للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

هل المصريون أحفاد كائنات فضائية؟

  • الكاتب : د. طارق قابيل

    أستاذ التقنية الحيوية المساعد

  • ما تقييمك؟

    • ( 1 / 5 )

  • الوقت

    09:54 ص

  • تاريخ النشر

    06 أكتوبر 2016

وسط الكَمٍّ الهائل مِن الكتابات والدراسات والأبحاث التي تزخر بها الإنترنت، يتوه القارئ غير المتخصص في هذا الخضم الشاسع والواسع، الذي يحتاج إلى قارئ مستيقظ وواعٍ وحاضر البديهة، ليُمَيِّز الغثَّ مِن السمين، والنافع مِن الضار والفاسد مِن الصالح. قرأتُ مؤخراً دراسةً يتم تداوُلها بكثرة على شبكة الإنترنت، وقد كدتُ أقتنع بها بسبب عدم تدقيقي في الحجج الكثيرة التي ساقتْها هذه الدراسة الغريبة، خاصة وأن العديد من المواقع الأجنبية والعربية تداولتْ هذه الدراسة بكثافة، وكأنها نتائج بحث علمي موثق، إلا أنني راجعتُ هذه الورقة وتبيَّن لي زيفها وعدم استنادها على معطيات علمية ومنطقية.

حسب الدراسة المزعومة فقد توصلتْ نتائج دراسة جينية جديدة، إلى أن الفراعنة المصريين كانوا يرتبطون جينيًا بالكائنات الفضائية التي نشأتْ في أماكن مختلفة  مِن الكون. وتؤكد المعطيات الموجودة أن "ستيوارت فليشمان"، وهو أستاذ مساعد في عِلم الجينوم المقارن في الجامعة السويسرية بالقاهرة، نشر هو وفريقُه مؤخرًا، نتائج دراسته التي استمرت سبع سنوات، قاموا فيها بدراسة الحمض النووي، لتسعة من قدماء المصريين في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ومن بينهم أخناتون. ليتوصلوا إلى أنهم ينتمون إلى كائنات فضائية هجينة، بسبب تعرضهم لتلاعب كبير. تقترح الدراسة الوراثية المزعومة أن فراعنة مصر القدماء كانوا هجيناً بين كائنات بشرية وكائنات فضائية. ويدعى البعض أن هذه النتيجة تعد دليلًا قاطعًا على أن بناة الأهرام كان لهم علاقة قوية بالكائنات الفضائية التي نشأت في أماكن أخرى من الكون الفسيح. وتشير الدراسة أن أسلاف الفراعنة المصريين تعرضوا للتلاعب الجيني المتعمد من قبل حضارة متقدمة من الناحية التكنولوجية.

وتؤكد الدراسة المزعومة على أن ستيوارت فليشمان وفريقه نشروا مؤخراُ العينات الثمانية من الحمض النووي القديم لعملية تفاعل سلسلة البوليميرات (PCR)  الشهير. وغالبا ما تستخدم هذه التقنية في مجال البيولوجيا الجزيئية لتكرار وتضخيم نسخة واحدة من قطعة من الحمض النووي، وإعطاء الباحثين صورة واضحة عن البصمة الوراثية لشخص ما. وبحسب المنشور فقد أظهرت ثمانية عينات من أصل تسعة عينات نتائج مثيرة للاهتمام ولكنها نموذجية. وتنتمي العينة التاسعة لأخناتون، لغز القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ووالد توت عنخ آمون. واستخدموا جزءًا صغيرًا من أنسجة المخ المجفف، كمصدر لعينة الحمض النووي، وتكرر الاختبار باستخدام أنسجة العظام، ولكن تم الحصول على نفس النتائج.

وبحسب الدراسة المزعومة يبدو أن جيناً يُسمى CXPAC-5، المسؤول عن نمو القشرة، هو المسؤول عن النشاط المتزايد في جينوم أخناتون، ويقترح الباحثون أن هذا الجين لديه قدرة أعلى في الجمجمة بسبب الحاجة لإيواء قشرة أكبر. يوضح البروفسير فليشمان قائلاً: "لا يُستهلك التيلوميريز [إنزيم وراثي] إلا من خلال عمليتين: شيخوخة متطرفة، وطفرة متطرفة. وتشير البيانات الجينية والأثرية إلى أمنحوتب الرابع/ اخناتون، عاشا نحو 45 عاما من العمر. ومن المعروف أن هذه المُدة لا تكاد تكفي لاستهلاك كل إنزيمات التيلوميريز الكروموسومية، تاركا وراءه تفسيراً واحداً غير مريح لكنه ممكن. ويدعم هذه الفرضية أيضاً أن التحليل المجهري الإلكتروني – حسب الدراسة المزعومة- كشف علامات ندبة نيوكلوتيدية، التي هي علامة منبهة لالتئام حلزون الحمض النووي بعد تعرضه لمطفر قوي.

فهل يشير هذا إلى أن أخناتون، وهو واحد من الفراعنة الأكثر غموضًا في تاريخ مصر القديمة، قد تعرض للتعديل الجيني في حياته؟ هذا الادعاءُ يدعم النظرية القائلة بأن كائنات فضائية قديمة، قد زارت الحضارة التي عاشت على طول ضفاف نهر النيل. ويُوفر دليلا آخر مثيرا للاهتمام دعماً لهذه الفرضية؛ حيث (طبقًا للدراسة المزعومة) أظهرتْ صورتان مجهريتان من الأنسجة العظمية لعينات من جمجمة أخناتون ولمومياء أخرى من نفس الفئة العمرية أنسجة العظام أكثر كثافة بكثير، وتختلف اختلافا جوهريا على نطاق نانوي. فهل يمكن لهذه الزيادة في قوة عظام الجمجمة أن تكون مؤشراً على زيادة نمو المخ؟

لقد توصلوا لنفس النتائج التي أوضحتْ النشاط المتزايد في الجينوم الخاص ببعضهم، وتحديدا أخناتون، مما يؤكد حدوث تلاعب جيني قديم بهذه المومياءات، ومن الممكن أن يكون قد تم عن طريق كائنات خارجية عن كوكب الأرض .ووفقاً لما أكدته الدراسة، فقد تعرض أخناتون لتعديل جيني في حياته، ويدعم هذا الادعاء النظرية القائلة بأن الكائنات الفضائية الغريبة زارت الحضارة المصرية القديمة التي عاشت على طول ضفاف نهر النيل. وقال فليشمان للصحافة: "هذا هو الاكتشاف المثير، على أقل تقدير". ... "قدمتُ أنا وفريقي أبحاثَنا العلمية إلى التحكيم العلمي، وأجرينا وأعدنا إجراء الاختبارات عدة مرات، ونحن واثقون بأن الاختبارات دقيقة. ... "أنا لا أعرف المعنى الضمني الكامل لنتائجنا التي توصلنا إليها، ولكنى أعتقد بالتأكيد أنه يجب على الأقل أن نشير للأوساط العلمية إلى اتجاه كان يجب رفضه على الفور قبل بضعة عقود."

ولكن ما هي الطفرة التي قد تسبب النمو في الدماغ البشري؟

لم تُكتشف هذه الطفرة حتى الآن، على الرغم من مرور سنوات من الاختراقات في علم الوراثة. وهل يمكن أن تشير هذه الأدلة التي مر عليها 3300 عاماً، إلى أن هناك تلاعباً جينياً قديماً؟ وهل كان هذا العمل من تدبير كائنات فضائية متقدمة خارج كوكب الأرض. وهل الأساطير في مصر القديمة يمكن أن يؤثر في العلوم إلى هذه الدرجة؟

المفاجأة

فرضية باليوكونتاكت وتعني (اتصال قديم جداً) هي فرضية تزعم بقيام كائنات ذكية من خارج كوكب الأرض بزيارة الأرض في العصور القديمة، في فترات ما قبل التاريخ  وأجرتْ اتصالات مع البشر القدامى. ويشير أنصار هذه الفرضية، إلى أن هذه الاتصالات كان لها تأثير كبير على الأديان والمجتمع. وهناك فكرة مشتركة للفرضية تقول بأن أن الآلهة القديمة في معظمها، إن لم تكن كُلُّها، هم في الواقع من خارج الأرض، وأنهم استعملوا تكنولوجيات متطورة، إلا أن البشر الأرضيين فهموها بشكل خاطئ فبدل أن يُفسرُها تفسيراً علمياً، قاموا بعبادَتِها، ومنحوها مكانة مقدسة. وقد شاعت هذه المقترحات، لا سيما في النصف الأخير من القرن العشرين، من قبل كتاب مثل إريك فون دانكن، وجورجيو تسوكاليس، زخريا سيتشين، روبرت تمبل، ديفيد آيك، وبيتر كولوسيمو و أنيس منصور. ولكن هذه الفرضية لا تؤخذ على مَحمل الجد من قبل معظم الأكاديميين، كما أنها لم تحظَ بأي اهتمام علمي، كما أنها معدومة الأثر في الأبحاث والنشرات التي تعتمد على مبدأ استعراض الأقران. وقد استخدمت على نطاق واسع من باب نظريات المؤامرة أو في كتابات الخيال العلمي.

ويعتقد أنصار فكرة الفضائيين القدامى، أن البشر هم إما أحفادُ كائنات فضائية، أو هم نِتاج تعديلات جينية قامت بها هذه الكائنات منذ آلاف السنين. ومن الأفكار المرتبطة بها، هي أن الكثير من المعرفة البشرية المتوارثة منذ القدم، سواءً المأخوذة من الدين أوالثقافة، قد جاءت من خارج الأرض في آخر العصور القديمة، وأن الكائنات الفضائية القديمة كانت بمثابة "الثقافة الأم". كما يعتقد أنصار هذه الفكرة، أن الكائنات الفضائية هي من قامت ببناء العديد من الهياكل على وجه الأرض مثل الأهرامات في مصر وحول العالم، وأساسات هياكل بعلبك في لبنان أو تماثيل رؤساء الحجر في جزيرة القيامة، ويعتقدون أن البشر ساعدوا في بنائها. وإذا كانت هذه الدراسة صحيحة، فإنها كانت ستؤدي إلى نقلة نوعية غير مسبوقة. لأنه إذا كانت الكائنات الفضائية منخرطة بنشاط في حياة البشر منذ آلاف السنين، فهل هذا يعني أنها سوف تعود؟ أو أنهم موجودون معنا حقيقة لم يتركوا الأرض على الإطلاق. ولكن الجانب الأكثر أهمية هو وجود أحفاد النسب الملكي المصري القديم، الذين لا يزالون يمتلكون الجينات الأجنبية المزروعة في جينوم أجدادهم.

بعد القيام بمراجعة علمية دقيقة ومكثفة للدراسة المزعومة، لم أجد لها أي أثر علمي، ولا يوجد أيُّ أثرٍ لِـ"ستيوارت فليشمان"، الأستاذ المساعد في علم الجينوم المقارن الذي تمتْ الإشارة إليه في هذا البحث، فضلا عن أنه لا توجد جامعة سويسرية بالقاهرة، ونفتْ السفارة السويسرية بالقاهرة أن تكون هناك أي فروع لأية جامعة سويسرية (حكومية أو خاصة) في مصر. مما يثير الشك حول هذه الدراسة، ويؤكد أنها دراسةٌ وهمية جاءت في محاولة لتطبيق أحدث ما وصلتْ إليه التقنيات الجزيئية البيولوجية الحديثة، لتأكيد واحدة من أكثر الأفكار الغريبة إثارة للجدل وهي فرضية اليوكونتاكت السابق ذكرُها، دون وجود أي أثر علمي تجريبي حقيقي على أرض الواقع. وبالتالي لا يوجد أي دليل علمي ملموس على أن المصريين أحفاد كائنات فضائية.

المصدر

 

بريد الكاتب الإلكتروني: tkapiel@sci.cu.edu.eg

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */