جاءت تسمية الفطر العفني الأسود نتيجة لما يحدثه في الأنسجة المصابة من تحلل وموت ومن ثمّ تحول لون الجلد عند المصابين للقتامة والإسوداد، لأن الفطر ينمو على جدران الأوعية الدموية، مسبباً إنسداد لسريان الدم وبالتالي حرمان تلك الأنسجة من غذائها الذي يأتيها مع الدم. كذلك فإن اللون يرجع للنسيج بأكثر من لون خيوط الفطر نفسها، وحيث أن الخيوط الفطرية شفافة أي لا لون لها في بعض الأنواع من رتبة فطريات الميوكور والتي تتبع طائفة الفطريات المتزاوجة والمسببة للمرض الفطري ميكورميكوسيس Mucormycosis.

الموت غالباً هو النهاية للإصابة بهذا الفطر، خاصة إذا لم تُعالج بالمضادات الفطرية المناسبة، فضلاً عن التخلص جراحياً من الأنسجة الميتة، حيث أنه وحسب تقرير مراكز مقاومة والوقاية من الأمراض CDC  فإن معدل الوفيات قد يصل إلى 54% . هذا وقد سجلت 101 حالة حول العالم في 2021، 82 منهم في الهند وحدها، بمعدل وفيات 31%، وإجمالي 80% منهم أصيبوا بالفطر الأسود، إضافة إلى أن 76% خضعوا لعلاج كوفيد-19 بالكورتيكوستيرويد وبالأخص الديكساميثازون المثبط للمناعة.

علماً أنه خلال شهر مايو 2020 سجلت 11,717 حالة إصابة بالفطر الأسود في الهند، ومن المعروف أنه وحتى قبل جائحة كوفيد-19،  فإن العدوى بهذا الفطر متواجدة فيها وبمعدل مرتفع يصل إلى 70 مرة أكثر من بلدان العالم الأخرى، ويرجع ذلك للعديد من الأسباب، من أهمها بالطبع إنتشار الإصابة بمرض السكر، وهذا الأخير معروف أنه يُضعف مناعة الجسم، والأمر الأكثر كارثية إذا ما كان هؤلاء قد أصيبوا بكوفيد-19 حتى بعد التعافي منه. ولأنه قد سجلت في الهند 27 مليون حالة كوفيد-19 منذ يناير 2020،  عملت حالات الإصابة الشديدة منها على إضعاف المناعة، مما يترتب عليه جعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالممرضات الإنتهازية والتي تتواجد في الجسم عادة بصورة غير ممرضة، لكن مع ضعف المناعة تتحول تلك الممرضات ومنها الفطر الأسود إلى الصورة الشديدة الإمراضية، وحيث أن حالات كوفيد-19 الشديدة تحتاج للإمداد بالأوكسجين وينتج عن ذلك جفاف في التجويف الأنفي ومن ثمّ زيادة فرصة الإصابة بالفطر. وفي 19 مايو الفائت 2021 سجلت في مدينة سورات Surat الهندية ثمان حالات ميكورميكوسيس من 40 حالة تعافت من كوفيد-19 تركزت الإصابة الفطرية في العين ونتج عنها فقدان البصر.

يتواجد الفطر الأسود عادة في التربة مصاحباً للنباتات والسماد والفاكهة والخضروات والبقايا النباتية المتحللة، وتُحمل جراثيمه في الهواء، و يمكن الإصابة عند استشاق الشخص للغبار والجسيمات الدقيقة التي تحمل جراثيم الفطر أو من خلال الجروح في الجلد، وتنتشر من الأنف للجيوب الأنفية ثم الوجه والفك والعين وأخيراً للمخ والرئتين ومن ثم يمكن أن يهدد حياة المصابين بالسكر وفيروس كورونا المستجد معاً.

صاحب انتشار الإصابة بالفطر الأسود وخاصة في حالات كوفيد-19 الكثير من الأساطير من غير المتخصصين وخاصة على وسائل التواصل الإجتماعي، منها أن عدوى الفطر تنتقل من شخص لآخر أو من خلال اسطوانات الأوكسجين الملوثة وكذا الأجواء الرطبة، وهذا غير صحيح، لأن مصدر الإصابة هو البيئة المحيطة حيث تتواجد جراثيم الفطر كما سبق ذكرها.

أيضاً من المفاهيم الخاطئة والتي إنتشرت، أن تواجد الفطر بين ثنايا الكمامات ومن ثم يكون مصدراً للعدوى، وهذا غير صحيح أيضاً، أضف إلى اللبس أو خلط المفاهيم، وذلك عند ظهور اللون الأسود على بعض الثمار أوالخضروات والتي عادة ما يحفظها الناس في بيوتهم عند درجة حرارة الغرفة أو في البرادات، مثل تغير لون البصل أو الثوم للأسود وهو عادة ما يكون فطر الأسبرجيللس نيجر  Aspergillus niger  الغير ممرض.

المراجع:

• Mucormycosis in COVID-19: A systematic review of cases reported worldwide and in India
• Mucormycosis Statistics
• Biotic Environments Supporting the Persistence of Clinically Relevant Mucormycetes

تواصل مع الكاتب: redataha962@gmail.com

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة