مقدمة
طور باحثون أمريكيون بالاشتراك مع باحث مصري طريقة جديدة للتحرير الجيني لتعديل جينوم الثيران لتثبيط نمو قرونها، مما يسهل وظيفة عمال مزارع الألبان ويجعلها أكثر أمانا، كما يقلل الألم الذي تعاني منه الثيران نتيجة لعملية إزالة قرونها. وقد تؤدي هذه النتائج البحثية، إلى السماح بتداول الحيوانات المحررة جينوميا في المستقبل القريب.
طور باحثون طريقة جديدة للتحرير الجيني لتعديل جينوم الثيران لتثبيط نمو قرونها، ويتوقع الخبراء أن تطوير ثيران دون قرون يسهل وظيفة عمال مزارع الألبان ويجعلها أكثر أمانا، ويقلل الألم الذي تعاني منه الثيران نتيجة لعملية إزالة قرونها. قام بهذا العمل علماء جامعة كاليفورنيا في ديفيس بالاشتراك مع الباحث المصري تامر منصور من جامعة المنصورة، وتم نشر النتائج في مجلة "نيتشر بيوتكنولوجي"، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام المنصرم 2019، وتم تأكيد هذه النتائج من جانب هيئة الغذاء والدواء الأمريكية.
تحرير الجينوم
في عام 2016، ذكر العلماء أن اثنين من ثيران الألبان الذكور قد ولدا بطفرة أدّت لعدم تطوير قرون نتيجة للتعديلات الجينية التي أدخلت على تسلسل الحمض النووي الخاص بهما باستخدام تقنية تحرير الجينوم. وكانت هذه الطفرة سائدة، ويمكن تمريرها لذريتيهما من العجول في نهاية المطاف لتصبح جميعها دون قرون. ووفقا للبحث الأخير، أدخل العلماء قطعة صغيرة من الحمض النووي البكتيري تسمى البلازميد، وتستخدم لإيلاج مغايرا جينيا خاص بعدم وجود القرون إلى الحمض النووي للثيران، مما يؤدي في النهاية لإزالة الجين الخاص بنمو القرنين، وكان هذا التعديل الجيني الطفيف كافيا لضمان عدم نمو قرون في الذرية.
استخدم الباحثون تقنية تحرير الجينوم لاستيلاد ثيران دون قرون تتمتع بصحة جيدة، والتي ثبت علميا أنها انتقلت بعد ذلك إلى ذريتها. ولم يجد الباحثون أي تغييرات وراثية غير مقصودة في العجول. وقالت أليسون فان إينينام، عالمة الحيوان في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، في بيان صحافي للجامعة "أثبتنا أننا يمكنا إنتاج عجول دون قرون، دون أن يؤثر ذلك على صحتها، وقدمنا بيانات للمساعدة في إثراء عملية تقييم الحيوانات المحررة جينوميا."
ما أهمية ذلك؟
قد يرى البعض غرابة في هذا المشروع البحثي، وأنه لا توجد له أهمية تذكر، فضلا عن احتمال تسببه في إيذاء الحيوانات، لكن في الواقع أن هناك مزارعين كُثر يزيلون قرون عجول الألبان، لحماية المزارعين والحيوانات من الإصابات، وتقليل المساحة التي يتطلبها كل ثور. إن عملية ازالة القرون أو "إزالة براعم القرون" التي يتم إجراؤها في سن مبكرة هي عملية مؤلمة للحيوانات، وقد تتسبب في مضاعفات صحية، لذا قد يكون التحرير الجيني الذي ينتج ثيرانا دون قرون، ودون أي آثار جانبية غير مرغوبة، هو الخيار الأفضل. الماشية التي لا تمتلك قرون يسهل نقلها وتحتاج إلى مساحة أقل في أحواض التغذية، ويعني في النهاية أنها لا تستطيع استخدام قرونها لإصابة البشر أو الحيوانات الأخرى.
وقالت فان إينينام "يقدم تحرير الجينوم بديلا جينيا خال من الألم للإزالة المادية للقرون."
مستقبل تحرير الجينوم
منذ العمل الأصلي لإنتاج الماشية بدون قرون الذي بدأته شركة التكنولوجيا الحيوية "ريكومباينتكس" فقد تم تطوير أساليب جديدة لا تعتمد على استخدام البلازميدات. وقالت فان اينينام "البلازميد لا يضر الحيوانات، ولكن إدراجه في جينوم الثور يجعله من الناحية الفنية كائنا معدلا وراثيا بالمعنى التقليدي للكلمة، لأنه يحتوي على حمض نووي أجنبي من نوع آخر. ولذا تم تنفيذ العمل الأخير لتسليط الضوء على مستقبل تحرير الجينوم في الماشية، وللبحث عن أية تغييرات جينية غير متوقعة. وقام الباحثون بدراسة تسلسل جينوم العجول وآبائها لتحليلها، وأظهر ذلك بشكل لا لبس فيه أن الصفات المحررة جينوميا قد انتقلت إلى العجول.
يرى بعض العلماء تحرير الجينوم فرصة لإعادة التفكير في النظام المطبق حاليا في الولايات المتحدة للسماح بتداول الحيوانات المعدلة وراثيا. فحتى الآن، لم ينجح إلا حيوان واحد معدل وراثيا فقط في الحصول على الموافقة بتداوله في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو سمك السلمون الذي يحتوي على جين يسمح للحيوانات المعدلة بالنمو على مدار السنة، وليس فقط خلال فصلي الربيع والصيف.
بيد أن عملية الموافقة التنظيمية من قبل إدارة الغذاء والدواء استغرقت أكثر من عشر سنوات وتكلفت الملايين من الدولارات. وقد تؤثر هذه النتائج البحثية، بعد اعتماد الإدارات الحكومية المعنية لها، على السماح بتداول الحيوانات المحررة جينوميا في المستقبل القريب.
المصدر
رابط الدراسة
مصادر الصور المرفقة في المقال
البريد الإلكتروني للكاتب: tarekkapiel@hotmail.com