للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

وفرة الغذاء ومعاملات ما بعد الحصاد

  • د. صبحى درهاب

    باحث بمركز البحوث الزراعية - مصر

  • ما تقييمك؟

    • ( 4.5 / 5 )

  • الوقت

    02:56 م

  • تاريخ النشر

    05 سبتمبر 2023

الكلمات المفتاحية :

يُعدّ نقص الغذاء ثاني أكبر مسبّب للوفاة عالميًا بعد أمراض القلب والأوعية الدموية، حيث يموت قرابة 10 مليون إنسان حول العالم سنويًا بسبب الجوع وانعدام الأمن الغذائي، وهو عدد وفيات أكبر مما يسببه السرطان والتدخين أو حتى ما خلّفته جائحة كوفيد من وفيات. 

منظمة المجتمع العلمي العربي

 

ومع تزايد التغيّرات المناخية، وزيادة الضغط على موارد المياه والغذاء، فإنّنا عندما نفكر في توفير الغذاء لما يقرب من 8.5 مليار إنسان بحلول 2030، تكون الحلول الطبيعية باستزراع المزيد من الأراضي لزيادة إنتاج المحاصيل. لكن، في الواقع يُفقد ويُهدر ما يقرب من ثلث الغذاء المنتج للاستهلاك، أي ما يقرب من 1.3 مليار طن من الغذاء سنويًا. لذا، فإن تقليل هذا الفاقد والحدّ من الهدر سيساعد في توفير الغذاء لكلّ إنسان.

ما بعد الحصاد، هي الفترة الزمنية التي تلي حصاد المحصول، وتبدأ بإزالة المحصول من الحقل وتنتهي بوصوله إلى المستهلك، غير أنها مرتبطة بما تمّ من معاملاتٍ وممارساتٍ في الحقل أثناء نمو المحاصيل. وخلال هذه الفترة، يتعرّض المحصول لعوامل مختلفة يمكن أن تؤدي إلى تلفه أو فساده، مثل: فقدان الماء، ونمو البكتيريا والفطريات، والتعرّض للإيثيلين (يعرَف بهرمون النضج)، وتغيرات درجات الحرارة والرطوبة، وأي أضرار ميكانيكية قد تعمل على تغيير الطعم والرائحة وسرعة تدهور الثمار.

ويمكن أن تقضي الثمار والحبوب نصف فترة حياتها في الشحن والنقل، لذلك تلعب تقنيات ومعاملات ما بعد الحصاد دورًا مهمًا في الحفاظ على جودة المحصول وزيادة فترة صلاحيته. وتتضمّن هذه المعاملات مجموعة من العمليات التي تهدف إلى تقليل أو منع تلف المحصول، مثل:

الحصاد في الوقت المناسب: ينبغي حصاد المحصول في الوقت المثالي لكلّ محصول وصنف، حيث يؤدي الحصاد قبل أو بعد اكتمال النضج لانخفاض جودة المحصول.

التبريد السريع: إزالة حرارة الحقل عن الثمار بسرعة بعد الحصاد. حيث يؤدّي التبريد السريع لإبطاء عملية التنفّس ونمو البكتيريا والفطريات. وتوضح دراسة أن التأخير في التبريد المبدئي للفراولة 4 ساعات فقط بعد جمعها، يزيد من فقدان الماء في الثمار بنسبة 50 % تقريبًا.

التعبئة والتغليف: تعتبَر عملية التعبئة من أهم المراحل في سلسلة ما بعد الحصاد لتداول المحاصيل البستانية من الخضار والفاکهة، حيث تعمل على احتواء المنتج الطازج ليحقق وحدة تداول سهلة، وتبقى سليمة خلال مرحلة النقل والتخزين والتسويق، وحمايته من الأضرار الميكانيكية، والتعريف بالمنتج.

التخزين في ظروفٍ مناسبة: ينبغي تخزين المحصول في ظروفٍ مناسبة من حيث درجة الحرارة والرطوبة ومستوى الأكسجين، حيث تؤثّر هذه الظروف على جودة المحصول وفترة صلاحيته.

تحديات وفرص استثمار

إنّ الفاقد في الحاصلات البستانية الطازجة بعد الحصاد کفاقدٍ کمي وفاقد نوعي (في الجودة) يحدث ما بين مرحلتي الحصاد والاستهلاك. ويتراوح الفاقد في هذه الحاصلات ما بين 5 إلى 25% في الدول المتقدمة ويصل ما بين 20 – 50% في الدول النامية وتتوقف النسبة على المحصول نفسه. لذلك، فإنّ عدم وجود الوعي الكافي بأهمية تكنولوجيا الجمع، وما بعد الحصاد يشكّل تحديًا يواجه الحفاظ على جودة وتداول الحاصلات المختلفة. وتتعدّد هذه التحديات فمنها نقص التمويل حيث تتطلّب تكنولوجيا ما بعد الحصاد استثماراتٍ كبيرة في البحث والتطوير والبنية التحتية. وتزيد مع عدم وجود التنسيق لأنّ هناك العديد من الجهات الفاعلة المختلفة المشاركة في تطبيق معاملات وتكنولوجيا ما بعد الحصاد، بما في ذلك المزارعين والتجار وشركات التصنيع وشركات الأغذية. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإنّ نشر الممارسات الجيدة للجمع ومعاملات ما بعد الحصاد يُسهم بشكلٍ فاعلٍ فى زيادة الوعي، واكتساب المهارات لتحسين الجودة وإطالة عمر الحاصلات البستانية. ومع توجيه فرص الاستثمار للبحث والتطوير فى تقنيات الجمع وتكنولوجيا ما بعد الحصاد، والتوسّع في إنشاء بنية تحتية للنقل والتداول، وتجهيز أماكن ومخازن التبريد والتجميد، ومحطات التعبئة والتغليف المتطورة، ومع توظيف استخدام مصادر الطاقة المتجددة، ستنخفض نسبة الخسائر والفاقد الكمي مع تحسن جودة المنتج، وزيادة ربحية المزارع وعائد الاستثمار، مع تحقيق أهداف الأمن الغذائي ووفرة الغذاء.

الابتكار والحلول التكنولوجية

يُسهم الابتكار في تطوير وتحسين المنتجات وتقديم حلول تنفيذية للمشكلات في كافة المجالات و هو محرك للنمو الإقتصادي. إنّ تعزيز الابتكار في تكنولوجيا ما بعد الحصاد يوفّر حلول متنوعة وصولًا لوفرة الغذاء. ويوجد عدد من الإبتكارات والحلول التكنولوجية الحديثة على سبيل المثال:

إنترنت الأشياء (IOT):  وهي شبكة الكائنات المادية "الأشياء"المضمنة مع أجهزة الاستشعار والبرامج وغيرها من التقنيات لغرض ربط البيانات وتبادلها مع الأجهزة والأنظمة الأخرى عبر الإنترنت.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي: والتي تستخدَم في المراحل المختلفة سواء في الإنتاج في الحقل لمراقبة درجات الحرارة والرطوبة وتحديد الوقت المثالي للحصاد، أو في المراحل التالية كالنقل و التبريد لتتبع درجات الحرارة و الرطوبة ونقاط الضعف فى سلسلة التبريد، واتّخاذ إجراءات لحظية لتوفير الظروف المثالية لتمديد حياة وعمر الحاصلات، و التنبّؤ بمدة الصلاحية.

أغلفة وأغطية للثمار محاكية لطبيعة قشرة الثمار: توجد طبقة القشرة في كل خلية نباتية والتي تعمل طبقة "الكيوتيكل" بها في الحفاظ على الرطوبة داخلها مع السماح بالتنفس بدون أن تجفّ في الظروف الطبيعية. وإضافة طبقة مجهرية من مواد نباتية وآمنة على أسطح الثمار الطازجة يحاكي طبيعتها يحفظ الرطوبة ويقلّل من الأكسدة، ويعمل على إطالة فترة تداول وتخزين الثمار.

ملصقات ذكية: أوضحت بعض الدراسات أنّ لمركّبات معينة القدرة على تقليل تأثيرات للإيثيلين غير المرغوبة أو الحد من النمو الميكروبي. وقد استطاعت واحدة من الشركات إصدارها كمنتجٍ على شكل ملصق يوضَع على الثمرة يعمل على إطالة حياة الثمرة لمدةٍ تصل إلى 14 يوم. وسادات وصوانى ماصة: من الوسائل التي بدأ انتشار استخدامها وسائد من الميكروفايبر توضع في حاويات الحاصلات البستانية الطازجة مثل العنب، والتي تحتوي على مواد ماصة ومعقمة للحدّ من النمو الميكروبي وكذلك تعمل على خفض معدل التنفس.

أصناف نباتية جديدة: كان من المعتاد إنتاج أصناف نباتية جديدة بحثًا عن مذاقٍ أفضل وإنتاج أعلى. ومع زيادة التحديات التي يواجهها الإنسان من نقص الموارد، أصبح إنتاج أصناف ذات عمر افتراضي وصلاحية أطول أهداف منشودة. على سبيل المثال أطلقت وزارة الزراعة الأمريكية صنف فراولة Keepsake ذات فترة حياة محسنة وصلاحية أطول على الرفوف، 29% منها فقط تدهور بعد أسبوع من التخزين المبرد مقارنة بـ 93% من صنف Camarosa .

التعقيم الآمن: لغذاء أكثر أمانًا فإنّ توفّر مواد طبيعية بديلة للمواد الكيميائية قيمة إضافية، لذلك فاستخدام محاليل لتعقيم الثمار ومضادات ميكروبية من مواد طبيعية كالمستخلصات النباتية يعمل على الحد من النموات الميكروبية وإطالة عمرها التخزيني.


إنّ الحفاظ على المحاصيل أثناء تداولها وتخزينها وإطالة حياة الثمار وإن كان لساعةٍ واحدة، يضمن وصولها طعامًا صالحًا لاستهلاك البشر. وكلما كانت نسبة الهدر والفاقد أقلّ في المحاصيل، كلّما توفّرت خضروات وفواكه طازجة وحبوب عالية الجودة لغذاء البشر.

 

المصادر:

1- https://www.fao.org/3/ac301e/AC301e03.htm
2- https://innovation.wfp.org/project/post-harvest-loss-prevention
3- http://www.postharvest.org/postharvest_food_loss_or_food_waste.aspx
4- https://cals.cornell.edu/news/addressing-world-hunger-reducing-postharvest-food-loss
5- https://www.mckinsey.com/industries/agriculture/our-insights/how-to-reduce-postharvest-crop-losses-in-the-agricultural-supply-chain
6- https://journals.ashs.org/hortsci/view/journals/hortsci/54/2/article-p362.xml

 

تواصل مع الكاتب: sobhyderhab@hotmail.com

 


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

       

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */