مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

البكتيريا العملاقة

سلسلة روائع الكائنات الدقيقة
الكاتب

الكاتبون : أ. د. عبدالرؤوف المناعمة - روان حسن ريده

الوقت

08:14 صباحًا

تاريخ النشر

19, سبتمبر 2017

سلسلة روائع الكائنات الدقيقة

عالم واسع وغير مرئي، لم نكن نعرف عنه شيئاً تقريباً قبل 100عام، ومنذ اكتشاف هذه المخلوقات الدقيقة لم تتوقف عن إذهال البشر بقدراتها المتنوعة والرائعة التي مكنتها من استعمار معظم البيئات وأداء أدوارها المحورية على كوكب الأرض. كما أنها فتحت شهية البشر لترويضها والحصول على كنوزها المختلفة. في هذه السلسلة من المقالات نتعرض لمجموعات متنوعة من البكتيريا والكائنات الدقيقة ذات قدرات خاصة تميزها وتجعلها محط الاهتمام والدراسة.

البكتيريا العملاقة (Thiomargarita namibiensis)، هي بكتيريا سالبة الغرام، كروية الشكل، تعد هذه البكتيريا فريدة من نوعها، ليس لأنها قادرة على النجاة في البيئات الصعبة فحسب، بل لأنها البكتيريا الأكبر على الإطلاق، حيث يتراوح قطرها ما بين 100 – 300 ميكرون، ويصل في بعض الأحيان الى 750 ميكرون، مما يسمح لها أن تُرى بالعين المجردة، ولتقريب الصورة، تجدر الإشارة إلى أن متوسط حجم بكتيريا الاشريكية القولونية الشهيرة (E. coli) وأنواع البكتيريا الأُخرى يبلغ حوالي 2  ميكرون. وبذلك تكون البكتيريا العملاقة قد استطاعت أن تسحب البساط من تحت أقدام البكتيريا المعروفة باسم Epulopiscium fishelsoni التي احتلت الصدارة كأكبر بكتيريا لفترة من الزمن. ويشار إلى البكتيريا العملاقة باسم لؤلؤة الكبريت الناميبية لأن خلاياها تحتوي على حبيبات الكبريت المجهرية التي تعمل على بعثرة الضوء، وبالتالي منح الخلايا بريق لؤلؤي، أما كلمة الناميبية فتشير إلى مكان اكتشاف تلك البكتيريا، فقد تم اكتشافها في الرواسب المحيطية قبالة الساحل الناميبي عام 1997.

تعد البكتيريا العملاقة من جماديات التغذية (chemolithotroph)، أي أنها تحصل على الإلكترونات المطلوبة لسلسلة نقل الإلكترون electron transport chain من النترات بدلاً من الجزيئات العضوية، وحبيبات الكبريت المتواجدة في سيتوبلازم تلك البكتيريا، ترجع إلى أكسدة كبريتيد الهيدروجين إلى الكبريت. ويعود الحجم الكبير للبكتيريا العملاقة لوجود فجوة كبيرة داخلها تشبه البالون المنفوخ، وتحتل حوال 80% من المساحة الداخلية، وتحتاج البكتيريا تلك الفجوة لتقوم بتخزين النترات الضرورية لبقائها حية، ولأن البكتيريا العملاقة غير متحركة، فإنها تنتظر ما يمكن أن يأتيها من نترات، ففي كل مرة تحدث فيها عاصفة ما، فإن أرض المحيط تتقلب، فيقوم الغمد المخاطي (mucous sheath) الذي يربط الخلايا ببعضها بالتقاط النترات، وكمية النترات التي تلتقطها البكتيريا تمكنها من البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى ثلاثة شهور. وهذا التكيف يتلاءم مع موطن البكتيريا العملاقة "الرواسب المحيطية"، حيث لا تتوفر المغذيات إلا من خلال إعادة تعليق الرواسب في بعض الأحيان.

من الأدوار البيئية المهمة للبكتيريا العملاقة، قدرتها على إزالة الكبريتيد السام، وبالتالي منعه من التجمع في المحيطات، وبدون البكتيريا العملاقة فإن المياه ستتعفن، والأسماك ستموت. وربما نشهد قريباً تطبيقات صناعية، بيئية أو طبية لهذه البكتيريا التي لا نحتاج إلى مجهر لرؤيتها.

لمزيد من الاطلاع

 

  • أ.د. عبدالرؤوف علي المناعمة (دكتوراة في الأحياء الدقيقة، الجامعة الإسلامية في غزة)
  • روان حسن ريده (ماجستير أحياء دقيقة، الجامعة الإسلامية في غزة)

 

البريد الإلكتروني للكاتب: elmanama_144@yahoo.com
البريد الإلكتروني للكاتبة: rawaaan10001@gmail.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x