للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

ثقب الأوزون في خطبة الجمعة !!

  • الكاتب : أ.د/ احمد بن حامد الغامدي

    جامعة الملك سعود – الرياض

  • ما تقييمك؟

    • ( 4.5 / 5 )

  • الوقت

    04:14 م

  • تاريخ النشر

    24 سبتمبر 2018

مشاكل وقضايا البيئة يصح عليها توصيف الأديب ابن العميد في المتنبي بأنه (مالئ الدنيا وشاغل الناس) فالكل يتحدث عن مشكلة التغير المناخي أو أضرار تلوث الهواء أو أبعاد ظاهرة ثقب الأوزون أو حقيقة الأمطار الحمضية.

حديث الناس عن الطقس والأجواء عادة مترسخة في حياة الشعوب، وبحكم أن صيفنا الحالي شهد تسجيل أرقام درجة حرارة قياسية في العديد من مناطق العالم، وبهذا قد يكون لهيب هذه السنة هو أسخن تسجيل لعلماء الأرصاد لدرجات الحرارة منذ بدأوا ذلك عام 1880م، فلهذا لا عجب أن قضايا التغير المناخي كانت بامتياز حديث الساعة وبكل اللغات. صحيح أن ظاهرة الاحتباس الحراري تختلف مسبباتها عن الظاهرة البيئية سيئة السمعة (ثقب طبقة الأوزون) إلا أن الدروس البيئية التي يمكن استنباطها من النجاح النسبي لشعوب ودول العالم في التخفيف من مشكلة ظاهرة ثقب الأوزن ربما تحفّز حكومات العالم أنها على نفس النسق يمكنها أن تساهم في تقليل مشكلة التغير المناخي الأكثر صعوبة. في الواقع هذه بالضبط فحوى رسالة الأمين العالم للأمم المتحدة الحالي أنطونيو غوتيريس الذي صرّح قبل عدة أيام وفي مناسبة (اليوم العالمي لحماية طبقة الأوزون) بأنه يجب نأخذ (الالهام) من النجاح النسبي في تقليل مشكلة ثقب الأوزون لتحفيزنا لبذل المزيد في التصدي لمشكلة الاحتباس الحراري والتغير المناخي.

منذ عام 1994م وأغلب دول العالم المتقدمة تحتفل بيوم الاوزون في 16 من سبتمبر وهو اليوم الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة للتأكيد على أهمية اتفاقية مونتريال وهي المعاهدة الدولية التي تهدف لحماية طبقة الأوزون وتم توقيعها في 16 من سبتمبر لعام 1987م. ولكن ما يميز الاحتفالات والفعاليات الدولية ليوم الاوزون لهذه السنة أنه تم بعد فترة قصيرة وفي مطلع شهر يونيو الماضي عندما أعلن علماء وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تأكدهم من الناحية العلمية أن طبقة الاوزن بالفعل قد بدأت في التعافي وأن ثقب الأوزن نقص بمقدار 20% عن اقصى اتساع مرصود له.  وهذا هو الدرس البيئي المهم وهو أن الحضارة البشرية كما قد تسببت في تلوث البيئة والاضرار بها فإن (الاعتراف بالذنب) وبذل الجهد الصادق في تصحيح الخطأ يمكن أن يساهم في تقليل تدهور الطبيعة. ولهذا بعد سنوات من منع وحظر تصنيع واستخدام الغازات الكيميائية المضرة بطبقة الأوزن (مركبات الكلوروفلوكربون CFCs) انعكس ذلك في تخفيف كارثة ثقب الأوزن الحامي للكائنات الحية. يُقال أن كوكب الأرض بدون طبقة الأوزن كالبيت بدون سقف، وعلى هذا النسق فهل الحلم بالأرض اللطيفة والباردة Cool Earth بعد تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري يمكن تحقيقه إذا تضافرت جهود دول العالم لتفعيل اتفاقية كيوتو Kyoto Protocol الموقعة منذ عام 1992م والهادفة للحد من ارتفاع زيادة تركيز الغازات الكيميائية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

وبالعودة للتاريخ القريب يعجب المرء كم تنامت ثقافة الشعوب البشرية ووعي الحكومات الدولية لضرورة الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها. حتى عقود ليست بالبعيدة لم تتجذر بعد الظاهرة الحضارية الراقية المتعلقة بحماية البيئة Environmentalism بل تعرض بعض الروّاد من حماة البيئة وحراس الطبيعة للتقريع والتشنيع لأن أغلب الناس في تلك الأزمان لم يسبق لهم أن سمعوا أي شيء على الاطلاق يتعلق بحدوث كارثة تلوث البيئة. حتى منتصف الستينات من القرن العشرين أي قبل حوالي خمسين سنة كان من يحذر من خطورة التلوث الكيميائي للبيئة يعتبر كمن يصرخ في البريّة ولا يسمعه أحد.  أحد أهم الكتب التي أثرت في مسار البشرية في نصف القرن الأخير هو (الربيع الصامت) للكاتبة والعالمة الأمريكية راشيل كارسون، وهو الكتاب الذي اعتبرته مجلة ديسكفري في المرتبة 25 من بين أهم الكتب في جميع العصور. والسبب في أهمية هذا الكتاب أنه أول من دق ناقوس الخطر ولفت الأنظار لكارثة تلوث البيئية بالمبيدات الحشرية التي تسبب تناقص أعداد الطيور البرية ومن ثمَّ المصير المفجع للطبيعة الصامتة. في الوقت الحالي تعتبر راشيل كارسون من المشاهير ولو طال بها الزمن لتم تكريمها بدون شك بمنحها جائزة نوبل للسلام كما حصل مع شخصيات أقل منها بكثير في جهود حماية البيئة (منهم نائب الرئيس الأمريكي آل غور وعدد من النساء النشاطات في مجال البيئي).

ولكن نظراً لأن مفهوم (حماية البيئة) هو فلسفة أيدلوجية وحركة اجتماعية متصادمة مع بعض القطاعات الحكومية والصناعية فقد تمّ شن حرب شعواء لا تزال مندلعة حتى الآن على الناشطين Environmentalists في مجال حماية البيئة. عندما أطلقت السيدة راشيل كارسون صرخة التحذير الأولى صرخ العديد في وجهها لإسكاتها بل واجهت تشنيع مخزٍ من بعض العلماء الذين كتب أحدهم مقالة قاسية جداً في مجلة الجمعية الكيميائية الأمريكية بعنوان: أخرسي آنسة كارسون (Silence, Miss Carson) ولهذا ليس عجباً أن تتوفى هذه العالمة بعد سنتين فقط من هذه الأحداث الساخنة وهي بعد في الـ 57 من عمرها.  الغريب في الأمر أنه في وقت كانت الحرب الشعواء تشن ضد الآنسة كارسون لأنها حذرت من خطورة تلوث البيئة بمبيد DDT الذي تسبب في نفوق وقتل فراخ الطيور نجد أنه قبل ذلك بسنوات تم تكريم عالم الكيمياء السويسري بول مولر بمنحه جائزة نوبل في الطب لأنه اخترع هذا المبيد الذي أصبح سيء السمعة الآن.

وعلى نفس نسق اضطهاد الروّاد من حماة البيئة نجد أن نفس المأساة تكررت مع عالم الكيمياء الأمريكي كلير باترسون والذي ناضل في فترة الستينات ضد إضافة مركبات الرصاص لوقود البنزين وما يسببه ذلك من العديد من الأمراض الصحية والمشاكل البيئية. وبالرغم من شهرته العلمية إلا أن الشركات الصناعية الكبرى نجحت في إيقاف جميع الدعم المادي لأبحاثه كما شوهت سمعته بأنه مجرد (فني مختبر Technician) بدون أي موثوقية علمية لأبحاثه بالرغم من شهرته العالمية الطاغية التي اكتسبها بعد نجاحه في استخدام نظائر عنصر الرصاص للتحديد الدقيق لعمر كوكب الأرض.

وبمناسبة ذكر مركبات عنصر الرصاص وتسببها الشنيع في تلوث البيئة، لعلنا بعد ذكر روّاد حماية البيئة وحراسة الطبيعة أن نشير إلى أكثر عالم تسبب في تلوث البيئة والذي تم تصنيفه كصاحب أسوء الاختراعات في التاريخ ألا وهو الكيميائي الأمريكي توماس ميدجلي الذي ارتبط اسمه بالملوثات البيئة سيئة الذكر Unspeakable والتي مع ذلك له معها قصص طريفة ربما مما يستملح أن يتم ذكرها. على العكس من روّاد حماة البيئة الذي ناضلوا لمنع استخدام المواد الملوثة كما هو حال راشيل كارسون و كلير باترسون وأليس هاميلتون نجد أن توماس ميدجلي كافح بكل وسيلة يملكها لضمان عدم منع مركباته الكيميائية التي أخترعها. عندما أخترع ميدجلي غاز الفريون في عام 1928م واقترح استخدامه في تبريد الثلاجات وجدت بعض الشكوك في أنه قد يكون ضار بالصحة (قبل أن يثبت لاحقاً أنه سبب ثقب الأوزن). ولكي يُثبت ميدجلي سلامة اختراعه الغازي قام أمام جمع من الناس والمراسلين الصحفيين باستنشاق غاز الفريون لفترة من الزمن. وتكرر هذا الأمر معه مرة أخرى عندما أخترع مركب رابع إيثيل الرصاص (المضاف لوقود البنزين لمنع حدوث الفرقعة في المحرك) وبسبب الشكوك المتزايدة في سمية هذا المركب قام ميدجلي بحركته الاستعراضية نفسها حيث قام أمام الصحفيين بسكب سائل رابع إيثيل الرصاص على يديه ثم أخذ يستنشق أبخرته لمدة دقيقة. وفي واقع الأمر، أن ميدجلي كان يعرف أنه رجل كاذب ومخادع حيث أنه شخصياً قد أصيب قبل ذلك بعدة أشهر بمرض خطير من جراء أصابته بالتسمم بعنصر الرصاص ولم يقترب أبداً من مختَرعه الكيميائي إلا في ذلك اليوم الذي قابل فيه الصحافة !!!. لاحقاً، سوف يصبح ميدجلي رئيس الجمعية الكيميائية الأمريكية أحد أكبر التجمعات العلمية على الاطلاق وبانتخاب مثل هذه الشخصية الملوثة للبيئة تم ترسيخ الصورة النمطية السلبية عن علم الكيمياء وأن مخرجاته أحياناً كارثية على حياة البشر. بقي أن نقول لأن من سخرية الأقدار أن هذا الشخص الذي لوث الهواء وأفسده، مات محروماً منه حيث تعرض للخنق وهو على سريره.

البعد الديني للقضايا البيئية

بالرغم من كل المرارة التي نالت الرواد من حماة البيئة وحراس الطبيعة إلا أنه عبر العقود تنامت الموجة البيئية لدرجة أنها اكتسحت معارضة الشركات الصناعية الكبرى وأجبرت الدول والحكومات على التضحية بمليارات الدولارات الناتجة من حظر المواد الملوثة للبيئة وإنتاج بدائل (خضراء) لها. الدراسات والقياسات العلمية الحالية تشير لتلاشي أي بقايا مضرة للمبيدات الحشرية الخطرة مثل DDT والملاثيون وانخفض مستوى التلوث بعنصر الرصاص في دم البشر بنسبة قد تزيد عن 90% بعد حظر إضافة الرصاص للوقود كما تقلص حجم ثقب الأوزن حوالي 20% كما سبق وأن ذكرنا. كل هذا حصل بسبب زيادة وعي عامة الناس بأضرار تلوث البيئة ومن ثم أصبحوا ورقة ضغط على المرشحين السياسيين بعدم التصويت لهم إذا لم تكن القضايا البيئية في قائمة برنامجهم الانتخابي. ونستطيع أن نَلمح زيادة (الثقافة البيئية) من حرص الشركات الصناعية للتوضيح في اعلاناتها التجارية أن منتجاتها: صديقة للبيئة أو أنها منتجات خضراء غير ضاره بالطبيعة.

