يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه
كُن الأول ... لفتح نقاش حول موضوع هذا المقال
10:19 ص
13 يناير 2022
نحن وجميع الأحياء من حولنا نتنفس، ولا يمكننا التوقف وإلا سنفقد حياتنا. إذن، في كل لحظة ندخل إلى أجسادنا كمية من الهواء بما تحمله من أكسجين فيه أساس حياتنا. ولكن، ماذا لو كان هذا الهواء يحمل مصدراً لأمراضنا؟
إن تلوث الهواء أصبح ظاهرة بيئية تسبب الكثير من الأمراض ليس للإنسان فحسب، بل للحيوان والطير والشجر والبيئة بوجه عام، وهذا التلوث قد يكون مصدره بعض الكائنات التي تسبب الأمراض أو الجسيمات التي يحملها الهواء؛ أي أن التلوث قد يكون عضوياً أو غير عضوي، فهو بكلتا الحالتين يعد مصدرا لمشاكل صحية وبيئية كثيرة ومترابطة، وتلوث الهواء قد ينتقل من منطقة إلى أخرى بحسب حركة الهواء والرياح.
ونظرا للتأثير الكبير الذي يسببه تلوث الهواء على الصحة والبيئة والاقتصاد، فقد اهتم العلماء بدراسة آثاره وحركته، وأطلقوا اسم مؤشر نوعية الهواء على مقياس الحالة الجوية لنوع أو أنواع من الملوثات؛ إذ يتم استخدام مؤشر جودة الهواء (AQI) من قبل الوكالات الحكومية للإبلاغ عن مدى تلوث الهواء الحالي أو مدى تلوثه المتوقع، وتتزايد مخاطر الصحة العامة مع ارتفاع مؤشر AQI، كما أن هذه المعلومات توفر للحكومات بيانات لاتخاذ الإجراءات والتخطيط للمستقبل. وتمتلك مختلف الدول مؤشرات لجودة الهواء خاصة بها، وتتوافق مع معايير جودة الهواء الوطنية لديها.
ومما يجدر ذكره أن هناك محطات أرضية في العديد من الدول لقياس جودة الهواء؛ وهي مهمة ومفيدة إلا أنها تقيس جودة الهواء من حولها فقط، ومع تطور تقنيات الأقمار الاصطناعية والاستشعار عن بعد، فقد بدأت الدول في استخدام تلك التقنيات للكشف عن جودة الهواء بمنظور أوسع وأدق. وما تزال تلك التقنيات في تطور مستمر لتحسين الأداء، وقد قام فريق بحثي من جامعة هارفارد بقيادة الدكتور رائد سليمان بنشر ورقة علمية في العدد الرابع من المجلة العربية للبحث العلمي؛ وهي تسلط الضوء على الجيل الجديد من الأقمار الصناعية التي ترصد نوعية الهواء، ويقدمون مقترحاً لتطبيقه على مستوى الدول العربية.
كما تذكر الورقة العلمية أن وكالة الفضاء الأمريكية ناسا اختارت مرصد تلوث الانبعاثات التروبوسفيرية، المعروف بالصيغة المختصرة بـ (TEMPO) "تمبو"، وبهذا يكون أول مرصد من برنامج "مشروع أجهزة قياس الأرض" ليتم إطلاقه إلى الفضاء في نهاية عام 2022؛ إذ سيقيس "تمبو" تلوث الغلاف الجوي لقارة أمريكا الشمالية من الفضاء، باستخدام التحليل الطيفي المرئي والأشعة فوق البنفسجية من مكسيكو سيتي وكوبا إلى منطقة أثاباسكا النفطية الكندية، ومن المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، وذلك في كل ساعة وبدقة مكانية عالية (2 كم غرب/شرق بـ 4.5 شمال/جنوب، عند 35.5 درجة شمالًا و100 درجة غربًا).
ويوفر مرصد «تمبو» قياسات لطبقة التروبوسفير التي تشمل العناصر الرئيسية لتلوث الهواء التروبوسفيري، والعناصر التي تساهم في دورة الكربون، ونظرًا إلى أن المراصد الموجودة في المجال المنخفض للأرض (LEO) لا يمكنها قياس كل نقطة على الأرض إلا مرة واحدة يوميًا، فلذلك ستكون قياسات «تمبو» من مدار ثابت بالنسبة إلى الأرض (GEO)؛ مما سيسمح بقياس كل نقطة في مجال الرؤية في آنٍ واحد، ويتم إجراء قياسات جديدة في كل ساعة من مدار ثابت بالنسبة إلى الأرض؛ وذلك من أجل التقاط التباين العالي الموجود في الدورة النهارية للانبعاثات التي لا يمكن ملاحظتها من الأقمار الصناعية الحالية التي تدور حول الأرض في مدار منخفض (LEO)؛ لأنها تقيس كل مكان في مجال الرؤية مرة واحدة في اليوم، وستوفر أيضاً قياسات «تمبو» من مدار ثابت بالنسبة إلى الأرض مساحات لعينة أرضية أصغر بكثير لحل مصادر التلوث.
ويضيف الباحثون:" هناك ثلاثة مراصد لدراسة الغلاف الجوي للأرض قيد التطوير. في هذه الورقة، نصف مرصد «تمبو"، ونقترح مرصدًا مماثلًا لقياس تلوث الغلاف الجوي للشرق الأوسط في كل ساعة بدقة مكانية عالية جدًا. وسيغطي المرصد المقترح الدول العربية وأجزاء من آسيا وأوروبا؛ إذ مع ازدهار شركات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في الشرق الأوسط، مثل (Yahsat) و(ArabSat) و(NileSat)، والتي تقوم بتشغيل وتخطيط مستقبل مثل هذه الأقمار الصناعية في المدار الثابت بالنسبة إلى الأرض، فهناك الكثير من الفرص لاستضافة حمولة مماثلة لأداة «تمبو» في إحدى مهماتها الفضائية المستقبلية، وستسمح هذه المشاريع المقترحة بجمع قياسات تلوث الغلاف الجوي في كل ساعة، والتي تتضمن الأطياف المطلوبة لاسترداد الأوزون وثاني أكسيد النيتروجين والفورمالديهايد وثاني أكسيد الكبريت والجليوكسال وبخار الماء والهباء الجوي ومعلمات السحب والأشعة فوق البنفسجية (UVB)".
وهذه الصورة تبين قلة المعلومات المتوفرة عن جودة الهواء في المنطقة العربية:
مصدر الصورة: https://waqi.info/ar/#/c/6.627/8.84/3.1z
المرجع
المؤلف: رائد محمد سليمان، شونج شونج و كلي تشانس
المجلة العربية للبحث العلمي - المجلد 2021 العدد 2 ، المجلد 2021 العدد 2
Arabian Journal of Scientific Research - Volume 2021, Issue 2
تواصل مع الكاتب: rsuleiman@cfa.harvard.edu
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة
هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.
الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.
0 التعليقات