هذه المقالة تناقش أحد التقنيات المستخدمة بتوسع في مجال البيولوجيا الجزيئية، وأقصد تقنية تعاظم المادة الوراثة متعددة المظاهر عشوائياً أو ما يعرف بالـ RAPD (Random amplified polymorphic DNA) والتي خرجت الى النور عام 1990 من الباحث الأمريكي جون ويليامز وفريقه البحثي. وفي هذه المقالة سأركز على كلمة عشوائي. لماذا توصف هذه التقنية بالعشوائية؟

لكي نجيب على هذا السؤال يجب أن نقدم فكرة بسيطة عن كيفية عمل هذه التقنية. ففي البداية يتم تصميم بادئ أحادي قصير مكون من عشرة نيوكليوتيدات تقريباً دون الأخذ في الاعتبار أي تتابع معين (لأنه بادئ غير متخصص). ثم يتم إجراء تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR) ونواتج التفاعل يتم فصلها كهربائياً على جل أجاروز وتُحدد نسبة تعدد الأشكال والعلاقات بين العينات المختبرة بناء على شكل وعدد الحزم الناتجة. والسؤال: ما هو الجزء المتهم بالعشوائية؟ والإجابة: البادئ.

فهل فعلاً يتم تصميم البادئ عشوائياً؟ والاجابة القاطعة (لا). لأنه عند تصميم أي بادئ يجب مراعاة عدة نقاط ومنها أن يكون نسبة قواعد الجوانين والسيتوسين (GC%) لا تقل عن 40% كما أشير لذلك في الورقة البحثية، كما يجب تفادي تكون التكوينات الثانوية (Secondary structures) مثل الـ Hair pin أوأن ترتبط جزيئات البادئ ببعضها البعض Self-annealing. كما يُفضل أيضاً أن تكون النهاية من الطرف 3` تنتهي بجوانين أو سيتوزين لزيادة ثبات تكامل القواعد النيتروجينية Base complementation. ومن له الخبرة في تصميم البادئات سيعلم تماماً ما أقصده من النقاط الواجب مراعاتها عند تصميم أي بادئ.

إذاً هناك معايير يجب مراعاتها والأمر ليس إعتباطياً. والسؤال الثاني: أين سيرتبط البادئ، وهل سيرتبط بأي تتابع (عشوائياً) في المادة الوراثية القالب (Template DNA)؟ بالطبع لا. بل سيرتبط بالتتابع المكمل له فقط. فإذا كان تتابع البادئ مثلاً هو (5`-AGGCTAGTAG-3`) فإن التتابع المكمل له هو (TCCGATCATC). ولكن كم عدد مرات الارتباط؟ لا ندري. وكم عدد الحزم الناتجة من التفاعل؟ لا ندري. وفي أي مناطق من الجينوم يتواجد هذا التتابع المكمل للبادئ؟ لا ندري. فكل هذه الأمور مجهولة تماماً لنا، لأن البادئ غير مخصص لمضاعفة منطقة بعينها، فعدم المعرفة لا يعني العشوائية.

وفي النهاية، فإن تصميم واختيار تتابعات البادئات الخاصة بالـ RAPD لا تتم عشوائياً. وأيضاً إرتباط البادئ ومضاعفته لمناطق معينه من الجينوم لا يتم عشوائياً. فلماذا توصف هذه التقنية بالعشوائية؟؟.  كانت تسمية هذا الواسم بهذا الاسم مقترحاً في ملخص البحث من مؤلفي الورقة البحثية آن ذاك ولكن بناء على المعلومات العلمية التي تم سردها في هذه المقالة أقترح تغيير إسم هذا الواسم أو على الأقل تغيير فهم طبيعة عمله من قبل المشتغلين في مجال البيولوجيا الجزيئية.

بريد الكاتب الالكتروني: mkhirshy@aun.edu.eg