معامل التأثير العربي
الكاتب : دكتور طارق قابيل
موزة بنت محمد الربان
رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي
02:35 صباحًا
28, يونيو 2020
"الاقتباس" أو "الاستشهاد" هو الطريقة التي تخبر بها قرائك أن مادة معينة في عملك أتت من مصدر آخر أو تعتمد عليه. ويجب أن توفر لهم المعلومات اللازمة للعثور على هذا المصدر، بما في ذلك: معلومات عن المؤلف وعنوان ذلك المصدر وأين يمكن أن يجدوه.
كما ذكرنا في مقدمة هذه السلسلة، فإن المعرفة الإنسانية عموماً، ومنها المعرفة العلمية، هي معرفة تراكمية، تزداد ويُبنى اللاحق منها على السابق، وعليه لابد من آليات وأدوات لحفظ تلك المعرفة ونشرها داخل المجتمع العلمي. حتى الآن أهم آلية مستخدمة اليوم هي "النشر العلمي". ولكي تشارك في بناء المعرفة والنشر العلمي، لابد من أن تضع لَبنتك فوق لبنات أخرى في البناء المعرفي. ولا بد أن تُعرّف الآخرين بأساس لبنتك ودور عملك في إتمام ذلك البناء، وتدع لهم الفرصة في الحكم على عملك بناء على أساسه الذي بنيته عليه والسياق الذي قدمته في مناقشتك واستنتاجاتك، هل هو عمل قوي سيكون أساساً لأعمال أخرى كثيرة أو قليلة، أو ليس له أهمية تذكر، أو يحتاج إلى مناقشة ورد، وعدم اعتراف؟ فهذا هو منهاج العلم وبنيانه. ومن هنا تظهر أهمية ذكر المراجع في أي عمل علمي. فبدون معرفة أساس العمل لا يمكن لغيرك أن يتأكد من قيمة عملك ويحكم عليه.
بكلمة أخرى، في كل فرع ومجال علمي هناك نظريات وطرق ومدارس فكرية معتمدة، ونظراً لأن جميع التطورات العلمية تقريباً تبنى على المعرفة السابقة، فمن الأهمية بمكان أن يتم وضع العمل العلمي الجديد في السياق المناسب فيما يتعلق بالعمل الماضي الذي يعتمد عليه، الآلية الأساسية لهذا هي ما يتعارف عليه بالاقتباس أو الاستشهاد (أو كتابة المرجع).
ليس فقط من أجل الأمانة العلمية ومعرفة الفضل لأهله، ولكن أيضاً، لتعطي عملك الشرعية العلمية وتضعه في مكانه في خارطة المعرفة في ذلك المجال والتخصص. كما أنه عندما يتم وضع مراجع لأعمال أخرى ضمن الورقة العلمية، فإن هذا يخلق نقاط اتصال مع مجموعة علمية من المنشورات من أجل احتواء العمل الجديد في شبكة المعرفة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تتعلق بخاصية الشك والتيقن في العمل العلمي والذي هو أيضًا جزء من العلم (المنهاج العلمي)، تُستخدم الاقتباسات أيضًا لمساعدة القراء على التحقق من جودة العمل الجديد وتقييم قوة استنتاجاته.
فإذا عُلم هذا، فيجب الحرص على اختيار المراجع الصحيحة التي لها دور حقيقي في عملك. فمن الأخطاء الشائعة كتابة مراجع لا تمت بصلة إلى العمل أو لا تدخل في المناقشة، فكثرة المراجع ليست دليلاً على قوة بحثك، بل قد يتسبب ذلك في إرباك القارئ وتشتيته، وإعطاء صورة غير دقيقة عن عملك، ولا تنس أن القراء هم من المتخصصين.
وفي المقابل، قد لا يذكر الباحث مرجعاً مهماً مما يضعف المناقشة والحجة، أو قد يتسبب ذلك في وصم العمل بالسرقة العلمية وعدم الأمانة. لذلك كن حريصاً في وضع المراجع، وتحديد مكان الاقتباس من المرجع الأصلي، أي حدد في كتابتك عن معلومة معينة من أين أتيت بها في مكانها. (دائماً احرص على المصداقية والوضوح والشفافية، وأرح القارئ). ولا تنس أن القراء متخصصون وسوف يكتشفون ما إذا كانت هناك أفكار ومعلومات لآخرين لم تدرج مصادرها، بالإضافة إلى أن المجلات العلمية المرموقة لابد لها من إجراء فحص للمعلومات للتأكد من أنها تخضع للأمانة الفكرية.
وهذا التقليد المتبع في الأوساط العلمية يحميك ويحمي الآخرين، فأنت لا تريد أيضاً أن تجد من يستعمل جهدك وينسبه لنفسه دون أن يذكرك، أليس كذلك؟
ما هي المصادر التي يمكنك أن تستشهد بها في عملك أو تقتبس منها؟
مما لا شك فيه أن هذه المصادر يجب أن تكون موثوقة. يمكنك الاستشهاد بالمقالات المنشورة في المجلات والدوريات العلمية المحكمة، ووقائع المؤتمرات والكتب وأطروحات الطلاب والصحف والمصادر غير المطبوعة (مثل الأفلام أو الوسائط المسجلة الأخرى) أو مواقع الويب أو الموارد الأخرى عبر الإنترنت أو مواد الكمبيوتر (مثل قرص مدمج للبيانات المنشورةa Published CDROM of data أو جزء من البرامج الإلكترونية software)، والاتصالات الشخصية.
أهداف الاقتباس:
الاستشهادات في ورقة علمية تخدم العديد من الأهداف، من أهمها:
كما ذكرنا في مقال (ما قبل الكتابة)، يبدأ أي مشروع بحثي جديد بالبحث فيما قد تم نشره حول الموضوع، وأين وصل العلم فيه والمعرفة الجماعية حوله. وبالتالي، يجب أن تكون لديك فكرة جيدة عن الأوراق الرئيسية في هذا المجال قبل بدء العمل. ولكن، يجب أن تستمر هذه العملية، وأعني بها متابعة البحث فيما ينشر حول موضوع بحثك، طوال فترة العمل حتى يتم الانتهاء من نشر ورقتك. وذلك، لأنه قد ينشر باحثون آخرون يعملون في نفس المجال أعمالاً جديدة توفر أفكاراً ونتائج قد تعزز نتائجك، أو تغير مسار بحثك، وهذا مهم جدا وقد يترتب عليه إضافة مراجع جديدة أو إلغاء مراجع كنت قد اعتمدتها في بداية البحث.
تحقق ثم تحقق
لا تنس أن كتابة المراجع من مهمة المؤلف. ولا تنس أيضاً أن "الاستشهاد"، مثل جميع جوانب الكتابة العلمية، هو من منظور بسيط، يجب أن يقدم أفضل ما يخدم احتياجات القارئ ويسهل عليه ويحفظ وقته.
وهناك بعض الأخطاء الشائعة في كتابة وإدراج المراجع في الورقة، منها:
في النهاية، يمكن للمؤلفين تخفيف مشاكل الاقتباس عن طريق طرح سؤالين:
القارئ وليس على المؤلف
لإدراج الاستشهادات والمراجع في منشور علمي بشكل جيد، يجب على المرء أن يضع في اعتباره الأهداف المتعددة للاقتباس الصحيح. ولكن مثل الجوانب الأخرى للكتابة العلمية الجيدة، لابد من أن تضع في اعتبارك، جعل ورقتك تركز على القارئ وليس على المؤلف.
على الرغم من أنه من الشائع اختيار الاستشهادات التي تجعل الورقة أكثر قيمة للمؤلف (من خلال الاستشهاد على سبيل المثال، بما هو جديد أو أوراق لعلماء بارزين ومشهورين أو ورقة منشورة في مجلة ذات صيت عالمي)، فإن الاقتباسات الجيدة هي تلك التي تجعل الورقة أكثر قيمة للقارئ.
صحيح أن القيام بالاستشهاد الجيد يتطلب المزيد من العمل من قِبل المؤلفين لكن،
الاستشهاد الدقيق يستحق الجهد إذا كان هدفك هو نشر علمي عالي الجودة.
أخيرًا، تحقق مما يلي:
البريد الالكتروني للكاتب: mmr@arsco.org
الكلمات المفتاحية