أ.د. عبد الرؤوف علي المناعمة
الجامعة الإسلامية – غزة/دولة فلسطين
البريد الإلكتروني: elmanama_144@yahoo.com
إسلام المناعمة
الجامعة الإسلامية – غزة/دولة فلسطين
البريد الإلكتروني: elmanama1996@gmail.com
مقدمة
فيروس الروتا Rotavirus مسبب شائع لأمراض الجهاز الهضمي خاصةً عند الأطفال دون سن الخامسة. تم الكشف عن هذا الفيروس لأول مرة كمُسبّب للإسهال عام 1973م على يد الباحث بيشوب وزملائه. وبحلول 1980، اعتُبر فيروس الروتا كأكثر مسبب لالتهابات الجهاز الهضمي الحادة بين الرضّع والأطفال في الولايات المتحدة. وكان قد سمي بذلكـ الاسم "الروتا (باللاتيني)" ما يعني العَجَلة؛ لأن الفيروس يظهر في المجهر الالكتروني على شكل عَجَلة.
انتشار الفيروس حول العالم
ينتشر فيروس الروتا ويسبب المرض في جميع أنحاء العالم. لكن معدل الانتشار لسلالات الفيروس تختلف باختلاف المنطقة الجغرافية، وهناك سلالات غير داخلة في تركيب اللقاح متواجدة في بعض المناطق. يوجد فيروس الروتا المعدي في أمعاء وبراز الانسان المصاب. على الرغم من أن الفيروس قد يصيب الثدييات الأخرى إلا أن احتمالية انتقال الفيروس للإنسان من الحيوانات ضعيفة جداً. ينتقل الفيروس من البراز-للفم والاتصال المباشر مع المصاب أو ملامسة الأسطح الملوثة بالبراز.
ينتشر الفيروس بشكل كبير خلال الخريف والشتاء في المناطق معتدلة المناخ. بينما في المناطق الاستوائية غير مرتبط بموسم محدد فعلياً. من الفئات المعرضة لخطر الاصابة بالفيروس: الأطفال في الحضانات العامة أو في المستشفى، مقدمي الرعاية، أيضاً الأطفال والكبار المصابين بأمراض نقص المناعة.
ينتشر فيروس الروتا بسهولة بين الرضع والأطفال الصغار الذين يمكنهم نشر فيروس الروتا لأفراد الأسرة والأشخاص الآخرين الذين لديهم اتصال وثيق بهم. وتعتبر النظافة الجيدة مثل غسل اليدين والنظافة مهمة، لكنها ليست كافية للسيطرة على انتشار المرض. لذلك يعتبر التطعيم ضد فيروس الروتا هو أفضل طريقة لحماية الاطفال من الإصابة بإسهال فيروس الروتا.
الكائن المسبب
فيروس الروتا، يحتوي على الحمض النووي RNA ثنائي السلسلة من عائلة Reoviridae. يتكون الفيروس من هيكل يحتوي على 11 قطعة جينية من الحمض النووي الريبوزي مزدوج الشريط “dsRNA”. الطبقة الخارجية تحتوي اثنين من البروتينات المهمة VP7 أو بروتين G، و VP4 أو بروتين P. يساهم VP4 و VP7في تحديد –Serotypes– النوع المصلي للفيروس وأيضاً تحفيز جهاز المناعة لتكوين الأجسام المضادة. هناك العديد من السلالات التابعة لفيروس الروتا، تتصّدرها 5 في الولايات المتحدة هي G1,G2, G3, G4, G9 والتي تشكل 90% من العزلات التي يتم الحصول عليها من الأطفال المصابين. 50% منها تتسبب بها سلالة G1.
يعد فيروس الروتا فيروساً مستقراً، بإمكانه البقاء فعالاً في البيئة لأسابيع تمتد لأشهر إذا لم يتم تطهير المكان. يسبب الفيروس الأمراض للعديد من الثدييات مثل البقر والقرود. لكن السلالات التي تصيب الحيوان تختلف جينياً عن تلك التي تصيب الانسان ونادراً ما تسبب بأمراض له.
طرق الانتقال
يدخل الفيروس عن طريق الفم، من خلال تناول شراب أو طعام ملوث بالفيروس ويتكاثر الفيروس في الخلايا الطلائية للأمعاء وخارجها. في الأشخاص ذوي المناعة السليمة، التهابات الدم غير واردة الحدوث. لكن الالتهابات في الجهاز الهضمي تؤدي لحدوث إسهال. يتخلص الجسم المصاب من الفيروس في البراز. هذه هي الطريقة التي ينتقل بها الفيروس إلى البيئة ويمكن أن يصيب الآخرين. ويزداد احتمال نقل العدوى للآخرين، سواء عند ظهور الأعراض عليهم أو خلال الأيام الثلاثة الأولى بعد تعافيهم. يمكن للأشخاص المصابين بفيروس الروتا أيضاً نقل العدوى للآخرين قبل ظهور الأعراض عليهم. الأجسام المضادة للأنتيجنات VP4 و VP7 مهمة لحماية الجسم. غالباً الإصابة الأولى لا تعطي مناعة طويلة الأمد، من الممكن أن يصاب الانسان مرة أخرى بأي عمر وتكون أقل حدة.
الأعراض
فترة حضانة فيروس الروتا من يوم الى ثلاثة أيام. وتختلف الأعراض إعتماداً على ما إذا كانت الاصابة بالفيروس للمرة الأولى أو مرة أخرى. وقد لا تظهر اية أعراض على بعض المصابين، وقد تتسبب بإسهال مائي لا يحتاج لعلاج أو يسبب إسهال مسبباً الجفاف مصاحب الحمى والتقيؤ.
تعد الإصابة الأولى بعمر 3 أشهر أكثرها حدّة وخطورة. حيث أكثر من ثلث الأطفال المصابين تصل درجة الحرارة لديهم أعلى من 39 درجة. تتلاشى أعراض الجهاز الهضمي خلال 3- 7 أيام. الأعراض السريرية وخصائص البراز الناتج عن فيروس الروتا المسبّب للإسهال غير محدد ومشابه لأمراض تسببها جراثيم أخرى. لذا، من الضروري عمل فحوصات مخبرية لتأكيد أن مرض الإسهال سببه فيروس الروتا.
يمكن أن يستمر القيء والإسهال المائي من ثلاثة إلى ثمانية أيام. وقد تشمل الأعراض الإضافية فقدان الشهية والجفاف (فقدان سوائل الجسم) ، والتي يمكن أن تكون خطيرة بشكل خاص على الرضع والأطفال الصغار. حيث تشمل أعراض الجفاف ما يلي: قلة التبول، جفاف الفم والحلق، الشعور بالدوّار عند الوقوف، البكاء مع دموع قليلة أو معدومة، النعاس غير العادي.
مضاعفات محتملة
قد تحصل بعض المضاعفات منها: الجفاف الحاد نتيجة الإسهال الشديد والتقيؤ، اختلال توازن الأملاح. الذين يعانون من نقص المناعة يكون المرض أشد لديهم وهناك خطورة لحدوث إشكاليات في أعضاء أخرى بالجسم خصوصاً الكلى والكبد.
التشخيص
وذلك بإجراء فحوصات PCR للكشف عن الحمض النووي أو اختبارات مصلية للكشف عن المستضد (الانتجين) من عينات البراز. يمكن تحديد السلالات بشكل أكبر عن طريق تسلسل الحمض النووي، ولكن عادةً ما يتم إجراء هذه الاختبارات فقط بواسطة المختبرات العاملة في مجال المراقبة أو البحث.
العلاج ومنع المضاعفات
ليس هناك علاج محدد لأمراض فيروس روتا. لكن يتم تقديم الرعاية الداعمة مثل تعويض السوائل والأملاح، الراحة وتخفيف الحمى. المضادات الحيوية لا تفيد ولا يوجد مضادات لفيروس الروتا.
نظرًا لأن مرض الروتا يمكن أن يسبب القيء الشديد والإسهال، فقد يؤدي إلى الجفاف (فقدان سوائل الجسم). أفضل طريقة للوقاية من الجفاف هي شرب الكثير من السوائل. يمكنك الحصول على محاليل معالجة الجفاف عن طريق الفم دون وصفة طبية؛ هذه هي الأكثر فائدة للجفاف الخفيف. قد يتطلب الجفاف الشديد دخول المستشفى للعلاج بالسوائل الوريدية (IV) التي يتلقاها المرضى مباشرة من خلال عروقهم.
إحصائيات وأرقام
قدّر مركز السيطرة على الأمراض أن في الولايات المتحدة ما يقارب 2.7 مليون حالة كل عام، 95% هم أطفال دون الخمس سنوات. المعدل مشابه في الدول المتقدمة والنامية، ما يعني أن نظام الصرف الصحي وحده غير كافي لمنع العدوى. فيروس الروتا مسؤول عن وفاة من 20- 60 شخص سنوياً في الولايات المتحدة وأكثر من 500.000 حالة وفاة من الإسهال على الصعيد العالمي.
الوقاية باللقاح
تتم حماية معظم الأطفال (حوالي 9 من 10) الذين يتلقون اللقاح من مرض فيروس الروتا الحاد. بينما يتم حماية حوالي 7 من كل 10 أطفال من مرض الروتا مهما كانت شدته. تم ترخيص اللقاح لمنع الأمراض المعوية الناتجة عن فيروس الروتا لأول مرة في أغسطس عام 1998م، لكن تم سحبه في 1999 لارتباطه مع حدوث انغلاف معوي intussusception مسبباً انسداد. وتم ترخيص جيل ثاني من اللقاح في 2006م.
هناك نوعان من اللقاحات المتوفرة لفيروس الروتا وكلاهما من نوع حي مضعّف (موهن Attenuated). لقاح روتاريكس Rotarix® (المشتق من سلالة واحدة مشتركة من فيروس الروتا البشري) ولقاح روتاتك RotaTeq® (المأخوذ من فيروس الروتا البقري والبشري)، وهما مجازان مسبقاً من قبل منظمة الصحة العالمية ويتميز كل من اللقاحين بالفعالية الكبيرة في الوقاية من الأمراض المعوية الشديدة. يتم إعطاء RotaTeq® على ثلاث جرعات في عمر شهرين و 4 أشهر و 6 أشهر، يتم إعطاء Rotarix® على جرعتين في عمر شهرين و 4 أشهر. يجب إعطاء الجرعة الأولى من أي من اللقاحين قبل أن يبلغ الطفل 15 أسبوعاً من العمر. من الأفضل أن يتلقى الأطفال جميع جرعات لقاح الروتا قبل بلوغهم 8 أشهر من العمر. يتم إعطاء اللقاحين عن طريق وضع قطرات في فم الطفل.
يمكن أن تكون فعالية اللقاح في الدول ذات الدخل المنخفض أقل من في المناطق الصناعية، في كل من اللقاحات الفموية الحيّة الأخرى، ولكن حتى مع هذه الفعالية المنخفضة، فقد حدث انخفاض أكبر في أعداد المصابين بالتهابات الأمعاء الشديدة وحالات الوفاة؛ ويرجع ذلك إلى ارتفاع نسبة الإصابة بمرض فيروس الروتا الرئيسي.
توصيات
توصي منظمة الصحة العالمية بأنه يتعين إدراج لقاحات فيروس الروتا في جميع برامج المناعة القومية واعتباره ذي أولوية خاصة في بلدان جنوب شرق وجنوب آسيا وجنوب الصحراء الكبرى الأفريقية. وتستمر منظمة الصحة العالمية في التوصية بإعطاء الجرعة الأولى إما من لقاح روتاريكس™ أو لقاح روتاتك™ في أقرب وقت ممكن بعد عمر 6 أسابيع مع تطعيم الدفتيريا، الكزاز والسعال الديكي. العمر الأقصى لتلقي الجرعة الأخيرة من لقاح فيروس روتا هو 32 أسبوعاً. وبغض النظر عن انخفاض مخاطر الانغلاف المعوي (التي تصيب 6 حالات من كل 100,000 طفل رضيع مُطعّم)، تعتبر لقاحات فيروس الروتا الحالية آمنة ويتم تحمّلها بشكل جيد.
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة