إن أهم ما يخشاه كل من يقدم مخطوطة لمجلة علمية محكمة تخضع لمراجعة الأقران، هو رفضها. وفي هذا المقال سنحاول أن نبين كيف يمكننا لفت نظر المحرر وقبول المخطوطة.
إن نشر بحث له تأثير ضئيل أو معدوم على مجتمعنا العلمي لا يخدم مصالح العلم. لذلك يبذل محررو المجلات العلمية جهداً لاختيار الأوراق التي تستحق النشر. حيث يقومون بتقييم جميع المخطوطات التي يتم إرسالها إلى مجلتهم، واختيار تلك التي يرون أنها مناسبة للمجلة لإرسالها للمحكمين، أي مراجعة الأقران، والنظر في توصياتهم لاتخاذ قرار نهائي بشأن ما يتم نشره. لذلك، من المهم أن تعرف كيف يتخذون قراراتهم، لتضمن قبول ورقتك للنشر.
ما الذي يبحث عنه محرر المجلة؟
محررو المجلة مشغولون، وعادة ما يتعين عليهم اتخاذ قرار أولي وبسرعة بشأن ملاءمة الورقة للنشر. وعندما يستقبلون مخطوطة جديدة، ينظرون عادة إلى العنوان والملخص والخاتمة والمراجع. يستخدمون هذا للحكم على ما إذا كانت المخطوطة المقدمة تقع ضمن نطاق المجلة؟ وهل الموضوع مهم ويستحق النشر؟
يرغب محررو المجلة في نشر علوم عالية الجودة تهم قرائهم. ومن المرجح أن يتم قبول ما ترسله إذا كان ضمن نطاق المجلة، وأن البحث جديد وأصيل يطور ويضيف للمعرفة في مجال تخصصه، كما يجب أن تنقل مخطوطتك رسالة علمية تبين بوضوح أهمية الدراسة التي قمت بها والتي تتضمنها مخطوطتك. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجب أن تكون الورقة مكتوبة ومنسقة بعناية مع وجود جميع الأقسام المطلوبة والتي ذكرناها في المقالات السابقة. وأن تكون مكتوبة بلغة واضحة وموجزة، وتتبع المعايير الأخلاقية.
هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى رفض نشر المخطوطة، ويمكن أن يساعدك الفهم الجيد لتلك الأسباب في إعطاء مخطوطتك فرصة أفضل للقبول.
لكي تنشر في مجلة علمية، يجب أن تلبي الورقة أربعة معايير مهمة:
- النطاق والتخصص: يجب أن يتطابق محتوى الورقة مع نطاق المجلة.
- الجودة: يجب أن تكون جودة الورقة (طريقة وتنفيذ البحث، وكذلك الكتابة) عالية بما فيه الكفاية.
- الأصالة والجدة: يجب أن تقدم الورقة نتائج جديدة (باستثناء أوراق المراجعة وما شابه).
- الأهمية: يجب أن تكون النتائج مهمة ومعتبرة كماً ونوعاً بما يكفي لتستحق القراءة عنها (وبالتالي تستحق النشر).
- النطاق
أسهل طريقة لرفض مخطوطك هي إرسالها إلى المجلة الخاطئة. سيتم رفض المخطوطة مهما كانت جودتها إذا لم تكن تتحدث عما تختص به المجلة. وبالتالي، يجب عليك البحث بعناية في نطاق أي مجلة تريد إرسال مخطوطتك إليها والتأكد من أن ورقتك ضمن تخصص ونطاق المجلة.
- الجودة
هناك جانبان من الجودة المتعلقة بمنشورات المجلات: جودة العمل الذي تريد نشره، وجودة الكتابة.
إن جودة العمل هي في الأساس حكم على العلم، بما في ذلك العناية التي يتم اتخاذها في تخطيط وتنفيذ التجارب، وكذلك في تحليل ومناقشة النتائج وملاءمتها في الإطار الأوسع للمجال العلمي. إن تحديد ما المقصود بجودة العلم هو مهمة كبيرة نوعا ما، وهو خارج نطاق هذا السلسلة من المقالات.
جودة العرض الكتابي للعمل وهو الموضوع العام لهذه السلسلة. على الرغم من أن إصلاح العرض الكتابي أسهل من إصلاح العمل العلمي نفسه، إلا أن سوء طريقة العرض قد تكون سبباً كافياً لرفض الورقة مهما كانت تحمل من علم جيد، والسبب هو أنه قد يكون من المستحيل تقريبا الحكم على جودة العمل نفسه، ويضطر المحرر أحيانًا إلى رفض ورقة بسبب سوء الكتابة دون أي حكم حقيقي على العلم المعني.
بعبارة أخرى، إذا كنت تريد من المحررين والمراجعين التركيز على جودة عملك العلمي، يجب أن تسهل المهمة عليهم وعلى القراء عموماً، وذلك بجودة الكتابة (وسيكون القراء الأوائل محرري ومراجعي المجلة) لفهم وتقييم العلوم التي تعرضها، وننصحك بتطبيق ما جاء في هذه السلسلة من توصيات.
- الحداثة
باستثناء أوراق المراجعة، يجب أن تحتوي المخطوطة على شيء جديد يستحق النشر في مجلة علمية. إن المهمة الأولى للمجلة العلمية هي أن تضيف إلى المعرفة في مجال العلم المعني. وبالتالي، يجب أن تضيف ورقة المجلة شيئًا جديدًا إلى مجموعة المعارف هذه (نظرية جديدة، تصاميم جديدة، نماذج جديدة، طرق جديدة، بيانات جديدة، أو تحليل جديد). وبالتالي، تُعد عملية بحثك عن الأوراق السابقة في مجال بحثك وإدراجها في قائمة المراجع (الاقتباس) مطلبا أساسيا للحكم على العمل ومعرفة الجديد الذي قدمته في ورقتك هذه.
بالطبع، لا يجب أن يكون كل شيء في الورقة جديدًا، وغالبًا ما تكون المنشورات شبيهة بالتقارير المرحلية، التي يتم إنتاجها عند تحقيق معلم بارز في مشروع بحثي طويل المدى. في مثل هذه الحالة، من المناسب أن تقوم بعض أجزاء الورقة بمراجعة العمل المنشور مسبقًا من نفس المشروع، وفي هذه الحالة يجب الموازنة بين الرغبة في نشر أحدث النتائج، حتى لو كانت غير مكتملة، والرغبة في ضمان وجود معلومات جديدة كافية في هذه الورقة الأخيرة لجعل قراءتها جديرة بالاهتمام في ضوء المنشورات السابقة والحاجة المعترف بها للعمل المستقبلي.
القاعدة الأساسية الجيدة هي أن 50% على الأقل من النتائج المقدمة يجب أن تكون جديدة. إذا وجدت أن أكثر من نصف النتائج التي قدمتها قد تم نشرها من قبل، فمن المحتمل أنك لم تقم بعمل جديد يكفي لتبرير نشر بحث جديد. فانتظر حتى تتوفر لديك نتائج أكثر لنشرها.
- الأهمية
ربما يكون هذا الشرط هو الأكثر غموضا وصعوبة، حيث إن كل مجلة يهمها أن تنشر ما يهتم به القراء، وبالتالي يجب الحكم على الأهمية بناءً على وجهة نظر القراء، مثل كم عدد الأشخاص الذين سيقرؤون هذه الورقة ويضعون ما بها من علم قيد الاستخدام؟
وكما يبدو واضحا، فإن من الصعب جِدًّا على المحررين والمراجعين الحكم على الأهمية المستقبلية للمخطوطة المقدمة، وبشكل عام يتخذ المحررون والمراجعون منهجاً من خطوتين لإجراء مثل هذا التقييم:
ما مدى أهمية المشكلة التي يتم تناولها في العمل؟
وما مدى التقدم الذي تم إحرازه على الأدبيات السابقة التي يمثلها هذا العمل؟
والخلاصة هي أن محرري المجلة العلمية يبحثون دائماً عن أربعة أشياء في كل مخطوطة يتم تقديمها إلى مجلتهم: النطاق والجودة والجدة والأهمية.
لذلك من المستحسن، قبل إرسال مخطوطة للنشر، حاول تقييمها بنفسك باستخدام هذه الفئات الأربع.
ولأن ما يهمنا هنا يدور حول كتابة ورقتك، فإن نصيحتي هي تسهيل الأمر على القارئ (والمراجع) لتقييم عملك عند قراءة الورقة. اكتب بحيث يكون من الواضح ما هو نطاق عملك، وما هو الجديد وكيف يتناسب مع العمل المنشور مسبقًا، وسبب أهميته. واجعل جودة كتابتك عالية بما فيه الكفاية حتى يتمكن القارئ من الحكم على جودة العلم بشكل صحيح.
نصيحة: بعد الانتهاء من كتابة مخطوطتك، أطلب من زميلك قراءتها وتقديم ملاحظات حول كيفية تسلسل المخطوطة. إذا لزم الأمر، أعد كتابة مخطوطك حتى تقرأ بشكل جيد وتلفت انتباه المحرر.
البريد الإلكتروني للكاتب: mmr@arsco.org