الصيام والنفس
رمضان فرصة كبيرة للنفس المضطربة والتائهة لتعود لشاطئ الأمان والاستقرار والقناعة. وكل هذا يزيد من مناعة الجسم ويبعد المرض ويشد النفس ويطيل العمر ويجلب السعادة إلى الإنسان والأسرة والمجتمع وهذا مقصد كل نفس وروح. وكل الأبحاث العلمية المنشورة في المجلات الطبية أثبتت بأن القلق النفسي له دور مهبط لجهاز المناعة وسبب لكثير من الأمراض وخاصة أمراض القلب والضغط وداء السكري وقرحة المعدة وحتى الأمراض السرطانية. بل إن الشد العصبي والغيظ يقتل الإنسان. وقد نشرت مجلة Soc Sci Med عام 1999 بحثاً عن علاقة القلق والتأزم النفسي مع أمراض كثيرة وخاصة أمراض القلب وداء السكري والسرطان وأمراض الضغط.
وفي نفس العام نشرت المجلة الطبية Rev Med Intern في فرنسا مقالة مطولة أظهرت بأن القلق النفسي والشد العصبي وعدم الاستقرار والشعور بالمشاعر السلبية يؤدي إلى ضعف المناعة ناتجة عن خلل في هرمونات الجسم وأن السعادة والرضا والقناعة تؤدي إلى زيادة المناعة وتخفيف حدة المرض وخاصة الأمراض المناعية والروماتزم والسرطان. وفي عام 1997 نشرت المجلة الطبية Psychother Psychosom في إيطاليا بحثاً أثبتت بأن التوتر النفسي والقلق يؤدي إلى زيادة الإصابة بالالتهابات الفيروسية والبكتيرية والطفيلية.
ولكن أخي الكريم هل أن القلق والاضطرابات النفسية قلت في رمضان كما أراد الله للإنسان. عام 2000 نشرت مجلة Pschosom Med الطبية بأن القلق النفسي والاضطرابات العصبية وعدم الراحة وسرعة الانفعالات تزداد عند الصائمين. والزيادة تكون أعظم لو كان الصائم مدخناً. ولكن هل سألنا أنفسنا لماذا زادت الحالات النفسية توتراً أثناء الصوم. المفروض أن النفس البشرية تكون أكثر فرحاً وابتهاجاً وسعادة في أيام رمضان. لأنه شهر خاص بزيادة العلاقة بين الإنسان وربه. ولو كان الإنسان فعلاً يسير بهذا الاتجاه لما زادت الحالات النفسية وكثرت المشاكل النفسية والقلق. إذن لابد للصائمين أن يحسنوا صيامهم ويزدادوا تقرباً ووثوقاً بالله عز وجل فهو السبيل لراحة البال وطمأنينة النفس البشرية.
الصوم والأمراض
الصيام يفترض أن يكون فيه عافية للجسم البشري. فمثلاً نشرت مجلة Int. J. Cardiol عام 1999 المختصة بأمراض القلب بأن حالات الذبحة وأوجاع القلب تقل بدرجة كبيرة عند الصائمين.
وفي مجلة الأغذية السريرية الطبية عام 2000 أظهرت نتائج دراسة مهمة بأن الصيام يقلل ارتفاع نسبة حامض اليوريك في الدم الذي يسبب داء النقرس أو داء الملوك. وفي عام 2001 نشرت المجلة الطبية المتخصصة بأمراض داء السكري Diabetes Metab على أن المرضى المصابين بداء السكري والمعتمد على الأنسولين يمكن لهم الصوم إذا رغبوا باستعمال أحد أنواع الأنسولين حيث ينصح المريض بمراجعة الطبيب لمتابعة حالته الصحية وإعطاء النصيحة حول إمكانية الصيام واستعمال الجرع المقنن من الأنسولين.
وفي عام 1990 نشر بحث علمي في ماليزيا يؤكد بأن الصيام لا يضر المرضى المصابين بداء السكري من النوع الثاني المعتمد على الحبوب. وفي عام 2000 نشرت المجلة الأوروبية للتغذية السريرية بحثاً أجري في دولة الكويت أظهر بأن الصوم يؤدي إلى زيادة نسبة الدهون المفيدة في دم المرضى الذين يعانون من زيادة كبيرة في الكولسترول وكذلك يؤدي الصوم إلى انخفاض في نسبة حامض اليوريك. وفي عام 1993 نشرت المجلة الطبية البريطانية BMJ في عددها 307 بأن مرضى السكري الذين لا يحتاجون إلى استعمال الأنسولين يمكن لهم الصيام وأن استخدام حبوب مضادات السكري عند الفطور والسحور يمكن أن يساعدهم في السيطرة على ارتفاع مستويات السكر في الدم. وفي المملكة العربية السعودية تم نشر بحث طبي عام 1990 أظهر بأن الصيام مفيد للمرضى المصابين بداء السكري الغير معتمد على الحبوب والذي يؤدي أيضاً إلى تقليل في مستوى الدهون الثلاثية في الدم . وفي عام 1998 نشرت مجلة Arch Mal Coenr Vaiss في عددها 91 بأن الصيام مفيد جداً للمرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم شريطة أن لا يكونوا مصابين بمضاعفات ضغط الدم.
وفيما يخص المرضى المصابين بقرحة المعدة الحادة فإن تم نشر بحث في مجلة Gastroenterol Clin عام 1997 في عددها 21 أظهر بأن الصيام لا يؤثر على قرحة المعدة بشرط أن يتناول المريض العلاجات وخاصة تلك التي تؤدي إلى زيادة حموضة المعدة .
وفي عام 1997 نشرت مجلة العلمية المتخصصة في الأغذية بعددها 41 بأن الصيام عند المسلمين يؤدي إلى قلة الكولسترول والدهون الثلاثية ويؤدي إلى زيادة الدهون الحميدة في الدم. وهذه مهمة وخاصة بالنسبة إلى المرضى المصابين بأمراض الشرايين وخلل الفعاليات ا لأيضية للدهون. عام 2000 في قسم علوم الأمراض – جامعة الكويت –دولة الكويت بحث علمي أظهر بأن الصوم ينظم مستويات الدهون في الدم وخاصة تلك الدهون التي لها علاقة بعمل القلب وتوسع الشرايين (Eur J Clin Nutr 2000, 54,508)
إن أكل وجبة واحدة في الفطور بعد الصيام تعتبر من العوامل المهمة لزيادة مستوى الدهون الحميدة في الدم (Eur J Clin Nutr 1998,52,127)
نشرت المجلة العالمية المتخصصة بصيام شهر رمضان مقالة استعرضت فيها التجارب العلمية إلى تسعة عشر بحثاً طبياً أجري على التغيرات التي يحدثها الصوم على الصائمين. وقد تبين بأن الناس الأصحاء لا يحدث لهم أي مكروه عند الصيام ولكن يظه زيادة في حامض اليوريك مع هبوط في مستوى الكولسترول. في عام 1997 بحث في فرنسا أظهر بأن الصوم يؤدي إلى تقليل ليس فقط الكولسترول بل الدهون الثلاثية أيضاً. (Ann Nutr Medtab 1997,41,242)
وفي نفس المجال أظهرت دراسة علمية نشرت في المجلة الأوروبية لعمل الوظائف عام 1996 بعددها 73 (Eur J Appl Physiol) بأن الصيام يقلل من قدرة الأقراص الدموية على التجمع ويهبط من لزوجتها وهذا مفيد جداً لتفادي الإصابة بالنوبات القلبية لأن زيادة لزوجة هذه الأقراص الدموية يعتبر عامل أساسي لحدوث الأزمات القلبية والدماغية. وفيما يتعلق بالسيدات الحوامل فقط أظهرت دراسة نشرت في المجلة الطبية لأمراض الأطفال Arch Dis Child عام 1990 وفي مستشفى سورنتو للأمومة في بريطاني بأن الصيام لا يؤثر على أوزان الأطفال لدى السيدات الحوامل وهن صائمات حيث يكون الجنين في سن كاملة عند الولادة. الصيام لا يؤثر على فعالية وعمل الغدة الدرقية وأن الهورمونات التي تفرزها الغدة تكون متوازنة أثناء فترة الصيام. هذا ما تم اكتشافه عام 1991 (J Pak Med Assoc 1991,41,213) .
هذه فقط بعض المقالات الطبية المنشورة عن فوائد الصيام وأهميته وهناك الكثير الكثير الذي لا يسمح به المجال. ولكن هناك الأضرار الكبيرة ا لتي ظهرت في الآونة الأخيرة وأثبتتها التجارب المشاهدات العلمية الناتجة عن طريق تعامل معظم الناس مع شهر الصيام. على الرغم من كثرة الأبحاث العلمية حول رمضان إلا أن معظم نتائج الدراسات تكون عادة غير واضحة وفيها بعض التناقض. هذا ما تم ملاحظته في استعراض لأكثر من ثلاثين بحثا أجري على تأثيرات صوم رمضان على الصائمين. وقد نشر ملخص هذه الأبحاث عام 1997 في أمريكا (Int J Ramadan Fasting Res 1997,1,1). والسبب الأساسي كما أعتقد هو عدم صوم المسلمين الصوم الصحيح. فلو صاموا الصوم الصحيح الذي أراده الله عز وجل لكانت كل النتائج في صالح الإنسان.
تابع قراءة سلسلة "هل نصوم الصوم الصحيح؟"
1- الصيام تدريب وصحة وطول عمر
2- الصيام والنفس والوقاية من الأمراض "أنت هنا"
3- رمضان والبيئة
4- الصوم والعمل والنوم
5- الصوم والغذاء
6- كيف نعيش الصيام
7- ماذا أعددنا لشهر رمضان؟
تواصل مع الكاتب: drnoori6@yahoo.com
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة