تقدر منظمة الصحة العالمية عدد حالات الوفيات عالمياً من الأمراض المنقولة عبر الغذاء بنصف مليون حالة سنوياً، ويمرض واحد من كل عشرة أشخاص ويشكل الأطفال دون الخامسة ثلث عدد الوفيات. أما في منطقة شرق المتوسط فتقدر عدد حالات الإصابة بأكثر من 100 مليون حالة سنوياً منهم 32 مليون طفل دون الخامسة من العمر، يموت منهم حوالي 37,000 وتشكل أمراض الإسهال حوالي 70% من الأمراض المنقولة عبر الغذاء. في هذه السلسلة نتطرق للمسببات، طرق الانتقال، الأعراض، الوقاية والعلاج.
يعرف الغذاء على أنه أي مادة – سواء كانت مصنعة أو خام – مخصصة للاستهلاك البشري وتشمل الشراب، لبان المضغ، وأي مادة يتم استخدامها في تصنيع وإعداد أو معالجة الغذاء. بينما تعرف سلامة الغذاء على أنها خلو الغذاء من المواد الغريبة عنه (فيزيائية_ كيميائية_ بيولوجية) وذلك باتخاذ الإجراءات الوقائية لضمان سلامة الغذاء خلال جميع مراحل السلسلة الغذائية لمنع المشاكل الناجمة عن تلوثه. أما الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء فهي الأمراض التي تحدث نتيجة تناول طعام يحتوي على عوامل مُمرضة بكمية معينة تؤثر على صحة الشخص الطاعم (وتقسم إلى سموم أو عدوى غذائية). وتنقسم إلى نوعين:
1. العدوى الغذائية: استهلاك طعام ملوث بجراثيم مُعدية تستطيع التكاثر في الأمعاء أو إفراز السموم داخل الجسم أو اختراق جدار الأمعاء والانتشار إلى أعضاء وأجهزة أخرى في الجسم.
2. التسمم الغذائي: وينتج عن استهلاك طعام ملوث بسموم إما من النبات أو أنسجة بعض الحيوانات أو النواتج الأيضية للجراثيم أو مادة كيميائية أضيفت إما بغير قصد أو بطريقة عرضية أو عمداً في أي مرحلة من مراحل تحضير الطعام.
تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط إلى أن أكثر من مائة مليون شخص يصابون بأمراض منقولة عبر الغذاء منهم حوالي 32 مليون طفل دون سنة الخامسة، ويموت أكثر من 37 ألف إنسان في هذه المنطقة، ويحتل الإسهال بأنواعه المختلفة النصيب الأكبر من هذه الامراض. أما على المستوى العالمي فالتقديرات تشير إلى أن واحداً من كل عشرة من الناس يصاب بالأمراض المنقولة عبر الغذاء وينجم عن ذلك 33 مليون وفاة سنوياً منها حوالي نصف مليون وفاة بين الأطفال دون سن الخامسة. وبشكل عام، فإن الأطفال يشكلون ثلث حالات الوفيات من هذه الأمراض. ويسبب هذه الامراض أنواع مختلفة من البكتيريا، الفيروسات، الطفيليات، السموم، والمواد الكيميائية. في السابق كانت بعض هذه الأمراض مرتبطة بأماكن محددة ولكن مع العولمة وسرعة السفر والتنقل والتجارة العالمية فإن العالم كله أصبح مرتعاً خصباً لهذه المسببات. ويصنف العاملون في المجال الصحي للغذاء المخاطر التي قد تنشأ من الأغذية إلى أربعة: مخاطر فيزيائية، كيميائية، تحسسية (أضيفت حديثاً)، بالإضافة إلى المخاطر البيولوجية والتي ستكون محور هذه السلسلة من المقالات لإلقاء الضوء على أهم الجراثيم والميكروبات المسببة للتسمم أو العدوى الغذائية.
يقصد بالمخاطر الفيزيائية وجود مواد غير مرغوب فيها في الطعام، وغالباً تدخل إلى الطعام نتيجة سوء التحضير مثل العظام، بقايا الزجاج المهشم، شعر من العاملين، الخ. أما المخاطر الكيميائية فهي متنوعة وكثيرة وتتمثل في جميع المواد التي من الممكن أن تلوث الغذاء والتي تتكون من مركبات كيميائية مثل: منظفات الزجاج، مبيد الحشرات ومواد التنظيف أو وضع كميات من المواد الملونة والحافظة غير المسموحة أو أعلى من الحد المسموح أو تلك التي قد تنتج عن تفاعل أحد مكونات الغذاء مع مواد التغليف أو المواد المضافة. بينما تعد المخاطر التحسسية من أنواع المخاطر التي من المهم العمل على تفاديها في عمليات تصنيع الغذاء لآثارها الخطيرة. وهي مواد غذائية تؤدي إلى حدوث بعض الأعراض لدى الأشخاص الذين يعانون من رد فعل مناعي (حساسية مفرطة) تجاه بعض الأطعمة، ومنها: منتجات الحليب كالألبان والأجبان، والأسماك، والمكسرات أو أي من مكونات هذه الأطعمة.
الكائنات الدقيقة تتواجد في معظم البيئات وقد تكون:
- مرضية- مسببة للمرض (تسمم أو عدوى غذائية).
- مُفسدة – تتسبب في تدهور جودة الغذاء (تغيير في الطعم أو الرائحة أو القوام)
- مُفيدة – تستخدم في إعداد الأغذية وموجودة داخل وعلى الجسم.
أما بالنسبة لمصادرها فهي إما أن تكون موجودة أساساً في الغذاء من المواد الأولية مثل الخضروات واللحوم والبقوليات فجميعها تحتوي على أنواع مختلفة من الميكروبات بأعداد وأنواع تختلف بحسب نوع الغذاء وبيئته وكيفية جمعه ونقله وتخزينه. أما المصدر الثاني الرئيسي هو عبر سلسلة معالجة الغذاء من أدوات وأشخاص ومعدات وإضافات. وهناك عاملان مهمان وحاسمان في جودة الغذاء وهما درجة الحرارة، وفترة مكوث الطعام في درجات حرارة مناسبة لنمو الجراثيم.
ومن الأعراض الشائعة للأمراض المنقولة بواسطة الطعام: الإسهال، القيئ، الحُمَى (سخونة الجسم)، التهاب الحلق مع الحمى، الصفراء (اليرقان) وربما يجتمع أكثر من عرض منها في حالة واحدة، وتختلف احتمالية الإصابة بالمرض وحدته بحسب العمر (الأطفال وكبار السن أكثر عرضة)، الحالة الصحية العامة، ونقص درجة المناعة بالإضافة إلى سوء التغذية أو الخضوع لعلاجات طبية أو الأمراض المزمنة. يعتبر تأثر النمو الجسدي والعقلي للأطفال من العواقب الصحية للأمراض المنقولة عبر الغذاء بينما تعتبر الوفاة ضرراً جسمياً قد يحدث بسبب الإسهال الذي يؤدي إلى الجفاف أو بسبب السموم التي تنتجها هذه الميكروبات سواء في الطعام أو في جسم الانسان. وللوقاية ومنع حدوث الأمراض المنقولة عبر الغذاء لابد لمن يعمل في تحضير وتقديم الأغذية سواء على مستوى فردي أو مستوى صناعي أن يلتزم بأساليب النظافة الشخصية الجيدة ولا يُسمح إلا للأشخاص الأصحاء بتداول الغذاء ويشترط على جميع العاملين غسل أيديهم بطريقة صحيحة و باستمرار ولمنع تلوث الغذاء لابد من تخزين الأغذية بطريقة صحيحة ولا يُسمح باستخدام إلا الأدوات والأسطح النظيفة والمُطهَرة في تحضير الغذاء، هذا بالإضافة إلى طهي الطعام في درجة الحرارة المناسبة وتخزينه أيضاً في درجة حرارة مناسبة بعيداً عن منطقة الخطر التي تقع بين 5 إلى 60 درجة مئوية. ويبقى توفير غذاء آمن بشكل كاف ومتاح وفي متناول الجميع تحدياً كبيراً في ظل الانفجار السكاني الهائل ومع العولمة والتجارة العالمية وسهولة السفر والتغيرات المناخية وطبيعة إنتاج الأغذية.
في هذه السلسلة سنتناول الميكروبات والأمراض المنقولة عن طريق الطعام. سنتعرف على طبيعة الميكروب، صفاته، المرض والأعراض التي يحدثها، الأطعمة الناقلة، أهم المضاعفات بالإضافة إلى العلاج والوقاية.
البريد الالكتروني للكاتب: elmanama_144@yahoo.com