مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

لماذا العودة للزراعة النظيفة 1

الكاتب

الكاتب : د. وليد فؤاد أبو بطة

مركز البحوث الزراعية - مصر

الوقت

05:38 مساءً

تاريخ النشر

18, مارس 2015

لماذا يجب أن نعود للزراعة النظيفة الخالية من المبيدات؟

لقد استخدم العالم المبيدات الكيميائية و الأسمدة المخلقة لسنوات طويلة ليحافظ على مختلف أنواع المحاصيل المزروعة سواءً في الحقول والمخازن من الآفات الحشرية و الأمراض. وقد وصل الأمر لحد الإسراف و الاستخدام المفرط لهذه الكيماويات فبدأت آثارها السيئة في الظهور متمثلة في انتشار أمراض خطيرة مثل السرطان و الالتهاب الكبدي والفشل الكلوي لذلك انتبه العالم في العقود الأخيرة إلى مغبة الانزلاق في هذه الهاوية وأيقن أن هذه المبيدات لم تحل أي مشكلة، وأن الاستخدام المباشر لهذه المواد شديدة السمّية بطرق مختلفة مثل الرش بالطائرات والرش الكلي للأشجار في بساتين الفاكهة أدّى لاختلال الاتزان البيولوجي بين الآفات والأعداء الحيوية، حيث أدّى ذلك لقتل الاعداء الحيوية التي كانت تقوم بعملية التوازن مع الآفات الموجودة مثل طيور أبو قردان والهدهد التي كانت تتغذى على يرقات الديدان المختلفة فتساهم في القضاء عليها.

كما أظهرت الدراسات أن استخدام المبيدات الكيميائية والاسراف فيها أدّى لظهور آفات جديدة لم تكن مؤثرة اقتصادياً من قبل، مثل العنكبـوت الأحمـر والذي ظهر في ستينيات القرن الماضي كآفة اقتصادية نتيجة استخدام مبيدات ديدان اللوز في القطن، فقتلت الأعداء الحيوية فاختل التوازن البيئي و ظهر العنكبوت الأحمر كآفة خطيرة على العديد من المحاصيل الحقلية و كذلك محاصيل الخضر والفاكهة. كما أن الأهم والأخطر من كل هذا هو تضرر الأرض و البيئة، و التي تضررت أيّما ضرر من جميع النواحي، مع أن هذه البيئة تبعاً للمقولة الأفريقية الشهيرة "اننا لم نرث البيئة من آبائنا و أجدادنا و لكننا استعرناها من أبنائنا وأحفادنا" كما أن الافراط في استعمال المبيدات و الأسمدة أدّى لتدهور تركيب التربة و انخفاض خصوبتها وتقليل حيويتها و زيادة الملوحة بها و تدهور البيئة الطبيعية والمسطحات الطبيعية.

أهم التأثيرات السلبية للمبيدات على الإنسان

  1. تلعب المبيدات (خاصة المبيدات الهيدروكربونية الكلورونية) دوراً هاماً في التأثير على الجهاز العصبي مباشرة و بخاصة المخيخ و قشرة المخ فتؤدي إلى حدوث ثقل وآلام في الأطراف والإحساس بالإجهاد العضلي و التوتر العصبي و كذلك الشعور بالأرق و الكوابيس عند النوم و الاضطراب الحاد و التشنجات و فقد الذاكرة.
  2. تقوم المبيدات بتحطيم قدرة الخلية على الانقسام الطبيعي في الإنسان و حدوث تغيرات في الجينات التي تحمل الصفات الوراثية فتظهر الطفرات أو تتحول الخلايا لأورام خبيثة (سرطانية) أو تموت الخلية مباشرة.
  3. يؤدى تراكم المبيدات بالكبد لإتلافه و تقليل قدرته على القيام بوظائفه و بالتالي انتشار أمراض الالتهاب الكبدي و تليف الكبد ثم الفشل الكبدي.
  4. أظهرت الكثير من الدراسات العلمية أن هناك علاقة وطيدة بين استخدام المبيدات وبين التشوهات التي تحدث للأطفال عند الولادة، فالمبيدات شريكة للإشعاع في تأثيرها.
  5. أدّى التوسع في استخدام المبيدات بصورة مكثفة في الأغراض الزراعية و الصحية إلى تلوث المسطحات المائية بالمبيدات إما مباشرة عن طريق إلقائها في المياه أو بطريق غير مباشر مع مياه الصرف الزراعي و الصحي و الصناعي التي تصب بهذه المسطحات، و قد تصل هذه المبيدات مع العمليات الزراعية إلى المياه الجوفية.

ومن أجل ذلك فقد بدء التفكير في العودة إلى نظم الزراعة النظيفة ابتداءاً من منتصف الثمانينيات عندما استشعر الناس مدى جسامة الأضرار الناجمة عن استخدام الأسمدة الكيماوية و المبيدات الزراعية بهذا الشكل المفرط على البيئة و الصحة العامة وصلاحية الغذاء للاستهلاك الآدمي    وبدأت منظمة الاغذية والزراعة " FAO" العمل العالمي بصورة جدية عندما اصدرت "الكود الدولي للسلوك فيما يتعلق بتوزيع و استخدام المبيدات " حيث تم التصديق عليه في 28 نوفمبر عام 1985م. ثم تعديله لاحقاً في نوفمبر1989 وكان هذا الكود من أوائل المعايير الدولية الخاصة بالكيماويات (المبيدات) لحماية صحة الإنسان و البيئة وتوضيح مسئوليات جميع الأطراف المعنيين (الحكومات و المنظمات الأهلية و الصناعة و عامة المجتمع ) المسئولين عن تطوير و توزيع و استخدام المبيدات، ثم تلى ذلك توقيع اتفاقية روتردام في سبتمبر 1998 حيث تم تنفيذها بأسس اختيارية في البداية إلى أن تم تفعيلها بصورة أساسية ابتداء من 24 فبراير 2004 لتصبح قانوناً دولياً ملزماً للدول الأعضاء فيها، حيث اصبحت معنية بإجراءات الموافقة المسبقة بشأن المبيدات و الكيماويات الخطرة في التجارة الدولية وتشمل تلك المواد سلسلة من المبيدات السامة للغاية التي يجري تداولها في أسواق التجارة الدولية مثل الباراثيون والمونوكروتوفوس كما وافقت معظم دول العالم على تجريم استخدام المبيدات الحشرية الخطيرة.

وقد أدّى كل ذلك للبحث عن طرق و استراتيجيات زراعية جديدة صديقة للبيئة يتم فيها تقليل استخدام الأسمدة المخلقة و المبيدات ومنها الزراعة المستدامة Sustainable Agriculture، الزراعة البيوديناميكية  Biodynamic Agriculture، الزراعة المتكاملة Integrated Agriculture، الزراعة النظيفةCleaning Agriculture  ، الزراعة العضويةOrganic Agriculture  وكلها تهدف لإنتاج غذاء صحي و آمن للإنسان و يحافظ على البيئة للأجيال القادمة و سنستكمل الحديث في المقالات التالية عن أنواع النظم الزراعية المختلفة للزراعة النظيفة.

 

البريد الإلكتروني للكاتب : waleed@hortinstitute.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x