للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

مناقشة حول "تشات جي بي تي" والتعليم: هل حظره هو الحل؟

  • محمد معاذ

    باحث وكاتب تقني في مجال الذكاء الاصطناعي

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    09:49 ص

  • تاريخ النشر

    23 يناير 2023

تجيب هذه المقالة على بعض التساؤلات المتعلقة بـ "تشات جي تي" (ChatGPT) وقطاع التعليم.

منظمة المجتمع العلمي العربي

 

تصدّر روبوت الدردشة "تشات جي بي تي" المشهد في أواخر عام 2022، وأثار ضجة على منصات التواصل الاجتماعي. واعتقد كثيرون أنه أكثر فاعلية من محرك البحث جوجل بسبب قدرته على إجراء محادثاتٍ مع المستخدمين، وإعطائهم إجابات سريعة حيال أسئلتهم. وفي هذا السياق، بدأت مدارس تخطّط لحظر "تشات جي بي تي" من أماكن عملها. وهذا ما فعلته إدارة التعليم بمدينة نيويورك الأميركية، حيث منعت إمكانية الوصول إليه من الشبكات المدرسية والأجهزة. وذلك بفعل المخاوف المتعلقة باستخدام روبوت الدردشة من قِبل الطلاب والمدرسين لأداء مهامهم الكتابية، ما قد يشجّع على الانتحال والغش.

هل سيدفع "تشات جي بي تي" الطلاب على القيام بنسخ المقالات؟

من الممكن أن يستخدم الطلاب أدوات معالجة اللغة مثل "تشات جي بي تي" لإنشاء مقالاتٍ منسوخة أو منتحلة. لاسيّما إذا كانت هذه  الأدوات تستطيع إنشاء أعمال مكتوبة لا يمكن تمييزها عن العمل الذي ينتجه الإنسان. لكن من المهمّ ملاحظة أن استخدام المحولات التوليدية المدربة مسبقًا لإنشاء مقالاتٍ منتحلة هو أمر غير أخلاقي، وغير مقبول في الوسط العلمي. ومن المرجّح أن يواجه الطلاب الذين ينخرطون في هذا النوع من الانتحال عواقب مثل الرسوب في الاختبارات، أو حتى  الطرد.

إنّ مسؤولية تجنّب الانتحال، وإنتاج مادة أصيلة تقع على عاتق الطلاب. ومن المهم إدراك أهمية النزاهة الأكاديمية، ويكونوا على دراية بعواقب الانخراط في هذا النوع من السلوك الغير أخلاقي. وهذا يعني أن الطلاب بحاجةٍ إلى معرفة أهمية النزاهة الأكاديمية، والتي يجب أن تكون جزءًا من المنهج الدراسي. كما ينبغي أن يشمل ذلك أيضًا التعرّف على مبادئ الصدق، والثقة والإنصاف والمسؤولية وغيرها، والتي تعتبر ضرورية في العمل الأكاديمي. ويندرج تحتها الاعتراف بعمل الآخرين، وتفادي الانتحال، والاستشهاد بالمصادر بشكلٍ صحيح.

لكن، ما الذي يمكن للطلاب فعله الآن بعد توفّر هذه التقنية وماذا لو جرى احتضانها فعلًا؟

تقول أستاذة الاتصالات والتكنولوجيا "صن صن ليم" من جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم، إنّ أنظمة الدردشة مثل "تشات جي بي تي" لا تحتاج إلى أن تكون "تهديدًا"، لأنها بالإمكان تعزيز تعلّم الطلاب حيث يمكن تكليفهم بتوليد مسودات ومن ثمّ نقدها وصقلها، وتعميق مهارات تفكيرهم النقدي.

هل فعلًا حظر تشات جي بي تي هو الحل؟

علّلت المتحدثة باسم إدارة التعليم في مدينة نيويورك "جينا لايل" لوسائل إعلام حظر روبوت الدردشة "تشات جي بي تي" بالقول: "نظرًا للمخاوف بشأن التأثيرات السلبية على تعلّم الطلاب، والمخاوف المتعلّقة بسلامة المحتوى ودقته، فإنّ الوصول إلى تشات جي بي تي مقيّد على  شبكات وأجهزة المدارس العامة في المدينة". غير أنّ العديد من الخبراء لهم رأيٌ آخر، حيث تشير الكاتبة والتربوية الكندية "جينيفر كاسا تود" إلى أنه لا يمكن العودة إلى مهام الورقة والقلم لأنّ هناك قلق بشأن "تشات جي بي تي"؛ خاصةً وأنّ التكنولوجيا بالنسبة للعديد من الطلاب هي وسيلة أساسية لإثبات تعلّمهم وتحقيق إمكاناتهم. وتشدّد كاسا تود على ضرورة مواصلة المحادثات بين المعلمين وتقييم طرق التدريس بوجود هذه الأداة. وبدلًا من حظرها ينبغي على المؤسسات التعليمية إيجاد طرقٍ لدمج هذا النوع من الأدوات في المناهج الدراسية.

كيف يمكن اكتشاف ما إذا كان الطلاب قد استخدموا "تشات جي بي تي" في كتاباتهم؟

هناك بعض الطرق التي يمكن للمؤسسات التعليمية من خلالها تحديد ما إذا كان الطلاب قد استخدموا الأداة لكتابة أعمالهم. وتتمثّل إحدى الطرق في الاستعانة ببرامج كشف الاستلال مثل "IThenticate"، التي تقوم بمسح المقالات، ومقارنتها بقاعدة بيانات للنصوص الأخرى، بما في ذلك المقالات المقدّمة مسبقًا والمحتوى عبر الإنترنت. وفي حال اكتشف البرنامج مستوى عالٍ من التشابه بين المقال ونصٍ آخر، فقد يشير إلى احتمالية أن يكون المقال منتحَلًا. لكن لا بدّ من الإشارة إلى أنّ برامج الكشف عن الانتحال هذه ليست مضمونة، وقد لا تحدّد دائمًا المحتوى الذي تم إنشاؤه عبر روبوت الدردشة.

خيارٌ آخر يمكن العمل عليه، وهو أن يقوم المدرّسون بمراجعة المقالات بأنفسهم بعناية، والبحث عن أيّ علامات قد تشير إلى استخدام هذا النوع من الأدوات. ويمكن أن يشمل ذلك أشياء مثل: مستوى غير مألوف من التطوّر في اللغة المستعمَلة، أو الافتقار إلى المنظور الشخصي أو العمق في التحليل، وما إلى ذلك.

وصحيحٌ أنه قد يكون من الصعب تحديد ما إذا كان الطالب قد استخدم روبوت محادثة لكتابة المحتوى. ولكن باستخدام مزيجٍ من برامج الكشف عن الانتحال، والمراجعة الدقيقة من قبل المعلمين، يمكن تقليل الاستخدام نسبيًا.

ومؤخرًا، قام طالبٌ يدعى "إدوارد تيان" من جامعة برينستون  الأميركية بتطوير  أداة "تشات جي بي تي زيرو" (GPT Zero)، التي تستخدم الخصائص الإحصائية لتحديد ما إذا كان النص مكتوبًا بواسطة إنسان أو ذكاء اصطناعي. وبحسب تيان، يحلّل التطبيق مزايا مختلفة من النص كانسيابية الصياغة، ووجود أنماطٍ في علامات الترقيم أو طول الجمل، وتكرار كلمات معينة. وقد قام بنشر العديد من دراسات الحالة على منصة تويتر. ولكننا نفترض أنّ هذه الحلول التقنية لا تخلو أيضًا من بعض المحاذير، فكلما كانت نماذج التدريب أكثر ضخامة وقدرة، ازدادت صعوبة بناء البرمجيات القادرة على التمييز بين النصوص التي كتبها البشر وتلك التي كتبتها الآلات.

لطالما كان للتكنولوجيا إيجابياتها وسلبياتها. وتقع المسؤولية على عاتق المستخدمين في كيفية التعامل معها. إنّ اعتبار "تشات جي بي تي" تهديد للتعليم، قد يشكّل فرصة لإعادة التفكير في النظام التعليمي، ومراجعة الإجراءات الحالية، بمعزل عن مبررات المنتقدين لهذه الأداة. ويمكن للمؤسسات التعليمية التفكير جديًا ببدء هذا التغيير، وجعل التعلّم هادفًا للطلاب، وأكثر جاذبية من خلال تغيير أساليب التدريس، والتماهي مع التطورات التقنية حتى لا يصبح الذكاء الاصطناعي مصدر تهديدٍ حقيقي لها.

 

تواصل مع الكاتب: m.maaz@arsco.org​

 


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

      

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

1 التعليقات

  • حسن23 يناير, 202309:15 م

    مقال ممتاز

    أحسنت بارك الله فيك نسأل الله الهداية لما فيه خير وتقدم الإنسان

    رد على التعليق

    إرسال الغاء

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */