تشير البيانات العالمية إلى أن أكثر من 148 مليون مسلم مصابون بالسكري. ورغم أن الدين الحنيف قد رخص لمن يخشون من تفاقم مرضهم بسبب الصيام، الإفطار خلال شهر رمضان، فإن 116 مليون منهم يختارون الالتزام بممارسة هذه الفريضة. ومع أن الصيام لساعات طويلة يمكن أن يؤثر في مستويات السكر في الدم فإنه يمكن لمرضى السكر الصوم خلال شهر رمضان إذا تم تنفيذ استراتيجية سليمة لإدارة مستوى السكر في الدم خلال شهر رمضان، وفق دراسة مراجعة حديثة. وتشمل هذه الاستراتيجية مزيجا من تثقيف المرضى حول التغذية والمراقبة المنتظمة لمستوى السكر في الدم وطرق تناول الأدوية والعلاج بالأنسولين.
منظمة المجتمع العلمي العربي
قدمت الدراسة التي نشرت في دورية (World Journal of Clinical Cases) العلمية أهم الجوانب التي ترتكز عليها أفضل الاستراتيجيات المعتمدة حاليا من قبل فرق الرعاية الصحية لإدارة مستوى السكر في الدم لدى مرضى السكري بناء على ما توصلت إليه جملة من الأوراق العلمية المنشورة حول هذا الموضوع.
أظهرت العديد من الدراسات السابقة أن الصيام المتقطع مثل صوم شهر رمضان، يحسن مقاومة الأنسولين عن طريق تقليل تناول السعرات الحرارية، والذي ثبت أنه يوقف تطور الأمراض المزمنة مثل مرض السكري عن طريق إشارات الغدد الصماء. ومع ذلك فإنه من المستحسن، كما يقول المؤلفون، أن يقوم مرضى السكري الذين يرغبون في الصيام خلال شهر رمضان بالتخطيط قبل شهرين إلى ثلاثة أشهر على الأقل حتى يحصل جسمهم على الوقت الكافي للتأقلم مع التغيرات الغذائي الجديد.
التقييم الطبي قبل شهر رمضان
تتضمن هذه المرحلة، وفق دراسة المراجعة، إسداء فرق الرعية الصحية متعدد التخصصات خدمات توعية واستشارة لفائدة مرضى السكري، مع إخضاعهم لتقييم يهدف لضبط كيفية إدارة المرض لديهم على ضوء نتائج تشخيص حالاتهم، إلى جانب تحديد أي مضاعفات محتملة مرتبطة بمرض السكري وغيرها من الحالات الطبية المصاحبة. ويعد التقييم أمرا بالغ الأهمية في تحديد مستوى الخطر الذي قد يواجهه المريض أثناء صيام شهر رمضان مع تصنيفه وفقا لمعايير الاتحاد الدولي للسكري على أنه مرتفع جدا أو مرتفع أو متوسط/منخفض. وبناءً على تصنيف المخاطر هذا، يجب تقديم المشورة المناسبة للمرضى فيما يتعلق بإمكانية الصيام. كما ينبغي أيضا الأخذ بعين الاعتبار الأمراض الأخرى التي قد يعاني منها مرضى السكري مثل أمراض الكلى المزمنة، مع تعديل الأنظمة الغذائية وتناول الأدوية وفقا لذلك.
النظام الغذائي وممارسة الرياضة اثناء الصيام
تعد التوعية المناسبة بالعادات الغذائية والنشاط البدني وجرعات الأدوية والتعرف على العلامات التحذيرية أمرا بالغ الأهمية. لذلك من الضروري تشجيع جميع مرضى السكري على تناول وجبة الإفطار في أيام الصيام. ومن الناحية المثالية، يتعين اتباع نظام غذائي يشمل الكربوهيدرات المعقدة التي تطلق الطاقة ببطء لوجبة السحور قبل الفجر والكربوهيدرات البسيطة سريعة الامتصاص لوجبة الإفطار بعد المغرب. ويمكن لمرضى السكري ممارسة أنشطتهم البدنية المنتظمة، بما في ذلك التمارين المعتدلة، مع تجنب المجهود البدني المفرط، خاصة في المساء، لمنع نقص السكر في الدم.
ضبط أدوية مرض السكري
يحسب دراسة المراجعة، فإنه يُنصح عموما مرضى السكري بالتوقف عن تناول أنواع من الأدوية مثل السلفونيل التي قد تساهم في خفض نسبة السكر في الدم، وكذلك مثبطات “الناقل المشارك صوديوم/جلوكوز2” (SGLT2) التي قد تزيد في احتمال الإصابة بالجفاف أو التهابات المسالك البولية لدى مرضى السكري الصائمين.
ويمكن مواصلة العلاج بالأنسولين أثناء الصيام إذا تمت معايرته جيدا وفقا لمتطلبات المريض مع الأخذ بعين الاعتبار عملية التحكم في نسبة السكر في الدم لدى المرضى من خلال التقييم المنتظم لمستوياته عن طريق وخز الإصبع. يتم تناول الأنسولين القاعدي (مثل بروتامين هاجيدورن وجلارجين المحايد) مرة أو مرتين يوميا ويوفر حاجة الجسم على مدار ساعات طويلة. فيما توفر جرعة الأنسولين سريعة المفعول هذه الحاجة أثناء تناول الطعام.
إذا كان المريض يتناول الأنسولين القاعدي مرة واحدة يوميا، فيجب عليه، وفق الدراسة، تناوله اثناء وجبة الإفطار مع تخفيض طفيف في الجرعة بناء على مستويات السكر الأساسية لدى المريض. أما إذا كان يتناول الأنسولين القاعدي مرتين يوميا، فينبغي عليه تناول الجرعة المعتادة مع وجبة الإفطار ولكن مع تقليل الجرعة الثانية التي يتم تناولها مع وجبة السحور على ضوء نسبة السكر في الدم.
بالنسبة للمرضى الذين يتناولون الأنسولين سريع المفعول، تؤكد الدراسة على أهمية الاستمرار على نفس الجرعة مع وجبة الإفطار وتناول الجرعة الثانية في وقت الوجبة مع وجبة السحور، مع معايرة الجرعة إلى مستوى أقل. ومن المستحسن خلال شهر رمضان أن يأخذ المريض جرعته الصباحية المعتادة مع وجبة الإفطار ويقلل جرعة الأنسولين المسائية مع وجبة السحور.
ولتجنب انخفاض نسبة السكر في الدم يمكن للأفراد الذين يخضعون للعلاج بالأنسولين التحول إلى نظام متعدد الجرعات يشتمل على الأنسولين القاعدي والأنسولين قصير المفعول الذي يقع تناوله قبل الوجبات. كما يتعين أيضا تعديل جرعة الأنسولين قصير المفعول وفقًا لكمية الكربوهيدرات المتوقعة لكل وجبة.
كما تؤكد أيضا على أهمية إجراء فحوصات منتظمة لمستويات السكر في الدم لدى المرضى لمنع نقص السكر في الدم مع الحرص على تناولهم كميات كافية من الماء وتوعيتهم بضرورة الإفطار إذا شعروا بالإعياء.
المصادر
Diabetes among Muslims during Ramadan: A narrative review
> https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC10507567/
تواصل مع الكاتب: gharbis@gmail.com
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة