للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

الموجة الثانية من كورونا وطفراتها

  • الكاتب : دكتور رضا محمد طه

    أستاذ مساعد في الميكروبيولوجيا - جامعة الفيوم/مصر

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    02:01 ص

  • تاريخ النشر

    22 سبتمبر 2020

الكلمات المفتاحية :

عند تضاعف الفيروسات، تنتج أعداد كبيرة من الفيرسات النسل، ودائماً يصاحب عملية نسخ الحمض النووي حدوث طفرات في جينوم هذه الفيروسات، ومن ثم ظهور نسخ متشابهة quasispecies للفيروس الواحد، وهي خاصية هامة للفيروسات للحفاظ على نوع سلالات الفيروس.

لذا نرى إختلاف وتباين في عدد السلالات وتحت السلالات للفيروس الواحد serotypes وذلك حسب نوع الفيروس وطبقا لإستجابتها المناعية. تلك الظاهرة منتشرة في الفيروسات التي تحمل جينوم آر إن إيه RNA مثل فيروس كورونا المستجد والإنفلونزا، لأن أخطاء عملية نسخ الحمض النووي في هذه النوعية من الفيروسات تحدث بمعدل كبير مقارنة بفيروسات دي إن إيه DNA، بسبب أن هذه الأخيرة يصاحبها آليات تصحيح أخطاء النسخ فيها، لذا فإن التنوع في مجتمع تلك الفيروسات أقل كثيراً عنه في فيروسات آر إن إيه، وعموماً كلما زاد حجم جينوم الفيروس، قل معدل التطفر فيه.

وحتى لا ننزعج مما يحدث من طفرات كثيرة وبصورة مستمرة، وخاصة في فيروسات آر إن إيه،  فإن غالبية تلك الطفرات تكون غير ممرضة، وهذه رحمة من الله بالإنسان والحيوان. الأخطاء التي تصاحب عملية النسخ وما ينتج عنها من طفرات، لها حدود أو عتبة threshold، وتكمن المشكلة إذا كانت الطفرات تحت العتبة أو فوقها بصورة كبيرة، لأنها إذا كانت أقل من تلك العتبة فإن الطفرات الناتجة-سلالات الفيروس-ستصبح غير قادرة على البقاء ومن ثم سوف تتدهور وتنتهي، في المقابل إذا فاقت وتخطت العتبة فسوف تفقد بالتالي قدرتها الإمراضية، من أجل ذلك توجد آلية تسمى "بالسقاطة ratchet" وهي بمثابة فرامل -عند اللزوم- توقف استمرار حدوث وتراكم الطفرات من أجل أن يحافظ الفيروس على نوعه، ومن ثم يحدث دائماً أن تكون الطفرة قريبة من العتبة بحيث ينتج عنها تنوع في السلالات الناتجة عن تضاعف الفيروس.

ولأن تراكم الطفرات مع الوقت قد يؤدي إلى تغيير في بروتينات الفيروسات، والذي يترتب عليه حدوث تغيير في مكان أو أماكن على سطح الفيروس تسمى epitopes، مما قد يؤدي بسلالات الفيروس النسل أن تنجح في الإفلات من خلايا الجهاز المناعي عند إصابتها للجسم مرة ثانية، حيث كانت طبوجرافية السلالة الأصلية معروفة سابقاً للجهاز المناعي للجسم، وعليه فإن قدرات الفيروس الإمراضية قد تزيد في الفيروسات النسل. على سبيل المثال، لاحظ العلماء أنه بحدوث تغيير في حمض أميني واحد في غلاف فيروس شيكونجونيا Chikungunya virus وهو من فيروسات آر إن إيه، ينتقل عن طريق البعوض ويصيب الإنسان ويسبب حمى وآلام بالمفاصل، فإن هذا التغيير البسيط قد أسفر عن قدرة الفيروس للإنتقال بنوع آخر من البعوض وهو Aedes albopictus بعدما كان ينتقل بنوع واحد فقط وهو Aedes egypti، مما ترتب عليه زيادة واتساع في إنتشاره وتفشيه حول مناطق كثيرة حول العالم والتي يكثر فيها البعوض.

فيما يخص كوفيد-19، ومنذ عدة أشهر صرح العلماء بحدوث طفرة في بروتين أشواك فيروس كورونا المستجد SARS-CoV-2، وسميت ب"D614G"، تلك الطفرة اكتشفت في فبراير الماضي وصرحت بها منظمة الصحة العالمية، هذه الطفرة جعلت الفيروس من وجهة نظر بعض الباحثين أكثر إمراضية للخلايا البشرية، حيث زادت من سهولة إلتصاق أشواك الفيروس بمستقبلات إيسي تو ACE-2 الموجودة في أماكن من جسم الإنسان وخاصة الممرات التنفسية والرئة ومن ثم زيادة في إنتشار الفيروس والعدوى.

الطفرات التي تحدث لغالبية فيروسات آر إن إيه، تؤثر سلباً على صناعة اللقاحات، وهو ما يفسر سبب وجوب أخذ لقاح الإنفلونزا سنوياً حسب التغييرات والطفرات التي تحدث في سلالات الفيروس والتي تثبت في السلالة الشائعة عالمياً ويستقر عليها علماء الفيرولوجي وينتج لقاح متخصص لها.

بالنسبة للموجة الثانية من فيروس كورونا المستجد، والتي يكثر حالياً الحديث والجدل حولها، فلا توجد حقائق أو أبحاث تؤكد على بدء إنتشارها، بالرغم من الأنباء التي تفيد بزيادة عدد الإصابات حالياً في بعض البلدان حول العالم. عموماً، تحذير شديد من قبل العلماء من حدوث موجة ثانية يصاحبها إنتشار كبير لكوفيد-19، خاصة في فصل الشتاء القادم، حيث يزيد المناخ والرطوبة من فرصة إنتشار فيروس كورونا المستجد بصورة كبيرة، وليس في مقدرة العالم بما فيه من علماء وإمكانيات من عمل شيء يوقف الجائحة، سوى إلتزام الأشخاص بالتدابير الإحترازية للوقاية، ومعها أمنيات الميليارت حول العالم كي يتم إنتاج لقاح جيد وفعّال ليكون متاحاً وفي متناول الجميع.


المراجع

 

 


البريد الإلكتروني للكاتب: redataha962@gmail.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */