مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

NULL

الأجسام المضادة “مونوكلونال”

الكاتب

الكاتب : د. رضا محمد طه

أستاذ الميكروبيولوجيا - كلية العلوم - جامعة الفيوم

الوقت

09:37 مساءً

تاريخ النشر

26, يناير 2016

الأجسام المضادة وحيدة النسيلة "مونوكلونال Monoclonal antibodies (mAb) "، هي أجسام مضادة متخصصة فقط لجزء بروتيني واحد على مولد المضاد (الأنتيجين(antigen  يسمى "إيبيتوب epitope"، ينشأ من مصدر خلوي واحد فقط يسمي "كلون clone" من الخلايا المناعية البائية، بالمقابل فإن الأجسام المناعية العادية العديدة المصدر "بولي كلونال polyclonal" تنشأ من مصادر مختلفة من الكلونات وبالتالي ترتبط بالعديد من الأجزاء البروتينية على الأنتيجين antigen".

أصبح ذلك النوع من الأجسام المضادة أحد الوسائل الهامة في الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية وكذلك في الطب. تتويجاً لجهود علماء سابقون تم اكتشافها بواسطة كل من جورج كوهلر وسيزار ميلستين ونيلز كاج جيرن، وذلك بعد دمج خلايا "ميلوما myelomas “ وهي خلايا سرطانية مع الخلايا المناعية البائية B cells الناتجة من حقن أنتيجين في فأر فكان الناتج بعد الدمج هجين سُمي "هيبريدوما hybridomas" وهذه الأخيرة هي التي تُنتج الأجسام المضادة المونوكلونال باستمرار ومن ثمّ حصلوا على جائزة نوبل في الطب والفسيولوجي عام 1984 لاكتشافهم هذا.

في العام 1988 استطاع جريج وينتر وفريقه إنتاج مونوكلونال بشرية عن طريق الهندسة الوراثية، وذلك للتخلص من الآثار الجانبية الناتجة من إستخدام الإنسان للمونوكلونال المُنتجة من خلال بعض الحيوانات الأخرى. إنتاج الهيبريدوما: تُنتج الهيبريدوما عن طريق دمج خلايا ميلوما مع خلايا من طحال فأر سبق وتم حقنه بأنتيجين محدد، وتستخدم مادة بولي إيثيلين جليكول polyethylene glycol للمساعدة في عملية الإدماج، ويستخدم وسط انتقائي يُسمي "هيبوزانثين أمينوبترين ثايميدين HAT " يسمح فقط لنمو الهيبريدوما الناتجة دون الميلوما أو خلايا الطحال كل بمفرده، بسبب عدم قدرتهم على النمو في ذلك الوسط. كما أن وجود خلايا الميلوما في الهجين تعطي إستمرارية دائمة في الإنقسام وتجعل خلايا الطحال التي تحمل شفرة تكوين المونوكلونال حية وباقية على الدوام لإنتاجها.

يتم اختبار وانتقاء الشق المناعي في المونوكلونال المطلوب حسب الجزء الأنتيجيني المراد إنتاج مونوكلونال متخصص له، وذلك بإستخدام تقنية الإليزا ELISA ومن ثم إكثاره، ثم يتم إختيار المصدر ذو الإنتاجية والقدرة على الثبات الأعلى كي يكون مصدر لإنتاج المونوكلونال في المستقبل. تنمو الهيبريدوما في الوسط المناسب بلا نهاية كي تنتج المونوكلونال، أو يمكن حقنها في التجويف البريتوني المحيط بالمعدة للفئران مكونة أورام، وهذه الأخيرة تفرز سائل يسمي ascites fluid غني بالمونوكلونال بحيث يمكن استخلاصه منها.

عملية إنتاج المونوكلونال

تنقية المونوكلونال: بعد الحصول على المحلول الذي يحتوي على المونوكلونال والذي يكون خارجياً في الوسط، يتم فصل المونوكلونال من المحلول المحتوي على مكونات الوسط-in vitro- للتخلص من مكونات الوسط، وهي عوامل نمو وهورمونات وبعض الإنزيمات . أما تلك التي تكونت داخلياً in vivo فيجب التخلص من الأجسام المضادة للعائل نفسه (الفأر) التي تكونت منه ضد المونوكلونال نفسه وكذلك إنزيم البروتيز والنيوكليياز والأحماض النووية وبعض الفيروسات الملوثة لها. في كلا النوعين فإنه قد توجد بعض الإفرازات من الهيبريدوما التي يجب التخلص منها مثل السيتوكينز cytokines . قد يحدث تلوث بكتيري للمحاليل الناتجة من إنتاج المونوكلونال وبالتالي قد يصاحبها سموم بكتيرية لذلك كان من الضروري إختيار الطريقة الأنسب في إنتاج المونوكلونال والتي تخلو قدر الإمكان من المواد الضارة بالإنسان الذي يستخدمها. يمكن التخلص من البقايا الخلوية والدهون وكذلك المواد المتخثرة بالطرد المركزي centrifugation يعقبه عملية ترشيح filtration بمرشحات قطر ثقوبها حوالي 450. ميكروميتر.

إنتاج مونوكلونال بتكنولوجيا الهندسة الوراثية

يتم إنتاج مونوكلونال "مُعاد الإتحاد recombinant " باستخدام إحدى فيروسات البكتريا "الفاج" أو فطر الخميرة بدلاً من إستخدام الفئران. تعتمد هذه التكنولوجيا على سرعة التعرف وتحديد أجزاء الجينوم المختلفة المسئولة عن إنتاج المونوكلونال حسب الهدف منه وذلك حسب الإختلاف في ترتيب الأحماض الأمينية بين أنواعها المختلفة وبالتالي إختيار المونوكلونال المطلوب حسب الغرض منه والوظيفة المنوط بها سواء في العلاج أو التتشخيص. عن طريق الهندسة الوراثية أيضاً، يتم إنتاج مونوكلونال "هجين Chimeric" جزء من الإنسان والجزء الآخر من الفئران لتجنب الآثار الجانبية من جراء إستخدام مونوكلونال منتجة في الفئران فقط. في هذه الطريقة يتم دمج جزء دي إن ايه DNA من خلايا إنسان مسئولة عن إنتاج الأجسام المضادة مع دي إن ايه من الفأر مسئول عن إنتاج المونوكلونال وبذلك تسمي "كيميرك Chimeric DNA" ثم يعقب تلك الخطوة إكثار الهجين من تلك الخلايا الناتجة في مزارع أنسجة لتنتج مونوكلونال جزء منه ذات أصل بشري والآخر من الفأر.

مونوكلونال بشري 100%

نظراً للآثار الجانبية من جراء إستخدام مونوكلونال من مصادر غير بشرية تم إستحداث طريقتين لإنتاج مونوكلونال بشرية 100%. الطريقة الأولى تعتمد على إنتاج فئران مُهندسة وراثياً transgenic mice وتلك الطريقة هي الأكثر نجاحاً، وتستخدم المونوكلونال التي يتم إنتاجها بهذه الطريقة بشكل أساسي في العلاج. أما الطريقة الثانية لإنتاج المونوكلونال البشري تتم عن طريق إدخال الجين المسئول عن الجزء المتغير للمونوكلونال في جينوم بعض الفاجات العصوية حتى يتم ترجمة هذا الجزء الخاص بالمونوكلونال في بروتينات الغلاف البروتيني (الكابسيد) للفاج، وتستخدم المونوكلونال المُنتج بهذه الطريقة أساساً في الأبحاث.

تطبيقات وإستخدامات المونوكلونال:

  • أولاً: في مجال التشخيص Diagnosis
    تستخدم المونوكلونال في الإختبارات الخاصة بالكشف عن وفصل البروتينات التي تتم بالفصل الكهربي خلال الجل gel electrophoresis حيث يعقب فصل البروتينات في الجل نقله على أغشية معينة بطرق مختلفة منها Western blot & dot-blot ويكون دور المونوكلونال هو تحديد والتعرف على الحزم من البروتين التي نتجت من الفصل ونُقلت على الغشاء أو البروتين الذي نبحث عنه في تلك الحزم. تستخدم المونوكلونال أيضاً في الكشف عن أجزاء من الأنتيجين الذي يرتبط conjugate مع بعض الأنسجة ويسمى هذا المجال immunohistochemistry وأيضاً تستخدم في الإختبار المناعي الوميضي immunofluorescence والتي يمكن الكشف بها عن المواد التي تكون في أجزاء نسيجية مجمدة أو في الخلايا الحية.
     
  • ثانياً: التطبيقات العلاجية للمونوكلونال
    تستخدم المونوكلونال في العلاج في صور عدة، منها أنه يمكن إستخدامها في غلق block بعض الجزيئات لتثبيط نشاطها ووقف عملها أو تحفيز عملية الموت الخلوي الذاتي apoptosis أو لتعديل مسار بعض الإشارات signals داخل الخلايا حسب الهدف منه.
     
  • ثالثاً: علاج السرطان
    يتم استخدام المونوكلونال في علاج السرطان وذلك لقدرتها على الإرتباط بالبروتينات الموجودة فقط على الخلايا السرطانية بشكل إنتقائي دون الخلايا العادية. وبذلك يمكن إستغلال تلك الخاصية في تحميل المونوكلونال بعض السموم toxin أو نظائر مشعة radioisotope أو سيتوكينات cytokine أو أي أجسام نشطة وقاتلة أخرى لتوصيلها للخلايا السرطانية فقط.
     
  • رابعاً: علاج أمراض المناعة الذاتية Autoimmune disease
    تُستخدم المونوكلونال من النوع infliximab والنوع adalimumab كعلاج فعال ضد التهابات المفاصل الروماتيزمية rheumatoid arthritis وعلاج مرض كرون  Crohn, s وكذلك القرح القولونية حيث قدرتها علي الارتباط ومن ثم تثبيط مادة TNF- α. تستخدم المونوكلونال من النوع  Basiliximab والنوع daclizumab لتثبيط IL-2 الموجودة على سطح الخلايا التائية activated T cells ومن ثم المساعدة في منع رفض الجسم الشديد للكلى المزروعة و المنقولة من شخص آخر. أما المونوكلونال من النوع Omalizumab فيستخدم لتثبيط الأجسام المناعية النوع الخاص بالحساسية IgE من أجل تقليل أمراض الحساسية في الإنسان allergic asthma.

 

بريد الكاتب الإلكتروني: redataha962@gmail.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x