رحل المزارع يعقوب سوادوغو يوم الأحد في 3 ديسمبر من عام 2023 عن عمر ناهز الـ 77 عاماً، وهو الذي استخدم لعقودٍ من الزمن طريقةً تقليدية لإعادة زراعة الأشجار، والمساعدة في منع الصحراء الكبرى من تجاوز دولة بوركينا فاسو. وبفضل هذه الطريقة، نجح في إنشاء غابة مساحتها 40 هكتارًا تقريباً على أرضٍ قاحلة. فكيف استطاع سوادوغو أن يوقف تمدّد الصحراء للحفاظ على مصدر رزقه في أرضٍ اتسمت بقساوتها في شمال بوركينا فاسو؟
منظمة المجتمع العلمي العربي
في سبعينيات القرن الماضي، عانت العديد من الدول الإفريقية بما فيها موطن سوادوغو من التصحّر، حيث أدّى الإفراط في الزراعة، والرعي الجائر، والاكتظاظ السكاني إلى تآكل التربة وجفافها بشكلٍ كبير. ولكن في عام 1980، قرّر المزارع يعقوب سوادوغو، مكافحة انتشار التصحر وقتذاك، من خلال إحياء طريقة قديمة تسمى "زاي" (Zaï)، وهذا أدّى بالفعل إلى زيادة نمو الغابات، وتحسين جودة التربة.
أمّا "زاي" التي اعتمدها سوادوغو، فهي تقنية زراعية تتضمّن استخدام مجرفة أو فأس لتفتيت الأرض، وحَفر حُفَرٍ صغيرة في التربة قبل موسم الأمطار، يبلغ قطرها بين 20-40 سم، وبعمق 10-20 سم (تختلف الأبعاد وفقًا لنوع التربة). وبعد الحَفر، يُضاف السماد بمعدل متوسطه 0.6 كيلوغرام لكلّ حفرة. وبعدها يتم تغطية السماد بطبقةٍ رقيقة من التربة، وتوضع البذور في منتصف الحفرة. وهنا، يجذب السماد النمل الأبيض، الذي تساعد أنفاقه على تكسير التربة، وتفكيكها ممّا يساعد على تهوئتها، وزيادة القابلية لامتصاص الماء. وتؤدي "زاي" عدداً من الوظائف: الحفاظ على التربة والمياه، ومكافحة التعرية. وتتمثّل المزايا بشكلٍ خاص فيما يلي:
– إلتقاط الأمطار، والمياه التي تطفو على سطح التربة.
– حماية البذور والمواد العضوية من الغَسل عند هطول المطر.
– إحياء الأنشطة البيولوجية في التربة.
– إحتواء السماد المغطّى على بذور الأشجار أو الشجيرات، وهذا ما يساعد في تجديد الغطاء النباتي.
ومع أنّ تقنية "زاي" تُعدّ قليلة التكلفة، إلّا أنّها تحتاج لجهدٍ بدني كبير، حيث تستغرق عمليات الحَفر ما بين 300 إلى 450 ساعة لكلّ هكتار، في حين أنّ وَضع السماد يحتاج إلى حوالي 150 ساعة من العمل.
وقد أصبحت أساليب سوادوغو نموذجًا لتجديد التربة، وتحسين غلّة المحاصيل. كما أن جهوده مكّنت المزارعين من استصلاح الأراضي المتدهورة، ومكافحة التصحر. وأعيد إطلاق هذه الطريقة في عددٍ من البلدان.
وتقديراً لعطاءاته، جرى تكريم يعقوب سوادوغو بجائزة "رايت لايفليهود" المعروفة باسم "جائزة نوبل البديلة"، وذلك في عام 2018. أمّا إعلامياً، فقد تمّ عمل فيلمٍ وثائقي عنه في عام 2010، بعنوان "الرجل الذي أوقف الصحراء". بل حتىّ أنه عُرضَت تجربته خلال اجتماع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) في أكتوبر من العام 2012، والتي أقيمت في كوريا الجنوبية.
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة