من أكبر الخطوات التي بدأت لمحاولة إيقاظ كائنات ما قبل التاريخ تلك المحاولة الناجحة التي قام بها باحثون في جامعة بوليتكنيك في كاليفورنيا، في عام 1995، عندما استطاعوا إحياء بذور بكتيريا من أحشاء نحلة محتجزة في العنبر. وقد قدر عمر النحلة بحوالي 25 إلى 30 مليون سنة، أما أقدم الديناصورات المعروفة فتعود إلى 230 مليون سنة.

تلي تلك المحاولة محاولة أخرى ناجحة قام بها باحثون أمريكيون من جامعتي بنسلفانيا وتكساس، في عام 2001، لإيقاظ بكتيريا عاشت قبل الديناصورات ونجت من أكبر كارثة انقراض على الكرة الأرضية بعد أن ظلت هاجعة طيلة 250 مليون سنة داخل بلورة ملح. وتشير فحوص الـ"دي. ان. ايه" إلى أن التكوين الوراثي لهذه البكتيريا سيساعد علماء البيولوجيا على ضبط الساعة التطورية للبكتيريا وقريباتها المعاصرة. وقد أعاد علماء آخرون في جامعة فلوريدا في "جينسفيل" تركيب مورثة تنتمي إلى نوع من الخميرة عاش قرب الديناصور "ريكس" قبل 70 مليون سنة.

وجدير بالذكر أن محاولة استنساخ "الماموث" ليست المحاولة الأولى لاستنساخ الحيوانات المنقرضة، فقد تمكن العلماء، ولأول مرة، من استنساخ حيوان الجور المنقرض الذي يشبه ثوراً وحشياً جبلياً ضخماً يعيش في مناطق الهند وبورما من خلال استخدام بويضات ورحم حيوان آخر. وتم الاستنساخ عن طريق استخدام خلية واحدة أخذت من جلد جثة أحد حيوانات الجور واستطاع العلماء تنشيط الخلية وجعلها تنشطر متكاثرة في بويضة بقرة سحبت منها مورثاتها، ثم نقلت بعد ذلك إلى رحم بقرة أخرى. كما أعلن علماء أستراليون في مايو 2002م انهم حققوا تقدماً كبيراً في جهود استنساخ نمر تسمانيا المنقرض، الذي يعرف علمياً باسم (ثايلاساين) ويشبه الكلب ويمتاز بوجود خطوط على جلده، وكان يعيش في عموم أرجاء استراليا وجزيرة بابوا غينيا الجديدة إلا أنه اختفى بين مائتين إلى ألفي عام من استراليا وبقي في جزيرة تسمانيا. وتمكن العلماء من استنساخ بعض جينات الحيوان باستخدام خلايا الحمض النووي المستخرجة من ذكر وأنثى صغيرين محفوظين في أحد المتاحف. وأعرب الباحثون عن أملهم في استنساخ نمر تسمانيا في غضون عشر سنوات في حال تمكنهم من استنساخ كميات كبيرة من جميع جينات الحيوان ووضعها في سلسلة جينية مطابقة لسلسلة الحيوان المنقرض. ويعد هذا البحث الأخير من أهم الإنجازات العلمية في تاريخ عمليات الاستنساخ القصير لأن العلماء نجحوا هذه المرة باستنساخ حمض نووي منقرض.

الدجاجة الجوراسية

أعتمد بعض العلماء المهتمين بإيقاظ الديناصورات على نفس المفهوم التقني الذي قامت علية فكرة سلسة أفلام "جوراسيك بارك"، ولكن بعد التقدم العلمي الحديث في مجال الجينوم فقد صرف النظر عن هذه الفكرة لصعوبة الحصول على كميات كافية من جزيئات الـ"دي. ان. ايه" الصالحة للاستخدام بعد أن تجاوز عمرها 65 مليون سنة. ولهذا فكر العلماء في سلوك طريق جديد لتحقيق هذا الحلم. ونجح فريق تابع لجامعة كاليفورنيا الجنوبية في "لوس انجليس" في تنمية أسنان في أجنة الدجاج، وهي مزية فقدها أجداد الطيور خلال الـ 60 مليون سنة الماضية في الحقبة التي تلت انقراض الديناصورات. وتعتمد تلك البحوث على محاولة تحويل الدجاج لديناصورات عن طريق العودة إلى الوراء، عندما كانت الطيور ديناصورات. والهدف من هذه التجارب هو عكس عملية هندسة الـ"دي. ان. ايه" بحيث يكون الفرخ الخارج من تفقيس البيضة هو الأقرب الممكن إلى الديناصور الحقيقي. ورغم أن الفكرة تبدو كفيلم آخر من أفلام الخيال العلمي إلا أن مشروع "الدجاجة الجوراسية" قد انطلق بالفعل بثقة كبيرة، وكانت الخطوة الأولى هي إعادة رسم الأطلس الوراثي البدائي الذي فقد عبر ملايين السنين. ويعتقد الكثير من العلماء أن التقدم في تقنيات الهندسة الوراثية ستجعل مثل هذه الخطوة ممكنة خلال الـ 60 إلى 100 سنة المقبلة.

البريد الإلكتروني للكاتب : tarekkapiel@hotmail.com