من الممكن استغلال الصيام لضبط وتعديل الكثير من العادات الغذائية مما يعود على الجسد بالنفع والفائدة. وتُعَدّ العينان من ضمن الأعضاء التي تتأثّر بالصيام. سوف نستعرض في هذا المقال بعض التغيّرات التي تحدث في العين واستنتاج تأثيرها على بعض الأمراض التي تصيب العين. وقد تمّ استخدام قاعدة البيانات الصحية (PUBMED) لاستخراج النصوص الكاملة للأبحاث المنشورة ذات العلاقة بصيام رمضان، والصيام المتقطع والنظر، أو عضو العين أو أجزاء العين المختلفة (العدسة، والقرنية، والدموع، والجسم الزجاجي، والعصب البصري، والشبكية). إنّ الأبحاث المنشورة أشارت إلى أن للصيام أثرٌ على العيون، لكن هذا الأثر لم تتم دراسته بصورة كافية في المرضى الذين يعانون من أمراض في العين، أو مشاكل في النظر. بل إنّ أغلب الدراسات كانت على أناس أصحاء لا يعانون من مشاكل في العين¹.

ضغط العين

لم يجد بعض الباحثين أيّ تغيّر في مستويات ضغط العين لدى الصائمين.^2–4  بينما وجد آخرون أنّ ضغط العين يرتفع في ساعات الصيام الأولى، وذلك بسبب اعتياد الصائمين على شرب الكثير من السوائل، قبل وقت الإمساك مما يؤثر على ضغط العين.^5,6  ولكن بحلول وقت العصر، فإنّ ضغط العين يعود إلى مستوياته المعهودة. كما وجدوا أن متوسط التغير في ضغط العين خلال اليوم يتراوح بين ١.٦١ إلى ٢،٤٥ مليمتر زئبقي.^5,6 وفي المقابل توصّل باحثون إلى أنّ ضغط العين ينخفض دوماً أثناء الصوم.^7,8  بينما توصلت دراسة من نيجيريا على الأشخاص من ذوي البشرة السوداء إلى استنتاج بأن الصيام يساعد على تخفيض ضغط العين بصورةٍ ملحوظة.⁹  كما خلصت دراسة أخرى إلى أن مستوى ضغط العين لدى مرضى ارتفاع ضغط العين ذات الزاوية المفتوحة في الساعة الرابعة عصراً كان أعلى من مستواه في الأشهر التي تلت شهر رمضان. ولفتت الدراسة نفسها إلى أن انخفاض ضغط العين بنهاية اليوم يكون أقلّ لدى مرضى ارتفاع ضغط العين ذات الزاوية المفتوحة مقارنة بغير المرضى.¹⁰

الدموع

قد يؤدي شرب السوائل بكثرة قبل الإمساك لزيادة إفراز الدموع اللاإرادية.⁵ كما لوحِظ انخفاض في تركيز بعض البروتينات والإنزيمات في الدموع أثناء شهر رمضان بناءً على دراسات الرحلان الكهربائي والكروماتوغرافيا (electrophoresis and chromatography).¹¹ ووجد علماء آخرون أنّ الصيام يؤدي إلى انخفاض انتاج الدموع عموماً بصورةٍ ملحوظة مع زيادة تركيز الجزيئات الذائبة فيها (Osmolarity).^12,13

العيوب الانكسارية

لقد استنتج بعض العلماء أن الصيام في رمضان لا يؤدي إلى عيوب انكسارية ذات أهمية لدى الصائمين الذين لا يعانون من مشاكل صحية.^3,6  ولا إلى تغيّرات لافتة في قيم قياسات القرنية (Keratometry values) أو أبعاد المساحات المختلفة في العين كعمق الشدفة الأمامية وحجم الشدفة الأمامية وسماكة القرنية .^2,4,6,7,13  لكن وجد بعض الباحثين أن صيام رمضان إذا وافق أشهر الصيف قد يؤدي إلى تغيّرات لافتة في عمق الشدفة الأمامية والطول المحوري للعين وسماكة القرنية، مما قد يؤثر على مقاسات العين والقرار الطبي في حال وجود احتمال تدخل جراحي.^6,8,14,15 وبينما لم يجد باحثون من تركيا أي سبب لتأجيل عمل فحوصات العين لما قبل جراحات تصحيح النظر،² اقترح آخرون من إيران أنه قد يكون من الأفضل عمل قياسات العين في غير شهر رمضان.¹⁵

