للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

اليوم الدولي للحد من الكوارث

لا بد لنا من التعرف على ماهية الكوارث الطبيعية والإجتماعية

  • الكاتب : هيثم الناهي

    مدير عام المنظمة العربية للترجمة

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    06:32 م

  • تاريخ النشر

    11 أكتوبر 2016

لنا وقفة في اليوم العالمي للكوارث، ولكن لا نريد أن تكون كتابتنا نمطية دبلوماسية من دون تقديم معلومة تنفع وذاكرة للذود عن الطبيعة تشفع، ولذات العلم تنبع. ومن خلال هذا المنطلق لا بد لنا من التعرف على ماهية الكوارث التي منها طبيعية ومنها اجتماعية. لعلنا في جوهر كلامنا، نسوق النية في مسار معرفة الكارثة الطبيعية ومؤثراتها وترسباتها التي تتوازى مع النهضة والتنمية باضطراد طردي، يظهر في المجتمع الذي يرعوي لمفهومها ومعطياتها وتحدياتها، خصوصاً نحن في أوطان أو بقعة أرض تكاد تنسى الكارثة، إلا في حالة الحزن لساعات وأيام.

لعلنا نبدأ بالكوارث الطبيعية التي هي من فعل الطبيعة، ومع هذا فإن المنظومات البيئية كثيراً ما تؤدي إلى كوارث بفعل عمل الإنسان ذاته وتطلعاته، التي تروم للوصول إلى مكسب وراحة. وهنا لا بد أن نتذكر الكوارث ذات الأصل المناخي وعواملها المناخية، فتتجسد بالفيضانات والعواصف والثلوج، أو إنها تتجسد بالجفاف والحرائق والرياح الساخنة والرملية. وهنا لا نريد أن نتدخل بالمفهوم العلمي ودوره في حساب تلك الكوارث المناخية نتيجة زيادة الحرارة أو ارتفاعها بقدر ما نبحث عن السبب والمسبب ولربما عن الحل في أتون هذه الأمور. ولعل مثل هذه الكوارث نجزم بكل حق هي نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري والناتج بما أُعطينا من قوة من فعل الإنسان لتجريفه الأشجار وارتفاع نسبة غازات الدفيئة بالكون فسببت ما سببت من هذه الكوارث التي كانت غير معروفة لدى الإنسان.

لقد تظافرت مأساة الاحتباس الحراري في تأزيم الكوارث الطبيعية بجفافها وثلوجها المدمرة وانحسار المياه الصالحة للشرب لديمومة الحياة، مع الكوارث الأرضية التكوينية التي هي مرتبطة بجيولوجيا الأرض والمتمثلة بالبراكين والزلازل والهزات الأرضية. وفي خلال العقود الأربعة الأخيرة من عمر هذا الكوكب شهد العالم كوارث طبيعية بركانية زلزالية مدمرة نذكر منها تسونامي شمال شرق آسيا، وما حدث من اجتياح زلزالي لليابان قبل خمسة أعوام. حقيقة هذه الثورة البركانية المدمرة أحدثت أمهات الكوارث، وهنا لا يمكن استبعاد يد الإنسان من هذا كله، خصوصاً وإن الهمجية الصناعية تحاول دون متسق استخراج ما في باطن الأرض من دون الاكتراث للحيلولة دون الانهيارات الأرضية، نتيجة تخلخل التكوين الجيولوجي للأرض.

