرض الملاريا لأول مرة منذ أكثر من 4,000 سنة. فقد وُصفت أعراضُه في الكتابات الطبية الصينية القديمة، وكان هذا المرض معترفا به على نطاق واسع في اليونان بحلول القرن الرابع قبل الميلاد، فقد أشار أبقراط إلى أعراض الملاريا الرئيسية في كتاباته الطبية، وصف أعراض حمى الملاريا، ونُسبت إلى لدغات بعض الحشرات. وعزى عدد من الكُّتاب الرومانيين أمراض الملاريا إلى المستنقعات. وأدى اكتشاف ارتباط الملاريا بالمياه الراكدة إلى قيام الرومان بوضع برامج للصرف الصحي، كانت من بين أولى طرق الوقاية الموثقة ضد الملاريا.

 

تم العثور على أول دليل على طفيليات الملاريا في البعوض المحفوظ، والذي يعود إلى عصر الباليوسين (Paleocene period) أي حوالي 30 مليون سنة. وهكذا يمكننا أن نتصور بشكل أن الملاريا كانت موجودة في جميع مراحل التطور البشري.

أما البيانات الموثوقة المتوفرة عن عدد الوفيات فهي من عام 1900م وحتى الوقت الحاضر. فوفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية لعام 1999، فإن العالم خلال النصف الأول من القرن العشرين، استمر بتسجيل حوالي مليونيْ حالة وفاة بسبب الملاريا سنويا. وكانت هذه الوفيات في الغالب أطفالا في الشرق الأوسط، وعبر شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا، إلى جزر غرب المحيط الهادئ، بما في ذلك إندونيسيا والفلبين.

اليوم؛ يعيش أكثر من 40٪ من سكان العالم في 106 بلدا وإقليما يزداد فيها خطر الإصابة بالملاريا. في عام 2013م، قدر عدد الحالات بحوالي 198 مليون حالة إصابة بالملاريا، وحوالي 584 ألف حالة وفاة. وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2014م، من المقدر أن عدد حالات الإصابة بالملاريا كان أقل ب670 مليون حالة، وعدد الوفيات كان أقل ب 4,3 مليون حالة، مقارنة بالأرقام التي تم تسجيلها بين عامي 2001م و 2013م. فقد أدت زيادة تدابير الوقاية والمكافحة إلى خفض معدلات الوفيات الناجمة عن الملاريا بنسبة 47% على الصعيد العالمي منذ عام 2000م وبنسبة 54% في الإقليم الأفريقي لمنظمة الصحة العالمية.

وبين عامي 2010م و2015م، انخفضت معدلات الحالات الجديدة للإصابة بالملاريا بنسبة 21 % على الصعيد العالمي، وفي الإقليم الأفريقي. وانخفضت معدلات الوفيات الناجمة عن الملاريا بنسبة 29 % على الصعيد العالمي و31 % في الإقليم الأفريقي.في عام 2015، كان هناك 214 مليونَ حالةٍ جديدة للإصابة بالملاريا في جميع أنحاء العالم. وكانت النسبة الأكبر في الإقليم الأفريقي لمنظمة الصحة العالمية 90) %)، يليها إقليم جنوب شرق آسيا (7%) وإقليم شرق المتوسط (2 %). أما عن عدد الوفيات بسبب الملاريا في نفس العام، فقد بلغ 000 429 حالة وفاةٍ في جميع أنحاء العالم، كان معظمها في الإقليم الأفريقي (92 %)، يليها منطقة جنوب شرق آسيا (6%) وإقليم شرق المتوسط (2 %).

 

البريد الالكتروني للكاتب: elmanama_144@yahoo.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */