للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

تحلية مياه البحر بالطاقة الحرارية الشمسية

  • د. موزة بنت محمد الربان

    رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    10:08 ص

  • تاريخ النشر

    18 فبراير 2020

{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} تلخص هذه الآية الكريمة أهمية الماء للحياة على هذه الأرض بكل جوانبها وأنشطتها. الماء هو أكثر الموارد على كوكبنا، حيث تقدر كميته بحوالي 1.4 مليار كيلومتر مكعب، يمثل ماء البحر المالح منها حوالي  97.5 % والباقي مياه جوفية وسطحية، منها 0.5 % مياه عذبة.

وكمية المياه الموجودة في كوكب الأرض ثابتة لا تتغير، خلقها الله سبحانه بقدر موزون، ولكن دورتها الطبيعية تجعلها متحركة. حيث يتبخر الماء (العذب) من البحار والمياه السطحية وينتقل إلى الجو مكوناً السحب، لينزل منها مطراً وغيثاً، يغذي المياه السطحية والجوفية والبحار. ومن الواضح أن وفرة المياه العذبة في أي مكان تعتمد على كمية ما يتساقط عليه من أمطار وندى وثلج. وعليه فإن الأراضي التي تعاني من ندرة وشح الأمطار تعاني من شح المياه العذبة، كما هو الحال في معظم أرجاء وطننا العربي.

تختلف المياه العذبة عن مياه البحار باختلاف نسبة الأملاح المذابة فيها، وبخاصة ملح كلوريد الصوديوم. الماء والملح المذاب فيه لا ينفصلان تلقائياً، ولكن عملية الفصل تحتاج إلى طاقة. تاريخياً، اعتمد الانسان الطاقة الحرارية إما بالتسخين الشمسي أو بإحدى عمليات الاحتراق لتسخين الماء المالح وتبخيره وبالتالي فصل الماء عن الملح، ثم تكثيفه والحصول على الماء العذب. ومع الوقت، تطورت عمليات التبخير وازدادت كفاءتها، وبنيت محطات تحلية ضخمة تقوم أساسا على استخدام الوقود الأحفوري لتسخين المياه وتبخيرها وتزويد الكثير من المدن بحاجتها من المياه العذبة، كما هو الحال في دول الخليج العربية وعدد من الدول الأخرى.

ولسنا هنا للتحدث عن هذه المحطات أو عن التقنيات الأخرى المستخدمة للتحلية مثل الأغشية والتناضح الأسموزي بينها. ولكننا سنركز على استخدام الطاقة الحرارية للشمس في بناء أنظمة بسيطة لا تحتاج لمصادر طاقة أخرى غير الشمس ويمكن استخدامها في مناطق ساحلية نائية لا تصلها تمديدات شبكة المياه، ولا توجد بها مياه سطحية أو جوفية صالحة للشرب في المتناول.

بصورة عامة، تمتلك الأراضي القاحلة إمكانيات عالية للطاقة الشمسية جديرة بالاستغلال من أجل توفير مياه عذبة لتلك المناطق. تتمتع منظومات التحلية الشمسية المباشرة بتكلفة تشغيلية وصيانة منخفضة، ولكنها تتطلب مساحات واسعة لمنشآتها، ومع ذلك فهي تمثل الحل المناسب للمناطق النائية والتجمعات السكانية الصغيرة في المناطق التي تفتقر للماء العذب. وقد تم تطوير العديد من المنظومات لهذا الغرض من أجل تحسين الأداء ورفع الكفاءة، استعملت فيها مواد جديدة وهندسة مختلفة.

اهتمت الكثير من الدراسات بتحسين الكفاءة، حيث قام عدد من الباحثين بمحاولة تعزيز معدل تكثيف البخار بدفع الهواء الدوّار داخل المرجل (حيث يتم تسخين الماء المالح لتبخيره)، وبزيادة منتوج المراجل باستخدام الحرارة الكامنة للتكثيف/التبخير في منظومات متعددة المراجل أو في التسخين المسبق للماء المالح.  وقام آخرون بوضع تصاميم مختلفة للمراجل الشمسية ابتداء من البسيطة إلى تلك العالية التقنية.

منظومة جديدة اقترحها باحثون من الصين والولايات المتحدة تركز على الحرارة المنبعثة نتيجة لتكثيف البخار، حيث أنه معلوم أنه عند تحوّل الماء من حالة البخار إلى الحالة السائلة، فيما يسمى بعملية التكثيف، تنطلق طاقة حرارية، عادة تتسرب ولا يستفاد منها. في هذه المنظومة يتم استغلالها لتسخين كمية جديدة من الماء بالإضافة لحرارة الأشعة الشمسية المباشرة، واستغلالها في تسخين وتبخير المياه المالحة، وتكرار ذلك على مراحل بلغت عشر مراحل في تجربتهم. هذا بالطبع يزيد من كمية المياه المكثفة بالتبخير مما يعني رفع كفاءة استخدام الطاقة الشمسية الحرارية للحصول على كمية أكبر من المياه العذبة. الدراسة نُشرت في 15 كانون الثاني/ يناير 2020 في مجلة الطاقة والعلوم البيئية.

بدراسة مفصلة لآليات الانتقال الحراري والكتلي وتطبيق قوانين الديناميكا الحرارية، قام الباحثون بتصميم نظام متعدد المراحل لاستغلال الطاقة الشمسية الحرارية لتحلية المياه، لا يحتاج إلى كهرباء أو أي مصدر آخر للطاقة. في هذه التجربة والنموذج الأولي للنظام استخدم الباحثون عشر مراحل للتكثيف، وحصلوا على كفاءة عالية نسبيا لتحويل الطاقة الشمسية الحرارية حيث تمكنوا من الحصول على 5.78 لترات من الماء العذب من كل متر مربع من الماء المالح لكل ساعة. هذه الكمية تعتمد على عوامل أخرى مثل درجة حرارة المكان ونسبة الأملاح في الماء المالح وغيرها.

ويؤكد الباحثون في هذه الدراسة أن النظام قابل لزيادة المراحل وتعديل التصميم من أجل الحصول على أداء أفضل وخفض التكلفة، فلا يزال الأداء الكلي الفعلي محدودًا مقارنة بما يمكن تحقيقه نظريًا. ولكنها تجربة وفكرة تستحق الاهتمام.

ومن المؤكد أن الباب مفتوح للباحثين والمهندسين العرب لتطوير مثل هذه الأنظمة التي تخدم كثيراً من المناطق في منطقتنا العربية.     

المرجع

 

 

البريد الإلكتروني للكاتب: mmr@arsco.org

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

2 التعليقات

  • عبد الإله الموسى19 يناير, 202209:21 م

    شكراً

    بارك الله فيك الفاضلة الدكتورة موزة بنت محمد على الموضوع القيم والمميز

    رد على التعليق

    إرسال الغاء
  • دكتور عامر الحاموز16 يناير, 202211:01 ص

    وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ

    شكرا لك دكتورة موزة الربان على هذه الومضة الهامة، سيدتي كان في السابق تحويل المياه المالحة إلى مياه شرب عملية مكلفة ومعقدة. لكن نحن كوطن عربي ما زلنا لا نمتلك الامكانيات التوجهية وليس المادية نحو التغلب على هذه المشكلة بإجراءات بسيطة وغير مكلفة. رغم ان تحلية مياه البحر ممكن أن تحل أزمة المياه العالمية

    رد على التعليق

    إرسال الغاء

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */