مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

إيقاظ كائنات ما قبل التاريخ

الكاتب

الكاتب : د. طارق قابيل

أستاذ التقنية الحيوية المساعد - جامعة الباحة

الوقت

01:32 مساءً

تاريخ النشر

12, أبريل 2013

تخيّلْ عالم يتفاخر فيه السيرك العالمي بتقديمه لعروض الماموث الصوفي، ويتزاحم رجل الجليد النيدرتالي معك على دخول السوق المركزي، أوعلى طابور الخبز، في الوقت الذي تتهادى فيه طيور الدودووغيرها من الحيوانات المنقرضة حول متنزهات المدينة. إنه عالم من الخيال الجميل، وحلم من أحلام الطفولة البريئة قد يصبح حقيقة في المستقبل القريب بعد أن تحرك هذا الحلم خطوة للأمام في نهاية عام (2008م) عندما أعلن العلماء أنّهم ترجموا جينوم حيوان الماموث الصوفيِ المنقرض، من شعيرات من بقايا حيوان بعمر 60,000 سنةً وجدت مجمدة في سايبيريا.

والآن وبعد خمس سنوات من البحوث العلمية المكثفة يطالعنا غلاف المجلة العلمية الرصينة "ناشينوال جيوجرافيك" للشهر القادم (إبريل 2013) بموضوع العدد عن إعادة الحياة للحيوانات المنقرضة. وبدأت بشائر هذا الإنجاز العلم التاريخي منذ أيام فقط؛ حيث أعلن فريق من العلماء في أستراليا عن إعادة ضفدع منقرض للحياة من جديد عن طريق استخدام تقنية استنساخ متطورة لإعادة إحياء نواة خلية ضفدع منقرض. هذا الضفدع يدعى (Rheobatrachussilus)، وإناث هذا الضفدع تلد صغارها من فمها بعد أن تبتلع بيوضها وتحتضنهم في معدتها، وانقرض هذا النوع في عام 1983م.

غلاف مجلة "ناشينوال جيوجرافيك" للشهر القادم (إبريل 2013م)

تمكن العلماء مؤخراً من استعادة نواة خلية من أنسجة الضفدع المنقرض حُفظت مجمدة منذ سبعينيات القرن الماضي لحوالي 40 عاماً. وبعد تجارب متكررة على مدى خمس سنوات أخذ العلماء خلايا بيوض ضفادع ذات قرابة بعيدة من هذا النوع المنقرض وقاموا بتعطيل أنويتها واستبدالها بنويات الضفدع المنقرض. وبدأت بعض البيوض بالانقسام تلقائياً ونمت لمراحل الجنين الأولى! وعلى الرغم أن هذه الأجنة لم تعش لأكثر من عدة أيام إلا أن الاختبارات أظهرت أن الخلايا المنقسمة تحمل كل المادة الجينية للضفدع المنقرض. ويقول البروفيسور مايك أركر رئيس فريق مشرع (لازاروس) أو (المبعوث حيا) "نحن نرى هذا النوع ينهض من الموت ويعود للحياة" ويضيف أيضًا: "لقد أعدنا إحياء الخريطة الجينية لهذا الضفدع المنقرض، والان أصبح لدينا خلايا محفوظة لها جاهزة للاستخدام في عمليات استنساخ في المستقبل".

أعادت هذه التجربة الأمل في الحفاظ على آلاف الأنواع المهددة بالانقراض اليوم، ولازال الأمل يراود العلماء لاستنساخ الكائنات المنقرضة، وإيقاظ حيوانات ما قبل التاريخ. ويتجدد الأمل يوماً بعد يوم مع تقدم الإمكانات البحثية، ونجاح التجارب المختبرية التي تضع حلولاً جديدة للعقبات التقنية التي تحول دون تحقيق هذا الأمل. ويبدوأن مخيلة العلماء لا يحدها حدود ولا سيما إذا توفر التمويل اللازم لنمو هذه الأفكار وتطورها إلى واقع فعلي. وقد يؤدى هذا التطور العلمي المثير الى استنساخ الحيوانات المنقرضة، وربما استنساخ أجداد الانسان. وتبشر هذه الخطوة الجديدة بتحقيق خيال راود الكتاب والسينمائيين المعاصرين بإعادة استنساخ الحديقة الجوراسية، وتقدم طريقة غير مسبوقة لإعادة نوعاً منقرضاً من الحيوانات الهاجعة (تحت الجليد) إلى الحياة مرة أخرى. ومع بزوغ عصر الهندسة الوراثية وتطور تقنيات الاستنساخ، حلم العلماء بإنشاء حديقة لحيوانات ما قبل التاريخ، وأشعل هذا الحلم خيال كتاب قصص الخيال العلمي وخرجت روايات وأفلام روائية تتحدث عن هذا الموضوع.

وتضاعف اهتمام الناس بالديناصورات على المستويين الشعبي والعلمي منذ بداية العرض الأول لسلسة أفلام "جوراسيك بارك" والتي بدأها المخرج الأمريكي "ستيفن سبيلبرج". كما تضاعف اهتمام العلماء والباحثين المتخصصين أيضاً، وسعوا لاستغلال هيام الناس بهذا العالم الغريب لجمع التبرعات لإرسال بعثات للبحث والتنقيب عن الديناصورات في جميع أنحاء العالم. وقامت فكرة الفيلم على استيلاد الديناصورات باستخدام الـحامض النووي "دي. ان. ايه "DNA المخزن في قطعة عنبر، لإعادة استنساخها، وإيقاظها من مرقدها. وبالرغم من أن الديناصورات قد أصبحت مجرد حفريات، فمازال بعض العلماء يحاولون استنساخها باستخدام شتي الفنون التقنية وعن طريق تسخير جميع إمكانات العلم الحديث. فهل نقف الآن على أعتاب استنساخ مثل هذه الحيوانات المنقرضة، هذا ما ستجيب عنه السطور القادمة.

  • المقال كالملاً تجدونهُ في ملف الـ PDF أعلى الصفحة

 

البريد الإلكتروني للكاتب : tarekkapiel@hotmail.com

الكلمات المفتاحية

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

الكلمات المفتاحية

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x