للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

دراسة تحذر

النشاط البشري والجفاف يهددان التنوع النباتي في صحراء تونس

  • الصغير محمد الغربي

    صحفي علمي

  • ما تقييمك؟

    • ( 4.5 / 5 )

  • الوقت

    11:08 ص

  • تاريخ النشر

    17 يونيو 2021

الكلمات المفتاحية :

يمثل تغير المناخ والنشاط البشري تهديدا كبيرا للتنوع الحيوي، مما يزيد من معدل انقراض الأنواع ويضعف القدرة على مكافحة التصحر، والحد من الفقر، ويهدد الأمن الغذائي. وتعد المراعي القاحلة من بين أهم النظم البيئية التي توفر مجموعة كبيرة ومتنوعة من الخدمات للمجتمعات الرعوية والزراعية. كما أنها مهمة اقتصاديا نظرا لثرائها الهائل بالنباتات الصالحة للأكل والأعلاف والأنواع الطبية. وقد أظهرت العديد من الدراسات الآثار السلبية للرعي الجائر والجفاف والأنشطة البشرية الأخرى على التنوع الحيوي والأنواع النباتية للمراعي القاحلة. 

في تونس، تحتل المراعي الطبيعية حوالي 5.5 مليون هكتار من مساحة الأراضي التونسية، توجد 38 % منها في محافظة تطاوين جنوب تونس. وعلى الرغم من أن الجهود المبذولة للاستعادة الطبيعية تتزايد بسرعة نتيجة لمشاريع إحيائها، فقد استمرت مساحة المراعي المتدهورة في التوسع واستمرت حدة التصحر في الازدياد.

في دراسة علمية جديدة قام باحثون خلال مارس 2018 بإجراء مسح للتركيب النباتي وتنوع الأنواع للمراعي الطبيعية في تطاوين جنوب تونس بهدف تحديد العائلات النباتية وشكل الحياة وفئة الموائل والاستساغة والنباتات الطبية والعطرية، ودراسة علاقة التنوع النباتي باستقرار المراعي القاحلة والصحراوية.

ونشرت الدراسة التي أجراها باحثون من المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ايكاردا) في دورية "لاند" (Land) العلمية في شهر مارس/آذار 2021.

وجد الباحثون أن الغلاف النباتي في المنطقة يتكون من حوالي 279 نوعا نباتيا وهو أكثر من ضعف عدد الأنواع التي أحصتها دراسة علمية سابقة أجريت عام 2017 لتقييم التركيب النباتي للمناطق القاحلة والصحراوية في جنوب تونس، حيث تلقت المنطقة خلالها متوسط هطول الأمطار (100 ملم) وسجلت تواجد 135 نوعا من النبات فقط.

ويرجع الباحثون هذا التفاوت الكبير إلى أن المنطقة شهدت ربيع 2018 موسماً ممطرا استثنائيا، مما تسبب في ظاهرة تسمى "ازدهار المراعي الصحراوية"، أدت إلى تفتح مجموعة واسعة من الأزهار وتنوع نباتي مرتفع للغاية. وتوفر هذه الظروف فرصة ذهبية لتسجيل أكبر تنوع نباتي في المراعي القاحلة والصحراوية وتحديد الأنواع الرئيسية التي يمكن أن تعيش في هذا النظام البيئي.

وأظهرت نتائج الدارسة أن هذه النباتات تنتمي إلى 58 عائلة نباتية، 54  % منها نباتات سنوية و 46 % نباتات معمرة.

ويعود 65 بالمائة من الغطاء النباتي إلى عشر عائلات فقط هي عائلة النجميات Asteraceae التي سجلت أكبر ثراء من بقية الأنواع، تليها عائلة النجيليات Poaceae ، ثم البقوليات (Fabaceae) ، والقطيفيات (Amaranthaceae)، والكرنبيات (Brassicaceae)، والخيميات (Apiaceae) والشفويات(Lamiaceae) والقرنفليات (Caryophyllaceae) وحمحماوات (Boraginaceae) وأخيرا القريضيات (Cistaceae). ومن بين كل هذه الأنواع، كان  40  % منها مستساغًا (قابل للاستهلاك الحيواني) فيما يستخدم 13 % منها في كل من الطب التقليدي والحديث.

وأشار الباحثون إلى أن العديد من الأنواع السنوية يمكن العثور عليها حصريا في مواقع تتمتع بظروف خاصة (كدرجات الحرارة المنخفضة، أو انخفاض الإشعاع الشمسي، أو زيادة المواد العضوية) في الجبال الصخرية حيث يمكنها الاستفادة من ارتفاع نسبي لهطول الأمطار.

كما لاحظ المؤلفون أن المراعي القاحلة والصحراوية، مع كل موائلها المختلفة (الجبل، السهل، الوادي، الكثبان الرملية) كانت تميل خلال السنة شديدة الأمطار، إلى أن تهيمن عليها النباتات العائمة (سريعة الزوال والحولية). وفي هذه الظروف يكون الغطاء النباتي العشبي هو السائد وإليه تنتمي 73 % من الأنواع، تليها الشجيرات 25 % ، ولا تمثل الأشجار سوى 2 % منه.

هذا الغطاء النباتي الذي ينمو في المراعي القاحلة هو مصدر حيوي لعف الماشية والحياة البرية. وتميزت المراعي التي تم جردها بثراء مرتفع نسبيا في الأنواع، نظرًا لتنوع مجتمعاتها النباتية فقد حجب هطول الأمطار في ربيع عام 2018 تأثير رعي الماشية والجفاف على التكوين النباتي.

وأظهرت الدراسة وجود أكثر من 110 نوعا مستساغا (40%) في النباتات المحلية للمراعي الطبيعية بتطاوين كانت مصادر علف للأغنام والماعز والإبل منذ العصور القديمة. مقابل 21 % من النباتات (58 نوعا) كانت من الأنواع غير المستساغة أو السامة.

علاوة على ذلك، بالإضافة إلى قيمتها الرعوية، تحتوي هذه المراعي على العديد من النباتات الطبية والعطرية القيمة. وأصبحت العديد من العلاجات العشبية التقليدية المشتقة من النباتات الرعوية التي نشأت في المراعي الطبيعية من الأدوية الحديثة. وقد تم اثبات القيمة الطبية لأكثر من 45 نوعا نباتيا موزعة على 22 عائلة نباتية موطنها المراعي القاحلة والصحراوية في تونس.

وكشف مسح الأزهار الذي أجري على المراعي وجود عدد كبير من الأنواع المهددة بالانقراض بسبب الرعي الجائر، وتدهور موائلها. كما تعتبر غالبية النباتات الطبية مهددة بشكل خطير بسبب الإفراط في استخدامها. ومن بين 35 نبات طبي موجود في المنطقة، تصنف ثمانية منها كنباتات مهددة بالانقراض.

ولاحظ المؤلفون أن هذه المراعي تعرضت للتدهور بسبب النشاط البشري مثل الرعي الجائر والظروف المناخية القاسية بسبب الجفاف لفترة طويلة من الزمن، وحالتها العامة آخذة في التدهور. ومع ذلك، لا يزال عدد كبير من الأنواع النباتية ذات أهمية حيوية لصحة الإنسان، وكذلك لتغذية الماشية والحياة البرية. وتتبع هذه النباتات استراتيجيات للتغلب على مثل هذه الظروف القاسية، كقدرتها على السكون والتعامل مع الحرارة الشديدة والجفاف المتكرر لضمان عدم وصول درجات الحرارة الداخلية أو جفاف الأنسجة إلى مستويات منخفضة.

كما أشار الباحثون في هذه الوقة إلى وجود أدلة قوية على أن زيادة التنوع النباتي أمر ضروري للاستخدام المستدام للأراضي عن طريق زيادة غلة الأعلاف والملقحات، وكذلك القضاء على الحشائش والآفات. وأن التنوع النباتي العالي يلعب دورا رئيسيا في الاستقرار الكلي للتربة وتحسين نظام جذر النبات وزيادة المادة العضوية في التربة.

وخلص الباحثون إلى ضرورة وضع برنامج شامل للحفاظ على التنوع البيولوجي يشمل الإدارة المستدامة للمراعي التي توسع المناطق المحمية التي تحتوي على موائل مناسبة للأنواع النادرة والمتوطنة.
 

رابط الدراسة

 

 

تواصل مع الكاتب: gharbis@gmail.com

 


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

    

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */