مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

المصادر المتعددة للخلايا الجذعية الجسدية والطب التجديدي في الإبل

السنة الدولية للإبليات 2024
الكاتب

د. إسلام محمد سعد الدين

كبير علماء الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث - الرياض

الوقت

10:10 صباحًا

تاريخ النشر

30, يناير 2024

تُعتبَر مهرجانات المزاين وسباقات الهِجن رياضة مربحة، وهي من الأنشطة الزراعية التقليدية والحيوانية الهامة في دول الخليج العربي وتلقى اهتماماً كبيراً بين المربيين ومالكي الإبل. لكن أثناء السباقات قد تصيب الإبل الكسور وهي تعدّ من الإصابات الكبرى. ومع ذلك، فإنّ جراحة العظام لدى هذه الحيوانات غير مفهومة جيداً لأنّ الإبل حيوانات عصبية، ممّا يعوق إجراء دراسات شاملة حول شفاء الكسور. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تطبيق مبادئ جراحة عظام الأبقار والخيول على جراحة عظام الإبل. ولذلك، فإنّ الفهم الأساسي لإصلاح العظام أمر ضروري لإنقاذ حياة الإبل المستخدَمة في هذه السباقات. ويُعدّ مفهوم هندسة الأنسجة العظمية طريقة جديدة نسبياً لإصلاح العظام التالفة وتتضمّن تجديد الأنسجة باستخدام الخلايا الجذعية وعوامل النمو، حيث تلعب الخلايا الجذعية دوراً رائداً في إصلاح الأنسجة وتجديدها.

السنة الدولية للإبليات 2024​
 

ولذلك، فإنّ الفهم الأساسي لإصلاح العظام أمر ضروري لإنقاذ حياة الإبل المستخدَمة في هذه السباقات. ويُعدّ مفهوم هندسة الأنسجة العظمية طريقة جديدة نسبياً لإصلاح العظام التالفة وتتضمّن تجديد الأنسجة باستخدام الخلايا الجذعية وعوامل النمو، حيث تلعب الخلايا الجذعية دوراً رائداً في إصلاح الأنسجة وتجديدها.

الخلايا الجذعية هي نوعٌ خاص من الخلايا تتميز بقدرتها على التحوّل إلى أنواعٍ مختلفة من الخلايا المتخصّصة. وتُعتبَر هذه الخلايا أساسية لتجديد الأنسجة في الجسم. وهناك نوعان رئيسيان من الخلايا الجذعية:

الخلايا الجذعية الجسمية: توجد هذه الخلايا في معظم أنحاء الجسم، وتُستخدَم لتجديد الخلايا الناضجة الميتة أو التالفة. وتشمل أمثلة على ذلك، الخلايا الجذعية في نقي العظام التي يمكنها أن تتحول إلى خلايا دم مختلفة، وخلايا جذعية في الجلد التي يمكنها تكوين خلايا بشرة جديدة.

الخلايا الجذعية الجنينية: توجد في المرحلة الأولية للجنين ولديها القدرة على التحول إلى أي نوعٍ من الخلايا في الجسم.

وتُستخدَم الخلايا الجذعية في الأبحاث العلمية وتطبيقاتٍ طبية محددة، وقد أظهرت الأبحاث إمكانيات واعدة لها في علاج الأمراض وتجديد الأنسجة.

لقد تناولتُ في مقالةٍ سابقة عزل الخلايا الجذعية الجنينية من الجمل العربي كأول محاولة عالمية في مثل هذا المجال. واستكمالاً لهذه الأبحاث المثيرة فقد استزرعنا الخلايا الجذعية من جلد ومبيض الجمل العربي، وأوضحَت النتائج خصائص مميزة للجمل العربي مقارنةً بالأنواع الأخرى من الحيوانات المستأنسة:

1- الجلد والحويصلات المائية (رابط الدراسة)

عزَلنا خلايا جذعية جديدة من جلد الإبل، وفحَصنا تعدّد فعاليتها ومقاومتها للضغوط الأسموزية والحرارية المختلفة. وجرى استخراج الخلايا الليفية والخلايا الكيراتينية، وبعض الخلايا البدائية (الجذعية) الكروية (أنظر شكل 1). بعد فصل خطوط الخلايا المختلفة عن طريق التربسين، تعرّضَت جميع خطوط الخلايا لصدمةٍ حرارية. وقد كشفت النتائج أنّ فترات المقاومة ضد التربسين كانت 1.5 و 4 و 7 دقائق للخلايا الليفية والخلايا الكيراتينية والخلايا الجذعية الكروية على التوالي. كما لوحظ استعادة النشاط الكامل لخطوط الخلايا المختلفة بعد الصدمة الحرارية جنباً إلى جنب مع تمايز الخلايا البدائية الكروية لخلايا شبيهة بالخلايا العصبية. ومن المثير أيضاً أنه تمايزت الخلايا الجذعية الكروية المزروعة في بيئات تمييز موجهة للخلايا إلى خلايا شحمية وخلايا عظمية وخلايا عصبية.

والشيء الذي لم يُلاحَظ في أيّ حيوانٍ آخر -على حدّ علمنا- أنه قد تحولت بعض الخلايا الجلدية إلى خلايا بها تكيسات أو حويصلات مائية (أنظر شكل 2). ومن ثم جرى تقييم هذه الخلايا لمقاومتها للضغط الأسموزي. وقد استعادت الخلايا المكونة للكيس الجلدي بنيتها الطبيعية بعد انهيارها بفعل الضغط الأسموزي وهذا قد يعطي مؤشراً عن فسيولوجية الإبل في الاحتفاظ بالسوائل أثناء توافر المياه، ثم استخدامها في فترات الجفاف.

شكل1: الخلايا الجذعية متجمعة فوق الخلايا الليفية                   شكل2: الخلايا ذات الحويصلات المائية

 

2- الجلد وحفظ الأنسجة بالتبريد في بيئة رطبة (رابط الدراسة)

بعد موت الجسم، يبدأ تحلّل الأنسجة والخلايا بشكلٍ تدريجي. إنّ الفترة التي تعيشها الخلايا بعد وفاة الجسم تعتمد على عدة عوامل، مثل طبيعة النسيج وظروف البيئة المحيطة. فأكثر هذه الخلايا حساسية لنقص الأكسجين والمواد الغذائية بعد وفاة الجسم هي الخلايا العصبية حيث تبدأ هذه الخلايا في التحلّل بسرعة نسبياً وذلك مقارنةً بالخلايا الجلدية حيث تظلّ الخلايا الجلدية حية لبضع ساعاتٍ بعد وفاة الجسم، وذلك بفعل عمليات التحلّل البطيء.

وفي التجربة السابقة احتُفِظ بالجلد في ظروف التبريد عند درجة 4 مئوية لمدة 48 ساعة بوجود أو عدم وجود الكحول كمعقّم بكتيري خلال وجود الأنسجة في التبريد. وفُحِصت الخلايا الليفية والخلايا الجذعية بعد انقضاء فترة التبريد، واحتفظت الخلايا الليفية والخلايا الجذعية بتكاثر الخلايا بصورةٍ لم تختلف عن الخلايا المأخوذة بعد وفاة الجسم مباشرةً و هذا قد يفيد المربيين وخاصةً الإبل ذات القيمة الاقتصادية العالية لنشر ثقافة بنوك حفظ الخلايا لحفظ المادة الوراثية لأغراض الاستنساخ أو الطب التجديدي.

3- المبيض وتمايز خلاياه إلى أنواع عديدة (رابط الدراسة)

يعتبر مبيض الثدييات عضواً ديناميكياً للغاية، حيث يحدث التكاثر والتمايز بشكلٍ متواصلٍ طوال فترة الحياة التناسلية بأكملها، وخاصةً في الجمال التي تتميز بنمط موجة جريبية وإباضة مستحثّة. لقد حصلنا على خلايا ركامية من مبيض الإبل(شكل 3) وأظهرنا أن هذه الخلايا خلايا الركام الركامية تعبّر عن جيناتٍ ممثلة للخلايا الجذعية وكانت قادرة على التمايز إلى أنواعٍ أخرى من الخلايا في المختبر، مثل: الخلايا العصبية، الخلايا العظمية، والخلايا الشحمية. وأثناء زرع وتمرير الخلايا الركامية، لاحظنا تغيّراتٍ مورفولوجية عفوية في شكل المغزل الطبيعي للخلايا الركامية، مثل التشكّل الشبيه بالظهارة، والوصلات الشبيهة بالمحور العصبي، والخلايا المليئة بالقطرات الدهنية، والسوائل المملوءة بهيئة التكيسات. ومن المثير أيضاً أنه لم تُظهِر إزالة البويضات أيّ تأثيرٍ على تكاثر الخلايا الركامية وتمايزها. وكان هذا هو التقرير الأول الذي يحدد مصدراً لا يُقدر بثمن للخلايا الجذعية متعددة القدرات، والتي يجري التخلص منها بشكلٍ روتيني أثناء إنتاج الأجنّة في المختبر. ومن المؤكد أن قدرة اللدونة والتمايز للخلايا الركامية تتطلب الاهتمام لأنّها توفر نموذجاً تجريبياً بيولوجياً رخيصاً للبحث الأساسي في الخلايا الجذعية ولفهم تمايز المبيض، وكلاهما مناسب للاستخدام في الطب التجديدي وهندسة الأنسجة لدى البشر والحيوانات.

شكل رقم 3: الخلايا الركامية متعددة القدرات محيطة بالبويضة بعد زرعها في المختبر مدة 24 ساعة

 

وبالتالي فإنّ التطبيقات المتوقَّعة لمثل هذه النتائج هي كما يلي:

– تجميد الأنسجة وحفظها بالتبريد بغرض حفظ الأصول الوراثية أو الطب التجديدي لعلاج الكسور وإصابات الحوادث في الإبل عالية القيمة.

– إستخدام الخلايا المزروعة والمحفوظة في عملية الاستنساخ للإبل ذات القيمة الاقتصادية العالية التي تستخدم في المزاين أو الهِجن.

 

تواصل مع الكاتب: islamms@cnu.ac.kr

 


مواضيع ذات صلة

– السنة الدولية للإبليات 2024
– دراسة الجمل العربي
– الإبل في المختبرات البحثية لشعوب العالم
– العبث في الإبل العربية
– خلايا الجمل العربي ومقاومة الحرارة المميتة

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

       

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x