هناك كوارث يتعرض لها الإنسان منذ القِدم لا هي كونية ولا مناخية، بل هي يمكن تسميتها بالكوارث البيولوجية كما هو متفق عليه علمياً عالمياً. هذا النوع من الكوارث يتمثل بالأمراض الفتاكة التي تصيب منطقة ما وتقضي على أُناسها بالإصابة والموت، فتكون الدولة في مصيبة لا مفك منها مثل مرض الملاريا والطاعون الذي أصاب العالم فيما سبق، وآخرها. ولكن مع التطور الصناعي والهندسة الجينية واستخداماتها غير اللائقة أخلاقياً وعلمياً في بعض المواضع، واتساع رقعة التجارب البيولوجية في المختبرات، ونشاط الأدوية المعالجة للأمراض، ظهرت أمراض كارثية مازال العالم يخوض في بنيانها والتي منها مرض الأيدز الذي أصاب ما يقارب 17000 شخص في أفريقيا عام 2000م وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير وغيرها. وهنا لا بد أن نفهم أن الكوارث البيولوجية هي أدهى وأعمق من غيرها من الكوارث، لكون فهم الإنسان بأنه تطور من دون الأخذ بالاعتبار بتطور الكائنات الحية الأخرى، هو فهم ناقص. فكما الإنسان يطور دورة حياتها نتيجة تفاعله مع البيئة فإن الكائنات الحية الأخرى تطور نفسها لاستخراج أجيال بيولوجية أخرى.

السؤال المطروح هنا هو، كيف يمكن للعالم مواجهة هذه الكوارث، أو بالأحرى كيف تمت مواجهة هذه الكوارث، على الأقل في الأربعين سنة الماضية؟ ومما لا شك فيه، على الأقل للتسويق الإعلامي، اعتبرت جميع الدول أن مواجهة الكوارث الطبيعية هي إحدى القضايا الدولية المعاصرة، وذات أهمية في تفعيل التعاون الدولي وتفعيله، ولكن في أحسن الظروف تأطر هذا التصريح فقط في تقديم الإغاثة الإنسانية بعد أي حدث كارثي، ليس إلا. فرغم وجود العديد من المنظمات المهتمة بمعالجة الكوارث الطبيعية، إلا أنها لا تتعاون على الردع والإنذار المبكر لحدوث الكارثة وأخذت منحاً تجارياً أكثر منه إنسانياً، وهذه كارثة طبيعية، يمكن ملاحظتها من الاتفاقات والاعتراضات على ظاهرة الاحتباس الحراري منذ معاهدة كيوتو ومروراً في كوبن هيكن وأخيراً باريس في العام الماضي. ولعل في مخاض عدم الاتفاقات في كيفية مواجهة الكوارث بين الدول الكبرى ذاته المسبب الأول في بعض التغيرات المناخية، على الأقل الكوارث المناخية والبيولوجية، نجد أن ضحيتها هي الدول النامية التي تتعرّض لأخطار مرتبطة بالمناخ مثل التصحر أو الفيضانات. فعل سبيل المثال تعجز بنكلاديش التي تغمرها الفيضانات بين حين وآخر عن إنذار السكان بقرب حدوث الكارثة، لانعدام التكنولوجية اللازمة ووسائل تنظيم إجلاء السكان.

هناك كوارث حقيقية يمر بها العالم هي أكبر وأسمى مما ذكرنا وقد تكون عابرة إلى أنواع الكوارث التي ذكرناها سلفاً. هذه الكوارث لا يمكن أن يشعر بها العالم نظراً لوحشية البعض تجاه الربح وتجاه السلطة والسيطرة والنفوذ. هذه كوارث كل كارثة منها تسبب كوارث متراكمة لا يمكن معالجتها إلا باستئصال الكارثة الأم. إنها الحروب التي تلفّ العالم من شماله إلى جنوبه وبعد ذبح وقتل تكون النتيجة تلوث بيئي من الأسلحة، أرامل وأيتام ومعوقين وأمّيون وغير متحضرون ومجاعة وعدم استقرار وولادة الجريمة والإتجار بالبشر وغيرها من الكوارث، يسميها البعض أمراض، تؤدي إلى انهيار العلم الأخلاقي العالمي. إن كل واحدة من هذه المأساة تساوي أي كارثة حدثت للعالم عبر السنين. لذا لا بد من التوجه نحو إضافة كارثة جديدة إلى الكوارث المعترف بها علمياً واجتماعياً وهي كوارث الحروب وكيفية علاجها ليعيش الإنسان شامخاً مطمئناً أين ما حل على هذا الكوكب الذي دمره الإنسان ووحشيته قبل أن تدمره الكوارث المناخية والتكوينية الجيلوجية، والبيولوجية.

 

بريد الكاتب الإلكتروني: alnahih@aot.org.lb

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */