يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه
طبيعة الرسائل التي أدّت إلى معرفة مسببات الشعور
كُن الأول ... لفتح نقاش حول موضوع هذا المقال
10:42 ص
06 يونيو 2020
أسئلة تكررت كثيراً، كيف يعمل هذا الجسم البشري بهذا القدر من التناغم والتنظيم؟ فلماذا تشعر بالخوف حينما ترى كلباً راكضاً في تجاهك؟ وما سر الإحساس باللهفة والسعادة عندما ترى أحد المحببين إليك؟ فكن على علم عزيزي القاريء، أنت لست أول السائلين!
الأموال أولاً
في عام 1894م كان العالم الإنجليزي "إدوارد ألبرت شاربي" المتخصص في علم وظائف الأعضاء يجري بعض التجارب على الغدة الكظرية "الغدة الفوق كلوية"-وهي غدة توجد أعلى الكليتين-ومن خلال هذه الدراسات والتجارب وجد إنه عندما يتم حقن حيوان بمستخلصات الغدة يحدث إرتفاع مفاجيء في معدلات ضغط الدم ولكنه ظن أنها نتيجة مثيرة للإهتمام ومع الأسف لم يعطِ تفسير علمي لتلك النتائج. وفي عام 1898م قام عالم العقاقير الأمريكي "جون أبيل" بدراسة مستخلصات هذه الغدة لمعرفة تركيبها الكيميائي وأطلق عليها اسم "إبينيفرين" وهي كلمة إغريقية تعني "فوق الكلى" إشارة منه إلى المكان الذي تخرج منه وهي الغدة الكظرية.
وكان للعالم الكيميائي الياباني "جو كيتشي تاكاميني" رؤية مختلفة في بداية عام 1900م وتوجه إلى إقامة معملاً بنيويورك لإنتاج مادة "الإبينيفرين" بغرض تجاري وأطلق عليها اسم "الأدرينالين".
التغلب على الثوابت العلمية
ومن حسن الحظ أن "وليان بايليس" و"إرنست ستارلينج" الباحثين بجامعة "كلية لندن"، أجريا بعض التجارب خاصة فيما يتعلق بآلية إفراز البنكرياس لعصاراته الهاضمة، فوجدا أنه يفرزها فور خروج الطعام من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة. وكان لديهما سؤالاً محيراً ألا وهو كيف علم البنكرياس أن الطعام قادم وأفرز عصارته الهاضمة في هذا التوقيت بالتحديد؟
كان من المعروف في تلك الآونة بين الأوساط العلمية أن المتحكم الأوحد في الجسم هو الجهاز العصبي الذي يرسل الأوامر إلى الأعضاء في صورة إشارات كهربية من خلال الخلايا العصبية المنتشرة في أنحاء الجسم، ولكن "بايليس" و"ستارلينج" قررا تحدي هذه الثوابت المتعارف عليها موقنين بأن العلم التجريبي لا تعيقه الثوابت، وقاما بإجراء نفس التجربة السابقة على بنكرياس كلب ولكن بعد قطع جميع الإتصالات العصبية الواصلة له، فلوحِظ أنه عند خروج الطعام من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة يقوم البنكرياس بالفعل ذاته ويفرز عصارته الهاضمة في نفس التوقيت، فأدرك العالمان أن هناك نوع آخر من الرسائل لها طبيعة غير عصبية تصل للأعضاء لحثها على القيام بعملها، وبعد التدقيق أثبتا أن تلك الرسائل ذات طبيعة كيميائية مما أثار الدهشة بين العلماء.
وفي سبتمبر عام 1902م قام "بايليس" و"ستارلينج" بنشر الورقة البحثية الخاصة بهما والتي توثق وجود رسائل كيميائية -عوضاً عن الرسائل العصبية الكهربية- تفرز من جدر الأمعاء الدقيقة فور وصول الطعام إليها فتصل الرسائل إلى الدم، ومنه إلى البنكرياس لتحفزه على إفراز عصارته الهاضمة.
الرسائل الكيميائية التي يتواصل بها أعضاء الجسم فيما بينهم
وفي عام 1905م أطلق العالم "إرنست ستارلينج" لفظ "هرمون" -كلمة إغريقية تعني الرسائل المنشطة-على تلك الرسائل الكيميائية الموجودة بالجسم مما أدّى إلى فتح مجال بحثي واسع أمام العلماء للبحث عن المزيد من الهرمونات ومن أين تفرز؟ وإلى أين تتجه؟ وما وظيفتها؟ الأمر الذي أدّى إلى اليقين بوجود مجموعة من الأعضاء المفرزة "الغدد" التى تعمل في تناغم لتنظيم الشعور والعمليات الحيوية داخل الجسم، وتسمى "جهاز الغدد الصماء" وهو الجهاز الذي يشترك مع الجهاز العصبي في إدارة الجسم.
فمثلا هرمون الأدرينالين ويطلق عليه هرمون الطواريء الذي اكتشفه "جون أبيل" و"تاكاميني" يفرز من الغدة الكظرية في حالات الطواريء مثل الخوف أو الإثارة أو الغضب، فيسري بالدم حتى يصل إلى وجهته النهائية، فيؤدي إلى إرتفاع مفاجيء في معدلات ضغط الدم وسرعة ضربات القلب ويزيد معدل التنفس والتمثيل الغذائي ليمد الجسم بالطاقة اللازمة للتصرف في هذه المواقف.
هرمون الأوكسيتوسين ويطلق عليه هرمون الحب والذي يفرز من الغدة النخامية عند رؤية الأشخاص المحببين، فيسري بالدم حتى يصل إلى وجهته النهائية فيؤدي إلى الشعور بالحب والسعادة والألفة.
لذلك يعود الفضل في إكشاف أكثر من ثلاثين هرموناً مختلف المنشأ والوظيفة إلى "بايليس" وبالتأكيد "ستارلينج".
ويبقى السؤال: الشعور يؤدي إلى إفراز الهرمون أم الهرمون يتسبب في وجود الشعور؟
المصادر
البريد الالكتروني للكاتب: hassanatef2014@gmail.com
هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.
الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.
2 التعليقات
عماد عادل قحطان11 يونيو, 202005:07 م
سعيد جداً لقراءة مقالتك
أشكرك كثيراً على هذه المقالة العلمية التي أختصرت لي الكثير، أنا أدرس صيدلة سريرية ولطالما كان لدي تساؤلات كثيرة عن كيفية عمل الجسم وهل العقل من يقود الجسم أم أن الجسم يقود نفسه؟ وزادت التساؤلات عندما أخذنا الأمراض النفسية ونظريات آلية حدوثها التي لم يتمكن العلم من اثباتها الى اليوم بفحوصات دقيقة. فالدوبامين هرمون واذا ارتفع عن الحد المطلوب في الدماغ فإنه يدخل الانسان في اعراض ذهانية سيكتزوفرينيا. انا حاولت مرة أربط كيمياء الدماغ بالروحانية.. لماذا توجد ممارسات تختلف من ثقافة لأخرى ومن ديانة لأخرى ولكنها تنتهي بنفس الحاصل الشعوري أي تنتهي بسكينة وسعادة مثلاً.. هل لأن هذه الممارسات تحفز الدماغ على إفراز السيرتونين مثلا فيسبب لنا هذه السعادة!