مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

مقابلة 2 مع الدكتور عصام عبدالعليم

الكاتب

الوقت

06:13 مساءً

تاريخ النشر

22, سبتمبر 2011

نتيجة للتفاعل الايجابي مع الجزء الأول من المقابلة التي أجريناها مع الدكتور عصام عبدالعليم، فقد رأينا أن نتابع معه بجزء ثانٍ يلقي فيه الضوء على ما استجد من نشاطه خاصّة ومسيرة البحوث العالمية في هذا التخصص الهام، الخلايا الجذعية.

  1. لقد نشرت مؤخراً عدد من الأوراق العلمية حول إكتشافاتكم لتأثير عدد من الجينات على نمووحياة الخلايا الجذعية الجنينية، فهل يمكن أن تحدثنا عن هذه الجينات ودورها وأهمية هذه الاكتشافات؟
    مهم جداً اكتشاف الجينات والعوامل التي تعطي الخلايا الجذعية هذه القدرات الخاصّة لأنه ما زال هناك الكثير من الأسرار لم تكتشف في هذه الخلايا، مما يدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى. معرفة كيفية نمووانقسام الخلايا الجذعية يسهّل علينا التحكم فيها معملياً وتوجيهها لخلايا معينة يحتاجها المرضى. في السنوات الأخيرة نشرنا عدة أبحاث في دوريات علمية عالمية عن اكتشاف جينات وعوامل جديدة مسئولة عن نمووانقسام الخلايا الجذعية الجنينية وأيضاً حمايتها من تعرضها لعوامل سلبية خارجية أوداخلية.
     
  2. في بحث منشور لكم توصلتم إلى إمكانية استنساخ خلايا قلب تعمل خارج الجسم من خلايا جذعية جنينية مستخرجة من القردة، وهذا سيفتح باب أمل لعلاج الكثير من أمراض القلب، فهل لكم أن توضحوا ذلك؟
    في هذا البحث إستخدمنا خلايا جذعية جنينية من القردة نظراً لتشابهها بخلايا الإنسان كما أثبت العلماء من قبل. قمنا بتوجيه هذه الخلايا بطرق معينة إلى خلايا قلب لها المقدرة على النبض المستمر في الأطباق المعمليه لمدة 90 يوماً . وبعد فتره معينة، قمنا بعزل هذه الخلايا وإعطاءها الفرصة للانقسام لتعطي عدداً كبيراً من الخلايا القلبية النابضة. ثم قمنا باختبارات مختلفة بإستخدام تقنيات عديدة للتأكد من الخصائص التركيبية والفسيولوجية لهذه الخلايا، وكانت النتائج مدهشة حيث وجدنا أن هذه الخلايا لها نفس الخصائص التركيبية والوظيفية الخاصة بخلايا القلب في الجسم الطبيعي،  حيث وجد أنها تفرز نفس الجينات والبروتينات المميزة للقلب الطبيعي. كما أن التحاليل الإلكتروفسيولوجية أثبتت أن هذه الخلايا لها نفس صفات خلايا منظم القلب (Pacemaker( الموجودة في الجزء العلوي من الأذين الأيمن والتي تولد نبضات القلب وتبثها إلى جميع أجزاء القلب وهي جزء مهم جداً في القلب.
    ومن أهم النتائج في هذا البحث، إكتشاف مقدرة الخلايا الناتجة على إفراز الهرمونات القلبية (هرمونات الناتريورتيك ببتايد)، وهذا البحث هوالأول الذي أثبت مقدرة هذه الخلايا على إفراز هذه الهرمونات في الأطباق المعملية (خارج الجسم)، وأثبتنا في هذا البحث أن هذه الهرمونات تفرز بنفس طريقة إفرازها في الجنين الطبيعي. وهذه النتائج سوف تعطي الأمل في  نقل هذه الخلايا القلبية إلى مرضى القلب في الإنسان في المستقبل لتحل محل الخلايا القلبية المدمرة، حيث أن النتائج الأولية التي أجريت على الفئران أكّدت مقدرة مثل هذه الخلايا على إحلالها محل الجزء المصاب بالقلب وأنها يمكن أن تستخدم في إختبار تأثيرات بعض الأدوية الحديثة على خلايا القلب مباشرة وسوف تسهّل فهم المراحل الأولى لتطور خلايا القلب وأيضا من الممكن أن تؤدي إلى طفرة في علاج أمراض القلب بإستخدام العلاج بالخلايا الجذعية.
     
  3. إن الخلايا الجذعية موضوع نسمع به يتكرر والبعض يجعله حل لمعظم الأمراض والمشاكل الصحية، فما مدى صدق هذا الإدعاء؟ وهل يمكن أن تبين لنا ما هي الخلايا الجذعية وأنواعها وكيف يمكن الاستفادة منها ؟ وإلى أي مدى؟
    دعنا نكون واضحين في هذه النقطة، في الوقت الراهن لا يمكن الإدعاء بأن الخلايا الجذعية قادرة على علاج جميع الأمراض المستعصية. ولكن هناك أمراض بالفعل يتم معالجتها بالخلايا الجذعية وهي آمنة ومسموح بها للإنسان، وهي ما زالت محدودة ومقتصرة على الأمراض التي لها علاقة بأمراض الدم والمناعة ومشاكل النخاع العظمي وترقيع الجلد. أما الأمراض الأخرى ما زالت تحت التجارب على الحيوانات، ولم يسمح بإستخدامها حتى يتم التأكد التام من سلامتها.
    الخلايا الجذعية هي نمط غير متمايز من الخلايا التي لديها المقدرة على تكوين خلية بالغة من أي عضومن أعضاء الجسم ولذلك يمكن اعتبارها تنتج "قطع غيار للجسم". تنشأ الخلايا الجذعية من مصدرين أساسيين هما: "الخلايا الجذعية الجنينية" و"الخلايا الجذعية البالغة أوالجسمية".
    "الخلايا الجذعية الجنينية" وهي موجودة في مرحلة التطور الأولى للجنين وتعزل من كتلة الخلايا الداخلية من مرحلة البلاستوسيست (5-8 أيام بعد الاخصاب). وهذه الخلايا تتميز بقدرتها الانقسامية اللامحدودة وتعدد خياراتها، ولكن يعيبها أنها في أحيان كثيرة يرفضها جسم المريض. ولكن حديثاً تم اكتشاف أنه يمكن تحويل الخلايا الجسمية العادية إلى خلايا تشبه الخلايا الجذعية الجنينية عن طريق عملية تسمى "إعادة البرمجة" وذلك بإدخال جينات الخلايا الجذعية الجنينية إلى داخل الخلية الجسمية التي يتم أخذها من المريض وبعد معاملتها معملياً يتم حقنها لنفس المريض وبذلك لا يرفضها جسمه . وقد أعطيت جائزة نوبل لهذا العام للعالم الياباني " شينيا ياماناكا" عن هذا الاكتشاف الهام. والخلايا الجذعية البالغة: وهي موجوده في أنسجة الجسم بعد مرحلة التطور الجنيني. وقد وجدت في أنسجة مثل: الحبل السرى، نخاع العظم، المخ، الجلد، الكبد، الأوعية الدموية، الخلايا العضلية، الخصية، والدهون. وهذه الخلايا موجودة بالجسم لإحلال الأنسجة التالفة للنسيج نفسه.
     
  4. الكثير من الجدل الأخلاقي والديني يدور حول الخلايا الجذعية واستخداماتها للبشر، فهل يمكن أن تعرفنا بجوانب من وجهات النظر، وهل هناك فتاوى دينية بهذا الخصوص؟
    الجدل الأخلاقي والديني يدور حول الخلايا الجذعية الجنينية المستخرجة من الأجنة البشرية فقط. وهناك بعض الاختلافات الدينية، فالدين الإسلامي واليهودي يؤيدان بحوث الخلايا الجذعية من الأجنة البشرية قبل نفخ الروح في الجنين، والمعروف أن الخلايا الجذعية الجنينية مستخرجة من الأسبوع الأول لنموالجنين. ولكن يجب استخدام الأجنة الزائدة بدلاً من التخلص منها في المعامل التي تقوم بعمل إخصاب خارجي. أما الدين المسيحي فيعارض إجراء بحوث على الخلايا الجذعية من الجنين البشري من اليوم الأول للحمل. أما بالنسبة للخلايا الجذعية من مصادر أخرى غير الأجنة البشرية، مثل المستخلصة من الحبل السري أوالنخاع العظمى أوأى نوع من أنواع الخلايا الجذعية البالغة فلا  يوجد جدل أخلاقي أوديني حول جواز استخدامها في الأبحاث.
     
  5. يحظى هذا الفرع من البحث العلمي باهتمام عالمي كبير، وقد نال باحث جائزة نوبل لهذا العام 2012 لبحوثه فيه، فهل يوجد اهتمام ببحوث الخلايا الجذعية في الوطن العربي؟ أين ؟ وفي أي مجال؟
    أصبحت أغلب دول العالم مهتمة جداً بأبحاث الخلايا الجذعية وقد حصل على جائزة نوبل هذا العام العالم الياباني "شينيا ياماناكا" عن اكتشافه المهم وهوانتاج خلايا جذعية من خلايا جسمية عادية عن طريق عملية "إعادة البرمجة". وهذا الاكتشاف غيّر كثيراً في اتجاهات أبحاث الخلايا الجذعية في العالم.
    بالنسبة للدول العربية فانتاجنا العلمي في هذا المجال مازال ضعيفاً جداً. هناك عدة دول عربية بدأت بالفعل تهتم بأبحاث الخلايا الجذعية مثل مصر وقطر والسعودية، ولكن نحن في بداية الطريق. الوطن العربي يملك العقول القادرة على الارتقاء بالبحث العلمي في شتى المجالات، ولكن يجب على الجامعات والمراكز البحثية العربية جذب أبنائها من الخارج واعطائهم الامكانيات لتحقيق نجاحات بإسم بلادهم ليصنعوا نهضة علمية في أوطانهم. ولكن للاسف الشديد يضطر العلماء العرب للعمل خارج الوطن العربي بسبب البيروقراطية وغياب الرؤية داخل أوطانهم.

 

البريد الإلكتروني للكاتب: essam_abdelalim@yahoo.com 

الكلمات المفتاحية

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

الكلمات المفتاحية

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x