نطاط الطين (Mud skipper) هي سمكة غير عادية، بل وأحد أغرب الأسماك من ناحية السلوك وطريقة الحياة اذ تقضي معظم حياتها خارج الماء، تتنفس الهواء و تزحف على الأرض وتتسلق الاشجار بواسطة زعانفها الصدرية حيث تعيش فى الأراضي المشبعة بالطين و التي تنكشف بفعل المد و الجزر وهي السر وراء استمرارية هذا النوع من الأسماك في الحياة فالطين مصدر غذاء غني جدا لمثل هذه الحيوانات الصغيرة و التي تحصل عليه مباشرة بملامسته لها.
وقد اكتشف العلماء ان سَمَك نطّاط الطين واسمه العلمى ( (Periophthalmus barbarous يستخدم فقاعات الماء وكأنها "لسان" ليتغذى على الشاطىءّ" اليابسة" ويشير الاكتشاف إلى الكيفية التي ربما طوَّرت بها حيوانات أخرى ألسنة عندما انتقلت من البيئة المائية إلى الحياة على الارض حيث استخدم العلماء تسجيل الفيديو عالي السرعة، والتصوير بالأشعة السينية؛ لدراسة سلوك تغذية سمك نطاط الطين. وقد وجد الباحثون أن نطّاط الطين عندما يأكل على الأرض، تبرز فقاعة من المياه، يحتجزها في فمه، تُلامِس الطعام قبل أن يطبق فَكَّيْه. وتمتص السمكة بعض هذه المياه مرة أخرى وهي تبتلع الطعام.
يقول الباحثون إن حركة العظام المشارِكة في تغذية نطاط الطين تشبه تلك الخاصة ببعض الحيوانات التي تتغذى بألسنتها على الأرض ويتيح هذا اللسان الزائف لنطاط الطين التقاط مواد غذائية على اليابسةّ وابتلاعها، بخلاف أنواع أخرى من الأحياء المائية، يجب أن تعود إلى المياه، لتستهلك ما التقطته على الشاطئ و هى سمكة نشيطة جدا خارج الماء، حيث تأكل وتتفاعل مع بعضها البعض، بل أنها أيضا تدافع عن أرضها ضد الاعداء .
وسمك نطاط الطين هو سمك حقيقى حيث تستخدم الاسماك زعانفها الصدريه فى المشى على الأرض وتسلق الأشجار و يصل طولها إلى 9.5 سينتيمترات تقريبا، وهي آكلة لحوم انتهازية حيث تتغذى على السرطانات الصغيرة والمفصليات الأخرى.
والجدير بالذكر أنه تم التعرف على 18 نوع من نطاط الطين تتواجد على الشواطيء الطينية وغابات المانجروف في المناطق الاستوائية، شبه الاستوائية والمعتدلة، كشرق افريقيا و مدغشقر و حنوب الصين و اليابان و شمال استراليا بما في ذلك المحيط الهادئ وساحل المحيط الأطلسي بأفريقيا وحتى اوائل الثمانينات كانت تتواجد على شواطىء الخليج العربى.
ويعتبر النوع Periophthalmus هو أكثر أنواع أسماك نطاط الطين انتشارا وتنوعا وشهرة .
و لكن كيف يمكن ان تتنفس هذه الأسماك خارج الماء ؟
هناك طريقتين تمكنها من التنفس خارج الماء هما:
- أن هذه الاسماك لديها القدرة على التنفس من خلال الجلد وبطانة الفم والحنجرة ولكن يجب أن تكون سمكة نطاط الطين رطبة مما يجعلها تستوطن الأماكن الرطبة ويتطلب منها الحفاظ على نفسها رطبة دائما .
- خياشيمها الواسعة تجعلها قادرة على التنفس خارج الماء ، حيث تقوم السمكة بملئ خياشيمها بالماء قبل الذهاب الى اليابسة لأخذ حاجتها من الأكسجين و هذا هو السبب وراء الانتفاخ في وجهها كما أنها تتنفس من خلال جلدها المرطب بالماء و الطين فهي من الاسماك البرمائية ، هذه الخياشيم تغلق بإحكام عندما تكون السمكة خارج الماء لتحافظ على الخياشيم رطبة، فهي تتصرف كأسطوانات الغاز بالنسبة للغواص وتمد السمكة بالأوكسجين عندما تكون خارج الماء.
ولكي يشعر الاخرين بوجودها، تقوم السمكة بالقفز لاقصى مسافة تستطيعها على الطين و تقوم ايضا بابراز زعانفها الظهرية كمؤشر لوجود المنافسين من حولها، يختلف لون الزعانف باختلاف نوع السمكة,أما عيناها البارزتين أعلى رأسها فهما خير وسيلة للاستطلاع و رصد الأعداء و للحفاظ على رطوبتهما و هي على اليابسة فانهما تنغرزان داخل رأسها الرطب عندما تغمض السمكة عينيها.
وهناك عجيبة أخرى تضاف لهذه السمكة و هي أنها تقوم بتسلق الأشجار حيث تستطيع مد عضلات جسمها ليصل ارتفاعها إلى 60 سم في الهواء.
ولمواجهة مشكلة المحافظة على رطوبة أجسامها خلال تواجدها على اليابسة تقوم الذكور بحفر انفاق عميقة على شكل حرف U في الرواسب الطينية اللينة ليحافظ وينظم درجة حرارتها وأيضا يجنبها الحيوانات المفترسة خلال موجة المد وكذلك لوضع البيض و يمكن معرفة مدى صعوبة هذا العمل من حجم الطين المتراكم حول الخندق و الذي يحفره الذكر بفمه و كذلك الحاجة الى فتح الخندق باستمرار بعد انسداده بفعل المد و الجزر وفي نهاية الخندق يوجد غرفة مليئة بالبيض.
ومن مهام الذكر الاخرى أن يحافظ على مستوى الاكسجين في تلك الغرفة و يكون ذلك من خلال أخذ كمية من الاكسجين عند مدخل الخندق و نفثها في الغرفة و تستمر السمكة في تكرار العملية مئات المرات و حتى عندما تكون في تلك الحفر فإن سمك نطاط الطين يحتفظ بفقاعات الهواء للتنفس في حالة قلة الأوكسجين .