لقد كان من الأساليب المتبعة في زيادة الوعي البيئي هو الاستفادة من حقيقة أن كل الأديان السماوية وأغلب الأديان البشرية تحث على المحافظة على البيئة وحماية الطبيعة الأم. لقد شعر العديد من العلماء بالأثر الكبير للدين على تغيير سلوك البشر ولهذا لم يتردد بعض مشاهير العلماء (الملحدين) مثل عالم الفلك كارل ساغان وعالم الأحياء ستيفن جي جولد وعالم الفيزياء هانز بيته الحاصل على جائزة نوبل على المشاركة الفاعلة فيما يسمى (المنتدى الدولي للقادة الروحيين والبرلمانيين). هدف هذا المنتدى إلى حشد عدد كبير من الشخصيات المؤثرة في المجال الديني والعلمي والسياسي لمناقشة قضايا البيئة وخلال هذا الصيف وأثناء قراءتي لآخر كتاب ألّفه العالم المشهور كارل ساغان قبل وفاته (Billions and Billions) والذي خصص للقضايا البيئة عدة فصول من هذا الكتاب، لفت نظري تعبير هذا العالِم الملحد عن سعادته في المشاركة في مؤتمر يناقش القضايا البيئة في وجود عدد كبير من رجال الدين. في الاجتماع الأول لهذا المنتدى الذي تم في مدينة اكسفورد البريطانية عام 1988م ذكر كارل ساغان أنه شارك فيه المفتي السابق للجمهورية السورية الشيخ أحمد كفتارو بالإضافة لكبار رجال الدين المسيحي واليهودي بالإضافة للشخصيات الدينية الهندوسية والبوذية. وبعد عدة اجتماعات لهذا المنتدى أهمها كان في موسكو ومدينة كيوتو اليابانية تم انشاء تجمع خاص يحمل اسم: المناشدة المشتركة بين العلم والدين لأجل البيئة (Joint Appeal of Science and Religion for the Environment) والذي اقترح أن توضع خطة عمل للتعريف بالقضايا البيئة لجميع رعايا الأديان من خلال الخطب أو تقديم الصلوات أو التعليم أو حتى أثناء الاستشارات الدينية. وقد تم الحث على مناقشة المشاكل البيئة مع جموع المشاركين في الاجتماعات الدينية بل وحتى التشاور معهم حيال أفضل الطرق للتغلب على مشكلة ثقب الأوزون بالامتناع على سبيل المثال.

كما هو معلوم فإن دين الإسلام من أكثر الأديان (الصديقة للبيئة) إذا صح التعبير وإذا أقيم في الغرب منذ حوالي خمس وعشرين سنة منظمة الصليب الأخضر الدولية Green Cross الهادفة لحماية البيئة فأمة الاسلام أحق بالبيئة من غيرها وإن لم يتم أنشاء (منظمة الهلال الأخضر الدولية) Green Crescent فلا أقل من تفعيل تعاليم الإسلام في هذا المجال. إن هذا الدين الخالد قد سنّ لاتباعه شرائع تصب بشكل أو بآخر في مصلحة البيئة وهي شرائع متعددة ومتنوعة تبدأ من إماطة الأذى عن الطريق والرفق بالحيوان وتنتهي بإقامة المناطق المحمية (الحرم في العرف الشرعي). لقد علّم الإسلام أتباعه أنه إذا قامت القيامة وفي يد أحدنا فسيلة نخل فليغرسها وهي التي لن تثمر إلا بعد سنوات طوال، وهذا الدين هو الوحيد الذي قد يكافئ معتنقيه بالجنة إذا رفع أحدهم الشوك عن طريق البشر فما بالك بمن يزيل أذى ملوثات العصر الحاضر الأكثر ضراراً وفتكاً.

منذ سنوات طوال وبعض الأصوات ترتفع بالمطالبة (بتجديد خطبة الجمعة) وهذا ما تم أنجازه بالفعل في مجال محتوى خطبة الجمعة التي يطرح فيها بعض الخطباء مواضيع تناقش القضايا الاجتماعية والأسرية والمشاكل النفسية وكذلك الصعوبات التربوية وإن كانت بعض القضايا المتعمقة في البيئة والاقتصاد والفكر لم تشهد طريقها إلى أسماع المصلين. قبل عدة سنوات حصل نقاش حاد حول استعمال وسائل التقنية الحديثة (مثل الشاشات والبروجكتور) في تحديث أسلوب تقديم خطبة الجمعة وهو ما ووجه بممانعة حاسمة فهل هذا هو مصير طرح القضايا البيئة المتعمقة من خلال خطبة الجمعة.

بكل الصدق لا أعلم هل سوف أكون مؤيد أم لا، لأن أستمع لخطيب الجمعة يتحدث عن مركبات الكلوروفلوروكربون CFCs ودورها في ظاهرة ثقب الأوزن أو خطيب يناقش ضرورة تمكن العلماء من تطوير مواد تساعد في تخزين الكميات الزائدة من غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2 capture) المسبب لمشكلة الاحتباس الحراري والأمطار الحمضية. وبلا شك سوف تكون تجربة فريدة أن أرصد تأثر المصلين في صلاة الجمعة لوصف الخطيب لمأساة تعرض دب الباندا للانقراض أو تدهور حالة الشعب المرجانية في الحيد المرجاني العظيم شمال استراليا !!!.

 

البريد الإلكتروني للكاتب: ahalgamdy@gmail.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */