قام باحثون من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بتصنيع بطارية من نوع جديد تتمتع بقدرات الخلايا الشمسية والبطارية العادية في نفس الوقت. حيث تقوم هذه البطارية التي أُطلق عليها اسم "بطارية التدفق الشمسي" بامتصاص أشعة الشمس وتخزين الطاقة في شكل طاقة كيميائية بكفاءة عالية، وذلك لاستخدامها لاحقاً عند الحاجة.
نُشر البحث الذي قدم الابتكار الجديد في نهاية شهر سبتمبر الماضي، في دورية كيم Chem العلمية. ويتوقع الباحثون أن تجعل هذه البطارية الجديدة الوصول إلى الكهرباء أكثر سهولة في المناطق النائية من العالم. وقد شارك في هذا الانجاز باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (KAUST) في المملكة العربية السعودية وآخرون من جامعة ويسكونسن ماديسون الأمريكية.
من المعلوم أن أشعة الشمس أصبحت من المصادر الواعدة للطاقة النظيفة والوفيرة. إلّا أن أحد أهم العقبات لاعتمادها هو عدم انتظامها. فهي متوفرة في النهار بشكل قد يزيد عن الحاجة لكنها غير متاحة في الليل. ومتاحة في الأيام المشمسة أكثر من الأيام الغائمة والممطرة ومتوفرة في فترة الصيف أكثر من الشتاء. لذلك يتم في المناطق غير المرتبطة بشبكات الكهرباء التقليدية تخزين هذه الطاقة قصد الاستفادة منها لاحقاً. وهو ما يعني أن الاستفادة من الطاقة الشمسية يتطلب منظومتين، الأولى لامتصاص الطاقة الشمسية (خلايا شمسية) والثانية لتخزينها (بطارية). وقد صُممت البطارية الجديدة "بطارية التدفق الشمسي" لأداء الوظيفتين معاً.
يقول أستاذ الكيمياء في جامعة ويسكونسن ماديسون سونغ جين في تصريح أورده موقع ساينس ديلي العلمي "بالمقارنة مع أجهزة تحويل الطاقة الشمسية المنفصلة وأجهزة تخزين الطاقة الكهروكيميائية، فإن الجمع بين وظائف الأجهزة المنفصلة في جهاز واحد ومتكامل يمكن أن يكون أسلوبًا أكثر كفاءة وقابلية للتوسع ومتكافئاً وفعالاً من حيث التكلفة لاستخدام الطاقة الشمسية". وتوفر تشغيل بطارية التدفق الشمسي امكانية التشغيل بثلاثة أشكال مختلفة. فإذا كانت هناك حاجة للطاقة على الفور، يمكن أن تعمل البطارية مثل خلية شمسية فتحول أشعة الشمس في الحين إلى كهرباء. وفي وضعية ثانية يمكن للجهاز امتصاص الطاقة الشمسية في النهار وتخزينها كطاقة كيميائية لتحويلها إلى كهرباء في الليل أو في الأيام الغائمة.
كما يمكن أيضاً شحن الجهاز بالطاقة الكهربائية إذا لزم الأمر، تماماً مثل البطارية العادية. وحسب الباحثين فإن أحدث طراز لبطارية التدفق الشمسي قاموا بتصنيعه قادر على تخزين وتوصيل الكهرباء من الطاقة الشمسية بكفاءة أكثر من أي جهاز مدمج آخر موجود حالياً. ويعتقد سونغ جين أن بطارية التدفق الشمسي يمكن أن تساعد في تجاوز حدود الشبكة الكهربائية من خلال جعل الكهرباء متاحة بسهولة أكبر للناس الذين يعيشون في المناطق الريفية من خلال توفير مصدر بديل للطاقة حيث لا تتوفر الأنظمة الكهربائية التقليدية.
ولايزال تصنيع بطاريات التيار الشمسي الحالية باهظ التكلفة في الأسواق العالمية، لكن جين يعتقد أن التصاميم الأبسط، ومواد الخلايا الشمسية الرخيصة، والتقدم التكنولوجي يمكن أن يساعد في خفض التكاليف في المستقبل. وعلى الرغم من أن النموذج الحالي يتميز بالكفاءة نسبياً، إلا أن الفريق لديه خطط لزيادة تحسين تصميمه. ويعتقد جامعة ويسكونسن ماديسون أنه مع المزيد من الأبحاث، قد تكون بطاريات تدفق الطاقة الشمسية عملية في القريب العاجل.
ويقول الباحثون أنهم يعملون على تطوير بطارية التدفق الشمسي وزيادة كفاءتها في تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية والتي تبلغ حالياً 14.1 بالمائة للوصول إلى كفاءة تبلغ 25 بالمئة وبكلفة غير باهظة تنافس تقنيات الطاقات المتجددة الأخرى تسمح بترويجها في الأسواق مستقبلاً.
المرجع
البريد الإلكتروني للكاتب: gharbis@gmail.com
