مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

الرمان فوائد لا تنقطع: دراسة توضح فوائد الرمان على النبيت المكروبي للبشر

أمل لمرضى التهاب الأمعاء

الكاتب

الكاتبون : أ. د. عبدالرؤوف المناعمة - روان حسن ريدة

أستاذ علم الاحياء الدقيقة في الجامعة الإسلامية – غزة/فلسطين

الوقت

12:02 مساءً

تاريخ النشر

22, يناير 2019

يُطلق مصطلح النبيت الميكروبي المعوي Gut Micobiome  على جميع التعدادات الميكروبية التي تستوطن الأمعاء بصورة طبيعية، ولا تقتصر على البكتيريا فحسب بل تشمل البكتيريا القديمةArchaea ، الفطريات، الأوليات، وكذلك الفيروسات. ولكن تُمثِّل البكتيريا النسبة الأكبر. في السنوات ال 20 الأخيرة أبرزت مجموعة كبيرة من الدراسات دورَ النبيت الميكروبي المعوي المتزن في الوقاية أو تخفيف حدة العديد من الأمراض، من أهمها مرض التهاب الأمعاء Inflammatory bowel disease الذي يعاني منه ملايين الأشخاص حول العالم بإحدى صورتيه: التهاب القولون التقرحي ulcerative colitis أو مرض كرون Crohn's disease، وكلاهما يستلزم علاجات طويلة الأمد.

ويُعد النظام الغذائي الصحي للأفراد واحداً من أهم العوامل التي تؤثر على اتزان النبيت الميكروبي المعوي، حيث تحتاج البكتيريا النافعة في الأمعاء للمغذيات الغنية بالألياف لتعزيز نموها ونشاطها. دور الأغذية وكيفية تأثيرها على توازن النبيت المكروبي للأمعاء غير مفهوم بشكل دقيق، فنحن نتحدث عن آلاف الأنواع من الكائنات الدقيقة التي ترتبط بعلاقات معقدة فيما بينها وبين خلايا وأجهزة الإنسان، لكن هناك ربط بين التغيير في الأنماط الغذائية وحدوث بعض الأمراض. ستكون فاكهة "الرمان" التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، والغنية بالألياف والفيتامينات والمعادن، محور الحديث في هذا المقال. يحتوي الرمان -إضافة إلى ما سبق ذكره على جزيئات من الفينولات المتعددة تسمى ايلّاجيتينز Ellagitannins، التي تقوم بكتيريا الأمعاء النافعة مثل سلالة من بكتيرياBifidobacterium Pseudocatenulatum   بتحويلها خلال عملية الأيض لمركب يُسمى يوروليثين ايه Urolithin A (UroA))).

مؤخراً أظهرت مجموعة بحثية من جامعة لُوَفيل -خلال دراسة تم اجراؤها على نماذج حيوانية- دور مركب اليوروليثين ايه UroA ونظيره المُخلَّق UAS03 في تخفيف حدة مرض التهاب الأمعاء، وقد ساعدهما على ذلك ما يمتلكانه من خصائص مضادة للالتهابات والأكسدة. حيث قاما بزيادة البروتينات التي تقوم بتقوية وشد فواصل الخلايا الطلائية في جدر الامعاء. فكما نعلم، تشكل جدر الأمعاء حواجزاً تتحكم في المواد التي تدخل مجرى الدم لتصل إلى الأعضاء، وتكون الفواصل عبارة عن فجوات صغيرة تسمح فقط بمرور المغذيات والماء من خلالها. ولكن إذا ارتخت تلك الفواصل فإنها تتسبب في حدوث ما يُعرف بظاهرة الأمعاء المتسيبة Leaky Gut؛ فتزداد نفاذية الأمعاء ويصبح بمقدور المواد المؤذية من بكتيريا وسموم وغيرها دخول مجرى الدم، وهذا يسبب ردة فعل تحفز الجسم على اصدار استجابات التهابية، وهي من العلامات المميزة لمرض التهاب الأمعاء.

ولم يقتصر تأثير المركبين على تخفيف حدة المرض واستعادة الأداء السليم للحواجز المعوية فقط، بل أظهرا خصائص وقائية في حال تم تناولهما قبل حدوث المرض. قد تختلف مستويات UroA  من شخص لآخر، ويعود هذا لعدد من الأسباب من بينها عدم استهلاك كميات كافية من الأطعمة المحتوية على الايلاجيتينز مثل الرمان والتوت أو قد يستهلك الشخص كميات كافية منها ولكنه يفتقر للبكتيريا المسؤولة عن انتاج اليوروليثين ايه؛ ولهذا يتم التشجيع على تناول الأطعمة الغنية بالبكتيريا النافعة مثل الزبادي والمخللات وغيرها، ولا ننسى ضرورة حصول البكتيريا النافعة على مغذياتها الخاصة Prebiotics ويوصى باتباع نظام غذائي صحي وتجنب الاستخدام غير الرشيد للمضادات لضمان الحفاظ على النبيت الميكروبي المعوي المتزن، والاستفادة من آثاره الايجابية على صحة الانسان.

ومن الأمور الأخرى المثيرة للاهتمام والمتعلقة باليوروليثين ايه، قدرته على مقاومة الشيخوخة. تحتوي خلايا الإنسان على مولدات صغيرة للطاقة يطلق عليها اسم الميتوكندريا، وعندما تكبر تلك المولدات تصبح أقل كفاءة بل وقد تصبح سامة. لهذا تقوم الخلايا بإعادة تدوير الميتوكندريا الكبيرة لينتج عنها ميتوكندريا جديدة في عملية تعرف بـMytophagy . ولكن مع التقدم في العمر تصبح عملية إعادة التدوير بطيئة بعض الشيء، ويؤدي تراكم الميتوكندريا الكبيرة في الخلايا إلى مشاكل عديدة مثل ضعف العضلات. ولكن يبدو أنه أصبح لدينا بصيص أمل؛ فقد تبين أن بمقدور اليوروليثين ايه إعادة تنشيط عملية التدوير الخاصة بالميتوكندريا؛ وبالتالي الحفاظ على وجود ميتوكندريا جديدة في الخلايا باستمرار. العديد من الأبحاث أظهرت فوائد صحية متنوعة للرمان سواء للورق، السيقان، ولقشرة ولب الثمرة ولكنه ما زال يبهرنا كل حين بخصائصه العلاجية وفوائده المتنوعة …كيف لا وقد ذكر في القران ثلاث مرات في سورتي الأنعام والرحمن فتبارك الله أحسن الخالقين.

المقالة المرجعية منشورة بتاريخ 9 يناير 2019

 

البريد الالكتروني للكاتبون: elmanama_144@yahoo.com | rawaaan10001@gmail.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x