إلتهابات العين

في هذه النقطة، وجد الباحثون زيادةً في علامات ومؤشرات الالتهابات في دموع العين بصورةٍ كبيرة لدى الصائمين. واستنتجوا أنه قد يكون لذلك أهمية لدى المرضى الذين يعانون من التهابات سطح العين أو جفاف العين.¹²

الصيام وشبكية العين

في الولايات المتحدة اكتشف باحثون أنّ ارتفاع السكر بصورةٍ مفاجئة عند الإفطار، بعد فترة صيامٍ طويلة يؤدي إلى تعطل الاقتران العصبي الوعائي في العيون السليمة، مما يُخفض العمليات الأيضية المؤثرة على متطلبات الأكسجين في المستقبلات الضوئية في الشبكية.¹⁶

وتوصّل باحثون من تركيا إلى أنّ الصيام يؤدي إلى انخفاض كثافة الأوعية الدموية المحيطة باللطخة الصفراء (مركز النظر في الشبكية) والعصب البصري بنهاية اليوم قبل الإفطار.¹⁷ وذلك بعكس ما وصل  إليه باحثون في إيران بأن كثافة الأوعية المحيطة بالعصب البصري تزداد في نهار الصيام وتنخفض في المساء بصورةٍ ملحوظة، بالإضافة إلى زيادة تقعر العصب العامودي أثناء فترات الصيام ولكن يعود إلى مستواه السابق عند الإفطار.⁸

وقد اكتشف علماء أنّ سماكة مركز الطبقة المشيمية في العين يزيد زيادة ملحوظة أثناء فترة الصيام.^18,19 وفي الوقت نفسه، لم يُلحظ أو يُسجَّل أي تغيّر في كثافة الأوعية الشعرِية المشيمية السطحية والعميقة ولم يلحظ العلماء أي تغير في قياسات أوعية الدم الشبكية.¹⁸ كما لم تُسجَّل أي تغيرات في سماكة اللطخة الصفراء.¹⁹ في حين وجد باحثون آخرون أن سماكة كل من الشبكية والمشيمة تتناقص خلال النهار أثناء الصيام وأوعزوا ذلك إلى حالة الجفاف ونقص السوائل التي يمر بها الصائم.²⁰

كما وجد آخرون أن الصيام المتقطع قد قلّل بصورةٍ كبيرة من اعتلال الشبكية المركزي المرتبط بالعمر (الاعتلال الشبكي الشيخوخي).²¹ وأشارت مراجعة منهجية إلى أنّ اتخاذ نمط غذائي متواضع مثل حمية البحر المتوسط والتقليل من الطعام عموماً يحمي من اعتلال الشبكية المركزي المرتبط بالعمر، وقد يساعد على تأخير تكون بعض أنواع الساد (الماء الأبيض).²²

وفيما يختص باعتلال الشبكية السكري، فقد توصّل علماء في تجربة داخل المختبرات على الفئران بأن الصيام المتقطع يقلّل من فرص تكوّن الاعتلال الشبكي السكري، حتى وإن لم يكن مستوى السكر التراكمي طبيعياً. وتم تفسير ذلك بحدوث تغيرات في الميكروبيوم لدى هذه الفئران مما يساعد على التحكّم بمستوى السكر داخل الجسم بصورةٍ أفضل.²³

خلاصة

مما سبق نستنتج أن للصوم في الغالب تأثير إيجابي على صحة العين. وقد يؤدي الصوم إلى جفاف العين نسبياً إن لم يتناول الصائم سوائل كافية قبل الصوم. ولكن لا يزال هناك نقص في الدراسات التي تتطرق إلى تأثير الصوم في الحالات المرضية للعين.

المراجع: