نبذة مختصرة
ترجع فكرة تأسيس الجمعية الفلكية العربية لسنة 2013 حين قرر أحد الأعضاء المؤسسين، وذلك بعد تقييمه لواقع علم الفلك في العالم العربي، إثر مشاركته في أكبر تجمع للفلكيين العرب آنذاك والذي انعقد سنة 2012 بمدينة مسقط في سلطنة عمان، اقتراح فكرة تأسيس الجمعية الفلكية العربية على مجموعة من الباحثين والأساتذة في علم الفلك. حيث كان الهدف هو استقطاب الفلكيين النشطين في البحث العلمي (أي الذين لهم إصدارات علمية في مجلات ذات معامل تأثير عالي) لتكوين هذه الجمعية. واستغل هذا العضو فرصة الاجتماع التالي للفلكيين العرب والذي انعقد بالشارقة في الإمارات سنة 2014 لعرض الفكرة لأول مرة أثناء محاضرته، والقيام بلقاءات تبلور عنها انعقاد أول اجتماع مع اثنين من الأعضاء المؤسسين واللذين كان لهما دور كبير وأساسي في تحويل فكرة الجمعية الفلكية العربية إلى مشروع حقيقي. لذا فيمكن اعتبار ديسمبر 2014 تاريخ الانطلاقة غير الرسمية للجمعية. بدأت الاجتماعات الشهرية ابتداء من يناير 2015 والتي من خلالها تمت إضافة العضو المؤسس الرابع للجمعية والذي كان إضافة نوعية لنواة الفريق. لكن النقطة الفارقة في هذه التجربة كانت تحويل الجمعية الفلكية العربية من مشروع إلى واقع، والتي يرجع فيها الفضل الكبير للعضو المؤسس الخامس من المغرب والذي اقتنع بفكرة وجدية المشروع وسخّر له كل الإمكانيات لنجاحه. وتكلل هذا العمل المشترك بانعقاد الاجتماع التأسيسي للجمعية في مراكش في نوفمبر 2016 بالتزامن مع أول نشاط للجمعية العربية الفلكية: المدرسة العربية الأولى للفيزياء الفلكية.
هناك عدة أسباب جعلت فكرة تأسيس الجمعية الفلكية العربية مسألة حتمية لتطوير علم الفلك بالعالم العربي. ولعل أهم هذه الأسباب يكمن في أن العمل في مشروع نبيل وعظيم كتطوير علم الفلك في العالم العربي أكبر من أن يبقى محصوراً على بعض الكفاءات التي تشكل حالياً نواة هذا المشروع. ولذا فقد كان من المهم خلق هيئة أو جمعية معترف بها تضمن استمرارية المشروع على المدى المتوسط والبعيد، وتكون الوجهة التي يتم من خلالها عرض أفكارها ومشاريعها على الجهات الرسمية الوطنية، والإقليمية، والدولية في المدى القريب. كما أن من أهم أهداف الجمعية، والذي حرصت عليه من خلال قانونها التنظيمي الداخلي، هو أن تكون جمعية مؤسساتية وذلك لضمان تجديد أعضاء مكتبها المسير لكي لا يكون مصيرها مربوط بأفراد معينين.
التأسيس
تأسست الجمعية الفلكية العربية في نوفمبر 2016 في مراكش بالمملكة المغربية. وحصلت على الاعتراف الرسمي والقانوني في مايو 2017. وتتألف الجمعية من مجموعة من الباحثين العرب المحترفين والطلاب في مجال الفيزياء الفلكية الذين يهدفون إلى تطوير البحث والتعليم في العالم العربي. تم فتح باب الالتحاق بالمكتب التأسيسي للجمعية أمام الحضور وكانت النتيجة تكوين أول مكتب للجمعية العربية الفلكية والذي تشكل من الأعضاء التالية أسماؤهم: زهير بنخلدون، رائد سليمان، اسماعيل مومن، رندة أسعد، سليمان بركة، حسن دغماوي، عبد الهادي جبيري، فؤاد السفياني، وجمال ميموني.
ولمواكبة تطور الجمعية، وبعد تغييرات طفيفة على المكتب، أصبح المكتب الحالي على الشكل التالي:
– الرئيس: زهير بنخلدون – نائب الرئيس: رائد سليمان – المدير التنفيذي: اسماعيل مومن
– التطوير والبحث: رندة أسعد – الكاتب العام: حسن دغماوي – أمين الصندوق: عبد الهادي جبيري
– مستشارة: سهام قالي – المؤتمرات: فؤاد السفياني
المخطط الاستراتيجي
تعمل الجمعية على سد الفجوة بين علماء الفيزياء الفلكية المتواجدين داخل العالم العربي وزملائهم في جميع أنحاء العالم من خلال مجموعة من الأنشطة والبرامج التي تهدف إلى تطوير نقطتين أساسيتين: (1) الكفاءات البشرية المتواجدة داخل الوطن العربي، و (2) البنية التحتية لتطوير دراسة البحث العلمي في الفيزياء الفلكية (تلسكوبات، مختبرات، وأجهزة). وفي سبيل ذلك، قام أعضاء الجمعية المؤسسين بالاتفاق على مقترح مخطط استراتيجي أولي، نكتفي بعرض نقاطه الرئيسية، وهو مقسم على الشكل التالي:
- المدى القصير (2015-2016): الهدف الأساسي في هذه المرحلة هو التأسيس القانوني للجمعية الفلكية العربية. وفي سبيل ذلك قامت الجمعية بخلق قاعدة بيانات بأسماء الباحثين والطلبة العرب في مجال علم الفلك داخل وخارج العالم العربي. بعد ذلك، التواصل معهم لعرض الفكرة عليهم ومدى رغبتهم في الانضمام للجمعية والمشاركة الفعلية في المشروع. وأخيرا إنشاء موقع الكتروني للجمعية كي يكون الواجهة الإعلامية لهذا المشروع.
- المدى المتوسط (2015-2020): الهدف الذي تسعى إليه الجمعية في هذه المرحلة هو تطوير مستوى برامج الفيزياء الفلكية بالجامعات العربية التي تتوفر فيها هذه البرامج وإنشاء برامج ماجستير ودكتوراه في علوم الفلك بالدول والجامعات التي لا تتوفر فيها هذه البرامج وترغب في إنشائها. هناك العديد من الأنشطة مبرمجة في أجندة الجمعية لتحقيق هذا الهدف.
- المدى البعيد (2015-2025): في هذه المرحلة نهدف إلى تخريج أول جيل من الطلبة العرب الدارسين في وطننا العربي (في الدول التي ليس بها برامج دراسية علم الفلك) والقادرين على إنتاج أبحاث في علم الفلك يتم نشرها في المجلات والدوريات العالمية ذات معامل تأثير ممتاز.
أمثلة لبعض المشاريع طور الانجاز
المدرسة العربية الفيزياء الفلكية (ArAS SfA)
تعتبر المدرسة العربية الفلكية فكرة فريدة من نوعها في العالم العربي. وهي أول وأهم نشاط تقوم به الجمعية الفلكية حتى الآن. فكرة إنشاء مدرسة لتدريب الطلبة ليست جديدة، فهي موجودة بصورة كثيفة في جل أنحاء العالم وبصورة محتشمة جداً في عالمنا العربي. غير أن المدرسة العربية للفيزياء الفلكية التي تقوم بها الجمعية الفلكية العربية تتميز عن غيرها في عدة نقاط. لكن قبل الحديث عن هذه المميزات، دعونا نلقي نظرة تاريخية لنشأة المدرسة. في واحد من الاجتماعات التي كانت تعقدها النواة الأولى للجمعية في سنة 2015، كان الحديث عن نوع الأنشطة التي يمكن للجمعية تقديمها في بدايتها. فاقترح أحد الأعضاء فكرة القيام بمدرسة لتدريب الطلبة. تبنت نواة الجمعية هذه الفكرة وقامت بتكليف عضو آخر، بحكم خبرته ومكانته، بمهمة إعداد وإنجاح هذه المدرسة. من هذا المنطلق، اشتغل الفريق بقيادة هذا العضو على فكرة جديدة للمدرسة وجعلها مميزة عن غيرها كي يتم قبول دعمها من طرف الاتحاد العالمي للفلك. و لتمييزها عن غيرها قرر الفريق عدة أشياء من بينها: (1) أن تُنظم المدرسة سنوياً (كي نقوم بتدريب أكبر عدد من الطلبة العرب)؛ (2) أن تُعقد المدرسة في كل سنة في دولة عربية مختلفة (كي يستفيد طلبة الدولة المحتضنة بشكل كبير من المدرسة)؛ (3) الحرص على تغيير المواضيع النظرية في كل سنة لملائمة الاحتياجات العلمية للهيئة المحتضنة. وبهذه الميزات، بالإضافة إلى ميزات أخرى، تم قبول مشروع المدرسة وتم دعمه كواحد من أحسن المشاريع المقدمة لمكتب التطوير في الاتحاد العالمي للفلك. وشاء الله أن تكون بداية الجمعية وبداية أول نشاط لها، المدرسة العربية للفيزياء الفلكية، بالمغرب الذي له تجربة كبيرة في تنظيم المدارس والمؤتمرات العلمية، والذي سيلعب زملائنا فيه دوراً حاسماً في نجاح هذا المشروع.
أقيمت أول مدرسة في جامعة القاضي عياض في مراكش المغرب خلال الفترة من 28 نوفمبر إلى 3 ديسمبر 2016. تم خلالها تقديم الدعم المالي الكامل (تذاكر الطائرة، والسكن، والمعيشة) إلى 12 طالبًا عربياً بالإضافة إلى تقديم الدعم المالي الجزئي (السكن، والمعيشة) لطلاب آخرين. وقد غطت التدريبات العديد من المواضيع مثل الكواكب الخارجية والفيزياء الشمسية والعناقيد النجمية وعلم الكونيات وأدوات الفلك والرصد قدمها متحدثون من الولايات المتحدة الأمريكية (مركز هارفارد-سميثسونيان للفيزياء الفلكية) وكندا (جامعة لافال) والمملكة المتحدة (جامعة اوكسفورد) وفرنسا (مرصد باريس وجامعة نيس) بالإضافة إلى محاضرين من المغرب والجزائر والإمارات العربية المتحدة.
استضافت جامعة الأخوين في إفران بالمغرب المدرسة الثانية في الفترة من 19 إلى 25 نوفمبر 2017. وقد ركزت المدرسة على المواضيع التالية:
- محاضرات نظرية عن ثلاثة مواضيع رئيسية: الفيزياء الشمسية، الكواكب الخارجية، مجموعات النجوم
- كتابة مقترح تلسكوب
- كيفية الرصد الفلكي
- كيفية اختزال البيانات
- كيفية تحليل البيانات المختزلة ونشرها.
وقد قام بتقديم هذه المواضيع متحدثون من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا والمغرب ولبنان والإمارات العربية المتحدة.
أما المدرسة الثالثة فقد انعقدت بالجامعة الأميركية ببيروت في لبنان في الفترة ما بين 12 و 18 نوفمبر 2018. وشملت المواضيع التالية: تشكيل النجوم والفيزياء الفلكية النووية، الأساليب الإحصائية لتحليل البيانات الفلكية. وتمت تغطية هذه المواضيع من الناحية النظرية التطبيقية بالإضافة إلى تدريب الطلبة على تحليل البيانات المتعلقة بهذه المواضيع. وقد تم اختيار مرصد القطامية بمصر لاستضافة النسخة الرابعة من المدرسة العربية للفيزياء الفلكية سنة 2019. وستتركز مواضيع هذه المدرسة على (1) رصد الأجسام القريبة من الأرض؛ و(2) التحليل الطيفي في المجال المرئي.
مرصد الجمعية المتنقل ArAS Mobile Observatory
يهدف مرصد الجمعية المتنقل إلى إعطاء الفرصة للدول التي لا تتوفر على مراصد فلكية محترفة، فرصة استعمال المرصد المتنقل عندها. سيكون هذا المرصد متوفراً على تلسكوب 0.5 متر، وقاعة تحطم داخلية، وكاميرا CCD، بالإضافة إلى جهاز مرسام الطيف. ويسعى هذا المشروع لتحقيق ثلاث أهداف علمية:
- أولاً: تطوير المهارات التقنية والمهنية في مجال الرصد في الفلك لدى الطلاب والأساتذة في الدول العربية المختلفة (لا سيما أولئك الذين لا يتوفر لديهم تلسكوب محترف).
- ثانياً: استعمال المعطيات التي سيحصل عليها التلسكوب للقيام بأبحاث علمية في مجال دراسة الكويكبات، الكواكب خارج المجموعة الشمسية، ورصد انفجارات السوبرنوفا وغيرها من مجالات الفيزياء الفلكية.
- ثالثاً: استغلال تنقل المرصد لتوفير المعطيات اللازمة لدراسة المواقع المرشحة لبناء تلسكوبات في العالم العربي.
هذا المشروع هو قيد التنفيذ حاليًا، ومن المتوقع أن يكون أول ظهور للمرصد في ديسمبر 2019 خلال مؤتمر "اختيار مواقع المراصد لمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط".
برنامج تبادل الطلبة والباحثين ArAS Exchange Program
تقدم الجمعية فرصة هامّة للطلاب والباحثين والأساتذة من الدول العربية لإجراء أبحاث متخصصة في مراكز البحوث والجامعات رفيعة المستوى. فمنذ نشأتها سنة 2016، سهّلت الجمعية زيارة باحثين عرب وأربعة طلاب من مختلف البلدان العربية إلى مركز هارفارد سميثونيان للفيزياء الفلكية لإجراء تدريبات على أيدي كبار الباحثين هناك. كما تساهم الجمعية حالياً في التعاون العربي-العربي عبر دعم مجموعة من الباحثين من مصر للقيام بدورة تدريبية عن تقنيات رصد وتحليل بيانات وتتبع الأجسام القريبة من الأرض بمرصد أوكايمدن التابع لجامعة القاضي عياض. حتى الآن، كانت نتائج الزيارات إيجابية. فعلى سبيل المثال، نتيجة لزيارة مركز هارفارد سميثونيان للفيزياء الفلكية، تم نشر ورقة فلكية في جريدة ApJ؛كما أن المزيد من الأوراق هي حالياً قيد الكتابة. وأيضا مكّن هذا البرنامج من الحصول على وقت تلسكوب للرصد في كل من تلسكوب (SOAR) وتلسكوب ماجلان (Magellan).
مشروع أول محمية للنجوم في العالم العربي
تتعاون الجمعية الفلكية العربية بشكل فعال مع مرصد اوكيمدن وجامعة القاضي عياض من أجل إنشاء أول محمية للنجوم في العالم العربي. سيكون لهذا المشروع تأثير إيجابي على حماية السماء في مرصد أوكايمدن بالإضافة إلى فوائد عديدة على المستوى الاقتصادي ستنجم عن تحقيق هذا المشروع.
المؤتمرات والورشات العلمية
- الورشة العالمية للتلوث الضوئي (المغرب، 2018): في إطار مشروع إنشاء أول محمية ضوئية في العالم العربي، تم تنظيم ورشة عمل عالمية بخصوص هذا الموضوع والتي نُظمت من طرف مرصد اوكيمدن وجامعة القاضي عياض وبالاشتراك مع الجمعية الفلكية العربية. أقيمت هذه الورشة بمدينة مراكش في المغرب وعرفت مشاركة محاضرين عالميين من كندا، وفرنسا، واسبانيا، وهنغاريا، وألمانيا، بالإضافة إلى المغرب.
- مؤتمر الجمعية الفلكية العربية (مصر، 2019)
حسب القانون الداخلي للجمعية، تعقد الجمعية جمعها العام من خلال مؤتمرها كل ثلاث سنوات. وسينعقد هذا المؤتمر مباشرة بعد نهاية المدرسة العربية الرابعة بمصر وسيتم من خلاله:
- تقديم إنجازات الطلبة والباحثين العرب داخل وخارج الوطن العربي.
- تنظيم الجمع العام لانتخاب مكتب جديد للجمعية.
- المصادقة على القوانين الجديدة للجمعية العربية الفلكية.
- مؤتمر التلسكوبات في افريقيا والعالم العربي (2019): ستقوم الجمعية الفلكية العربية بالشراكة مع الجمعية الافريقية لعلوم الفضاء والفلك بالإضافة إلى جمعيات أخرى، بتنظيم ورشة عمل حول موضوع التلسكوبات بإفريقيا والعالم العربي في إحدى بلدان الشرق الأوسط وذلك لتحفيز مشاريع بناء تلسكوبات جديدة بهذه المنطقة.
تدريب المدرسين
تقوم الجمعية الفلكية العربية برعاية مشروع تدريس المدرسين بدولة فلسطين والمقرر عقده في صيف 2019. وتم قبول هذا المشروع للحصول على الدعم المادي والمعنوي من طرف الاتحاد العالمي للفلك. يهدف تدريس علم الفلك لمعلمي المدارس الإعدادية والثانوية إلى تدريب معلمي هذه المدارس على تقنيات التعليم الحديثة في علم الفلك. وسيقدم المشروع ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام يستفيد منها ثلاثون معلمًا، مع تعليمات عملية حول تدريس علم الفلك. ستقدم ورشة العمل للمدرسين التدريب اللازم لإنشاء خطط دروس تهدف إلى تخريج طالب قادر على:
- أن يصف ويشرح المجال السماوي والرصد الفلكي المصنوع من نقطة مرجعية للأرض.
- فهم كيفية عمل التلسكوبات وأنواعها على وجه التحديد الانكسار، الانعكاس، التلسكوبات من مختلف الأنواع والترتيبات البؤرية، قوى التلسكوب (قوة تجميع الضوء، حل القدرة، التكبير) ، CCDs المطيافية
- قادر على مراقبة وتحديد مواقع الكواكب في السماء.
سيتم استخدام التلسكوبات في التدريب، وسوف تشمل ورشة العمل ليلتين في استعمال التلسكوب لرصد الكواكب.
سيكون لدى المعلمين معرفة تفصيلية لإنشاء خطط الدروس وتطبيقها في الفصل الدراسي.
بعد إنهاء مشروع تدريس المدرسين بدولة فلسطين سيتم نقل التجربة إلى دولة الجزائر السنة الموالية ثم إلى دول عربية أخرى، بإذن الله.
البريد الإلكتروني للكاتب: infor@ar-as.org | http://ar-as.org