مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

سلسلة روائع الكائنات الدقيقة 2

البكتيريا الزرقاء

مصدراً أساسياً للأكسجين على كوكب الأرض
الكاتب

أ.د. عبد الرؤوف المناعمة - د. ديمة ناصر الدين - ريناد أبودان

الجامعة الإسلامية بغزة فلسطين

الوقت

11:18 صباحًا

تاريخ النشر

27, فبراير 2025

.

البكتيريا الزرقاء Cyanobacteria والمعروفة أيضًا باسم “الطحالب الخضراء المزرقة”، هي مجموعة من الكائنات الدقيقة التي تنتمي إلى المملكة البكتيرية.

يخمن العلماء بأن البكتيريا الزرقاء من أقدم الكائنات الحية على كوكب الأرض، حيث يعتقد أنها موجودة منذ حوالي 3.5 مليار سنة. وتتميز بقدرتها على إجراء التمثيل (البناء) الضوئي، مما يجعلها أحد المكونات الأساسية في السلسلة الغذائية وتؤثر بشكل كبير على البيئة والأنظمة البيئية المائية.

تلعب هذه الكائنات دورًا رئيسيًا في إنتاج الأكسجين في الغلاف الجوي وتحسين جودة المياه، لكنها أيضًا قد تسبب مشكلات صحية وبيئية في حالات معينة.

الخصائص البيولوجية

البكتيريا الزرقاء هي كائنات دقيقة غير حقيقية النواة (Prokaryotes) أي أنها لا تحتوي على نواة خلوية محددة بغشاء نووي. تتمتع بالقدرة على إجراء التمثيل الضوئي باستخدام صبغة الكلوروفيل-أ، وهي الصبغة المسؤولة عن امتصاص الضوء في عملية البناء الضوئي. وبفضل هذه القدرة، تستطيع البكتيريا الزرقاء تحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى أكسجين وكربوهيدرات.

تتواجد البكتيريا الزرقاء في جميع البيئات تقريبًا، من المسطحات المائية العذبة إلى المياه المالحة، وفي التربة وعلى الأسطح الرطبة. بعض الأنواع تشكل كتلًا كبيرة أو “زهرات” ((Blooms في البحيرات والأنهار، حيث يمكن أن تنتج مواد سامة.

التنوع والتوزيع

البكتيريا الزرقاء تضم العديد من الأنواع المختلفة التي تتراوح في الحجم والشكل. بعضها يشكل مستعمرات وحيدة الخلية، بينما يشكل الآخر مستعمرات متعددة الخلايا قد تكون خطية أو على شكل حلزوني. كما أن البعض منها يمتلك القدرة على تثبيت النيتروجين الجوي، مما يساعد في تخصيب التربة والمياه. على الرغم من انتشار البكتيريا الزرقاء في البيئات المائية والبرية، إلا أن تراكيزها تزداد بشكل ملحوظ في المياه العذبة والدافئة، خاصة في وجود المغذيات مثل الفوسفات والنترات.

أهمية البكتيريا الزرقاء

1- إنتاج الأكسجين: البكتيريا الزرقاء مسؤولة عن إنتاج الأوكسجين عبر عملية التمثيل الضوئي، وهو ما يعد أساسيًا للحياة على الأرض وهي تنافس بل البعض يعتقد أن قدرتها على إنتاج الأكسجين قد تفوق قدرة النباتات

2- دور بيئي: تلعب البكتيريا الزرقاء دورًا كبيرًا في البيئة المائية، حيث تساعد في استدامة النظم البيئية من خلال تثبيت النيتروجين، مما يعزز التوازن البيئي. كما تعد مصدرًا غذائيًا للعديد من الكائنات الدقيقة والكائنات الأكبر.

3- التطبيقات الصناعية: تتمتع البكتيريا الزرقاء بالعديد من التطبيقات المحتملة في مجالات متعددة مثل تكنولوجيا المياه، إنتاج الأدوية، التغذية البشرية (مثل السبيرولينا) والطاقة المتجددة. يتم استخدام بعض الأنواع في معالجة المياه المالحة وتنقية المياه، كما أن هناك اهتمامًا متزايدًا باستخدامها في إنتاج الوقود الحيوي.

المشاكل الصحية والبيئية

على الرغم من فوائدها، يمكن أن تسبب البكتيريا الزرقاء مشاكل صحية وبيئية في حالات معينة. عندما توجد في ظروف غنية بالمغذيات، مثل النترات والفوسفات، يمكن أن تنمو بشكل مفرط وتشكل ما يسمى بـ “الزهرات الطحلبية” (algal blooms ). وهذه الزهرات يمكن أن تكون سامة للكائنات البحرية والحيوانات البرية والبشر. بعض أنواع البكتيريا الزرقاء تنتج سمومًا مثل ميكروسيستين، الذي يمكن أن يسبب التسمم الكبدي في الكائنات الحية.

 صورة لتكاثر كثيف لأحد الطحالب يؤدي إلى تلون مياه المحيط بالأحمر Red tide
وهذا يؤدي إلى نفوق الأسماك وتسمم البشر عند تناول هذه الأسماك.

التأثيرات الصحية

يمكن أن تؤدي الزهرات الطحلبية التي تحتوي على البكتيريا الزرقاء السامة إلى تلوث المياه، مما يشكل خطرًا على صحة الإنسان والحيوانات. تتسبب بعض السموم في تهيج الجلد، اضطرابات الجهاز التنفسي، وأضرار للكبد في حالات التسمم الحاد.

التحديات والبحوث المستقبلية

رغم أن البكتيريا الزرقاء تتمتع بفوائد بيئية وصناعية عديدة، إلا أن المخاطر الصحية الناتجة عن الزهرات الطحلبية السامة تتطلب مراقبة دقيقة وتطوير استراتيجيات للتعامل مع هذه الظاهرة. تركز الأبحاث الحالية على فهم أفضل لكيفية تنظيم نمو البكتيريا الزرقاء في المسطحات المائية، وكيفية السيطرة على الزهرات السامة.

المراجع:

  1. Paerl, H. W., & Huisman, J. (2009). Climate change: a catalyst for global expansion of harmful cyanobacterial blooms. Environmental Microbiology Reports, 1(1), 27-37.
  2. Wetzel, R. G. (2001). Limnology: Lake and River Ecosystems. Academic Press.
  3. Wagner, M., & Lücker, S. (2013). Ecology of Cyanobacteria. In: Microbial Ecology of the Oceans. 2nd ed. Wiley-Blackwell, pp. 563-589.
  4. Hudnell, H. K. (2010). Cyanobacterial Harmful Algal Blooms: State of the Science and Research Needs. Springer.
  5. Janse, I. A., & Gons, H. J. (2008). Cyanobacteria and Their Toxins in Aquatic Environments. Springer.
  1. Sciuto, K., & Moro, I. (2015). Cyanobacteria: the bright and dark sides of a charming group. Biodiversity and Conservation24, 711-738.

تواصل مع الكاتب: elmanama_144@yahoo.com

اقرأ ايضاً

بكتيريا مربعة الشكل تعيش في البيئات المالحة جداً

بكتيريا الأورام التاجية وهندسة النباتات وراثياً

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x