الأركان الشجرة الأعجوبة

شجرة الأركَـــان: تسمى كذلك بشجرة الأرغــان وتلقّــب بلوز البربر، وهي شجرة نادرة جداً، تنمو في مناطق محدودة من العالم، فهي تتواجد فقط في منطقة سوس جنوب المغرب، وفي صحراء النقب في فلسطيــن. اسمه العلمي "spinosa argania"، يسميه الفرنسيون الذهب المغربي السائل، تتمتع هذه الشجرة بقدرتها الهائلة على مقاومة الجفاف، وتقف حاجز طبيعيا أمام ظاهرة التصحر، تشتهر شجرة الأركــان بزيتها الغني، إذ يعتبر من أندر أنواع الزيوت في العالم، نظرا لفوائده الصحية، واستعمالاته المختلفة في التغذية والتجميل والتطبيب، ويتم استغلال عجينة الزيت والقشرة العلوية الرطبة لثمرة الأركان كعلف مقوّ للماشية، أما القشرة الصلبة للنواة فيتم استعمالها في إشعال النار عوضا عن الفحم والحطب.

طـريقـة الجَنْـي

يتم جني لوز شجرة الأركان، بنفس الطريقة التي يتم بها جني بلح شجرة الزيتون، حيث يتم جمع اللوز المتساقط على الارض نتيجة هزّ الاغصان وضربها بالقصب، بعد نصب لحاف من ثوب أو بلاستيك تحت الشجرة المراد جني لوزها.

طـريقـة استخـلاص النـواة

بعد عملية الجني، يتم تخليص لوز شجرة الأركان من قشرته الخارجية الرطبة، وذلك بضربها بين حجرين أملسين كما هو موضح في الصورة. تلك القشرة، هي التي يتم استعمالها كعلف للماشية. بعد تحرير لوز شجرة أركان من قشرته، يتم تكسيره بحجر أملس، حيث يتم تثبيت اللوزة بالأصابع وفق وضعية خاصة فوق حجرة الأساس وهذه الحجرة تقوم بوظيفة السندان، ثم تُضرَب اللوزة بالحجر الأملس فتنشطر قشرة اللوزة وتطرح النواة خارجها. في هذه المرحلة يتم كسر اللوز فقط، كما هو موضح في الصورة.  بطريقة خاصة ومميزة، لاستخراج نواته دون تهشيمها كما هو موضّح في الصورة. بعد هذه المرحلة، تأتي مرحلة الفرز، وهي مرحلة يتم فيها فصل النوى عن قشور لوز الأركان، تمهيدا لطحنها، وتتم هذه العملية بشكل يدويّ، أما القشور اللوز فيتم استعمالها عوضا عن الفحم لإذكاء النار في التنور.

مـرحلـة الطّـحــن

بعد الانتهاء من المراحل السابقة واستخلاص النواة، تأتي مرحلة الطحن. يتم طحن النواة مباشرة بواسطة رحىً إذا كان الزيت المُراد تحضيره من حبوب النواة مخصصا لأغراض الصيدلة والتجميل. أما إذا كان الزيت المراد استخراجه من حبوب النواة مخصصا للأكل، فلا بد من تحميص حبوب النواة أولا (إنضاجها على النار). عملية استخلاص الزيت من النواة لأغراض صيدلية وتجميلية عملية صعبة جدا، وتكلف جهدا عضليا ووقتا كثيرا، خصوصا بعد الانتهاء من الطحن والشروع في عصر العجين لاستخراج الزيت.

زيـت الأركــان الغــذائي

يتميّز زيت أركان المعد للأكل أو لتحضير بعض الوجبات، بلونه البنّيّ الداكن (بسبب تحميص لوزِه قبل استخلاص الزيت منه)، وله طعم قوي.كما يعتبر زيت الأركان الغذائي أهم مادة لتحضير آمـلـو (وهو خليط من اللوز المسحوق وزيت الأركان محلى بالعسل أو بالسكر).

زيت الأركــان التجميلي

يتميّـز زيت أركان المعَدّ لأغراض صيدلية أو تجميلية بلونه الأصفر الذهبي، وله رائحة مميَّزة وخفيفة، وذلك راجع الى استخلاص الزيت من نواة الأركــان مباشرة دون تحميــص. الشيء الذي يحفظ للزيت كامل عناصرها الغذائية والطبية.

فوائد زيت أركان الغذائية

زيت الأركان مفيد جدا للصحة، ويحتوي على عناصر غذائية مهمة جدا لجسم الإنسان، وبعضها لا يتوفّر في أي زيت نباتي آخر، مثل مركبات الستيرولات النباتية التي تكافح الالتهابات، وهي المسؤولة عن امتصاص الكولسترول الضار داخل الأمعاء، ويقوي مناعة الجسم، ويدعم الدورة الدموية. أثبتت الدراسات فاعلية زيت الأركان في تسهيل عملية الهضم، ومعالجة بعض حالات عسر الهضم، وذلك بتركيز أنزيم البيبسيــن داخل العصارة المعوية المسؤولة عن عملية الهضم. كما أن زيت الأركان مضاد للأكســدة. يتم تناول زيت الأركان في الغالب مع وجبة الفطور وخصوصا مع خبز الشعير المحمص والعسل، كما يدخل في تحضير بعض الأطباق المغربية التقليدية كالكسكس  والطاجين بلحم البقر أو الغنم. فقد دخل زيت الأركان الى المطابخ والمطاعم العالمية الفاخرة، نظرا لمذاقه الرائق وفوائد الصحية. ويستعمل في الغالب كمنسم بعد الطهي، لغلائه، وكذا للحفاظ على عناصره الغذائية. و تجدر الإشارة الى أن الإكثار من تناول زيت الأركان قد يسبب دُوارا ودوخة خفيفة، لبعض الأشخاص الحديثي العهد في استعمال زيت الأركان، وذلك راجع الى قدرة الزيت الغذائية والطاقية العالية جداً.

"آملــــو"  بزيت الأركـــان

ويعتبر زيت أركان العنصر الأساسي في تحضير ((آملـــو)) الذي يتم تحضيره بخليط من العسل واللوز المحمّص والمطحون بالرحى وزيت الأركان، هذا الخليط السائل والثقيل، يشبه الشكولاتة المُذابة، فآملو وصفة طبيعية مقوّية، معروف بقيمته الغذائية والطاقية الكبير، كما يعد منشطا جنسيا طبيعيا من الدرجة الأولـــى. يُتناول خليط الآملـــو أساساً في وجبة الإفطــار أو اللمجة بالخبز مع الشاي أو القهوة. يعتبر اللوز من الفواكه الجافة المغذية والغنية بالطاقة، حيث يحتوي اللوز على نسبة عالية من (الفيتوستول) التي لها مفعول مخفض للكولسترول الضار، كما يعتبر اللوز منبعا للمعادن مما يجعله مفيدا جدا لصحة العظام، كما له نفس الخصائص الطبية الموجودة في أركان فهو مؤخر لأعراض الشيخوخة، وله خاصية مضادة للأكسدة، ويقوي المناعة ومحاربة الأمراض، كما أنه يصحح التوازن القلوي الحمضي في الجسم. أما العسل فغني عن التعريف، ومنافعه كثير جدا وجمة، وأشهرها أنه مضاد حيوي طبيعي، يمنع تكاثر الجراثيم، ويعتبر مصدرا للطاقة، ويعالج حالات الوهن والإنهاك، ومفيد جدا في حالات الإجهاد العصبي أو العضلي. وصفة آملو هي خير وصفة يمكن أن تقدم للأطفال في وجبة فطورهم، لغناها بالطاقة وبالعناصر الضرورية لنمو الأطفال. ولمن يريد أن يعرف المزيد عن فوائد هذه الوصفة المغربية الجنوبية، فما عليه إلا أن يتحرى فوائد العسل واللوز، ويضيفها الى كل ما ذكرناه وسنذكره عن زيت الأركان.

فوائد زيت أركان الطبية
يحتوي زيت الأركان على كمية عالية من فيتامين كما يحتوي على العديد من الأحماض الدهنية الأساسية مثل (الأوميغا 6 والأوميغا 9) كما يحتوي زيت الأركان على مضادات الأكسدة. يدخل زيت الأركان الصافي في تحضير عدد كبير من المراهم ومستحضرات التجميل، إذ يتمتع زيت الأركان بخواص تجميلية وعلاجية عالية. فهو مرطب للبشرة، ومضاد طبيعي للتجاعيد وجفاف الجلد وتشققاته،  كما يستعمل لعلاج حب الشباب والصدفية واحمرار الجلد، كما يفيد في تغذية فروة الرأس ويعالج مشكل القشرة وتساقط الشعر ويعيطه نعومة ولمعاناً طبيعياً. زيت الأركان مفيد كذلك في حالات آلام المفاصل والروماتيزم. كما يعتبر مضادا لحالات الزكام المختلفة، كما يقلل من ارتفاع ضغط الدم. ويساعد على تقوية القلب والأوعية الدموية. كما له خاصية وقائية ضد الإجهاض المبكرة. أظهرت نتائج الاختبارات التي أجريت على زيت الأركان قدرته الهائلة على تحفيز الأكسجين في الجسم، وزيادة قدرة الدمـاغ، وحماية الكبد والجهاز الهضمي. كما أنه منشط جيد وفعال لخلايا المخ، ومضاد للسرطان لاحتوائه على مضادات الأكسـدة. كما يحفّز الوظائف الحيوية لخلايا الجلد، ويقوي الأظافر، ويعتبر زيت أركان آمنا بشكل كامل في جميع الاستعمالات، كما يستخدم بشكل آمن على بشرة الأطفال و يعتبر أفضل من زيت الزيتون بثلاثة مرات.

طريقة التعبئة
يتم تعبئة الزيت الأركان المستخلص من عجينة النواة، داخل قوارير بلاستيكية كبيرة محكمة الإغلاق،   ومخصصة لحفظ السوائل ذات الاستعمال الغذائي، وتستجيب لمعايير السلامة الاستهلاكية. ثم يتم تعبئة الزيت في قوارير زجاجية أو بلاستيكية صغيرة أو متوسطة أو كبيرة مخصصة لهذا الغرض حسب الطلب.

كيفية التمييز بين زيت الأركان الأصلي والمزيف

كثير من عشاق زيت الأركان يفشلون في الحصول على المنتوج الأصلي، وغالبا ما يشترون زيتا مغشوشا بأثمنة غالية، وبعضهم من حديثي العهد بالزيت الأركان يستعملون زيتا مغشوشا على أنه زيت الأركان الطبيعي دون أن يتفطّنوا لذلك. تتنوع أساليب الغش والاحتيال على زبناء الأركان نظرا للإقبال الكبير عليه خاصة من طرف السياح العرب والأجانب، وكذا من شركات التجميل والمطاعم الراقية والفنادق. أما طريقة الغش والتمويه المعروفة،  فتتمثل في خلط كمية قليلة من زيت الأركان بكمية كبيرة من زيت المائدة العادي الذي يستعمل في الطهي والقلْيِ، مع إضافة ملون خفيف لتمويه الزيت وإظهاره على أنه زيت أركان حقيقي. ولأن لزيت أركان رائحة قوية ونفاذة فهي تطغى على زيت المائدة العادي، ويسهل خداع الزبناء المغمورين وقليلي التجربة مع زيت الأركان.

حالياً ظهرت نكهة زيت الأركان اصطناعية مماثلة لنكهة أركان الحقيقية تستعمل للتمويه وخداع الزبائن والنصب عليهم.

وللتأكد من أن الزيت المُراد شراؤه أصلي وذو جودة عالية، يجب أخذ بعض الاحتياطات من قبيل:

• التعامل مع جهات معروفة في مجال إنتاج وتسويق زيت الأركان كالجمعيات والتعاونيات، وتجنب الوسطاء غير الموثوقين، وغير المعروفين.
• هناك طريقة رائجة لمعرفة الزيت المغشوش من الأصلي، وتتمثل في وضع الزيت في الثلاجة، فعندما يبرد الزيت تبدأ عناصره المختلفة بالانفصال عن بعضها والترسب على شكل طبقات بمجرد تعرضها للبرودة، وعندها نعرف أن هذا الزيت مغشوش، في حين يظل زيت الأركان متجانساً، ومحافظا على لونه، وعلى تركيبته الأولى.

بريد الكاتب الالكتروني: bachoud.houssaine@gmail.com