للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

الإعلام العلمي: ماله و ما عليه

  • الكاتب : أ.د. محمد لبيب سالم

    أستاذ المناعة بكلية العلوم - جامعة طنطا

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    08:08 ص

  • تاريخ النشر

    27 أغسطس 2014

يتعرض الوسط الإعلامي للعديد من السقطات العلمية التي تحدث بلبلة غير عادية حول العديد من القضايا العلمية التي تهم القارئ عموماً و الإنسان البسيط وخاصة الذي يرى في العلم مصباح علاء الدين (الفانوس السحري) لتحقيق أمنياته وأحتياجاته خاصة المتعلق منها بصحته ومرضه ورزق يومه. وإذا كان الإعلام عموماً يمثل الجهاز العصبي في نقل وانتشار المعلومة إقليمياً و عالمياً، فإن الإعلام العلمي يمثل العقل في الجهاز العصبي لنقل المعلومات نظراً لأهمية المعلومة لدي القارئ والمستمع في تشكيل، ليس فقط، فكره عن العلم ومن يشتغلون به ولكن أيضاً عن الأمراض والاحتياجات المستقبلية.

والإعلام في حد ذاته علماً كبيراً، لذا فإن إستخدام الإعلام بأنواعه المرئي و المسموع و المقروء في نشر المعلومة العلمية على هيئة خبر أو تقرير هو من أصعب مهام الإعلام بدرجة قد تفوق الإعلام السياسي والديني مثلاً، في إقناع الناس أن السياسة لا تعبر عن الأشياء بخط مستقيم، فقد استقر في ذهن العامة أن الأمور السياسية لا تعبر عنهم بل بالعكس قد تخيب آمالهم بإنتهاجها عكس ما يطمحون إليه. ولذلك فهم لا يلقون بالاً للتصريحات السياسية إلا إذا كانت متعلقة بأمور حياتية. كذلك فإن الإعلام الديني تتم الإستعاضه عنه بسؤال أهل الدين في كل مدينة وقرية بالإضافة للثقافة الدينية المترسخة في أذهان العامة والتي قد تفي بغرض الحصول علي المعلومة وخاصة أن أمور الدين لا تتغير تغيراً جذرياً بالإضافة إلى ما جبلت عليه النفس البشرية بطبيعتها من التمييز بين الصواب والخطأ.

على عكس المعلومه السياسية والدينية، فإن المعلومة العلمية في أي مجال لا يمكن الحصول عليها إلا من أهل الخبرة المتجدد علمهم دائماً و الذين يصعب الوصول اليهم في كثير من الأحيان. و لأن طبيعة المعلومة العلمية في غاية الخطورة عندما تنتقل من المتخصص الى العامة، فإن كيفية نقلها والتعبير عنها وتسويقها يتطلب حنكة وخبرة إعلاميه كبيرة بالإضافة الى تسلح الإعلامي بذخيرة علميه واسعة النطاق حتى يتسنى له التعبير الدقيق عن الحدث العلمي بعيداً عن العشوائية الإعلامية التي قد تؤدي الى بلبلة شعبية تؤرق الشارع تماماً كما حدث مع جهاز علاج مرض الفيروس الكبدي. ولأن هناك العديد من الباحثين والعلماء الذين يعلنون عن إكتشافاتهم في مؤتمرات صحفية والصحافة والإذاعة والتلفزيون، فيجب أيضاً تسليح هؤلاء الباحثين بذخيرة من التكنيكات الإعلامية التي تمكنهم من تسويق البحوث إعلامياً للمتخصص والغير متخصص بصورة عالية المهنية تحميه من الوقوع في خطأ السفه أو الغرور العلمي.

ولذلك وكما هو متبع في معظم دول العالم، يجب أن يكون هناك ما يسمي بالإعلام العلمي يتم فيه مزج الإعلام مع العلم والعلم بـالإعلام بنسب متفاوتة. فعلى الإعلامي أن يكتسب بعض المقررات الأساسية في فروع العلم المختلفة ولكن بطريقة متفردة تجعله ملمّاً بأصول البحث العلمي ومراحله وأخلاقياته وحقوق الملكية الفكرية وطرق نقل التكنولوجيا بالإضافة الى المعلومات المتخصصة التي يستطيع بها فهم المعلومة العلمية فهماً صحيحاً تساعده في التعبير عنها والتعليق عليها دون إحداث جدل إعلامي.

وكذلك الحال، يجب على الباحث في العلوم الأساسية والهندسية والطبية أو المتحدث الرسمي بإسم مؤسسة أو مجموعة بحثية ما أن يكتسب أساسيات الإعلام وتكنيكياته و ميثاقه وتطويعه لتثقيف العامة وتنويرهم وإرشادهم إلى أهمية العلم وتطبيقاته ولكن بصورة إعلاميه عالية المهنية. والطريق الأوحد للوصول الى هذه المهنية المزدوجة هي دراسة دبلومة الإعلام العلمي كما هو متبع في معظم دول العالم الغربي. والإعلام العلمي هو فرع متخصص من الإعلام يستطيع أن يحقق للمتلقين معرفة متخصصة واعية تهدف لإيصال المعلومة كما هي على أرض الواقع بطريقة علمية يفهمها الجمهور. ويواجه الإعلامي هنا مشكلتين أساسيتين:

  • أولًا: بعض المصطلحات العلمية و وصف بعض العمليات العلمية غير قابل للترجمة للغة التى يخاطب بها المتلقي مما قد يجعله يفهم الموضوع على نحو مختلف تماماً عن واقعه. وهو أمر لا يمكن أن يتجاوزه بنجاح إلا شخص دارس بشكل جيد لهذا الفرع العلمي. لأن أي خطأ فى هذا المجال هو خط كارثي و لا شك في الموضوعات الهامة.
  • ثانياً: عناصر المتعلقات العلمية بالموضوع التي تمثل العمق الإعلامي له. و قد تكون هذه المتعلقات موضوعات ذات صلة أو شخصيات علمية بارزة في المجال. وهو ما نفتقده في عرض معظم المواضيع عبر الإعلام و يفقد المواضيع أهميتها.

ولعل هاتين المشكلتين مثلتا دافعاً لإقرار تطبيق أحد اتجاهين في المؤسسات الإعلامية:

  • أولًا: أن يتم تعيين محرر علمي لكل قسم علمي فى المؤسسة من دارسي هذا العلم تدربه المؤسسة على فنون الإعلام أو توكل مهام المراجعة الإعلامية لعمله لقسم المراجعة بالمؤسسة (كالديسك المركزي في الصحف وأعمال المونتاج بالتليفزيون). لكن كل مؤسسة كانت تطبع محرريها بسياستها. كما أن هذا المحرر العلمي لم يكن يتلقى خدمة أكاديمية لائقة بشخص يتعامل مع معلومات شديدة الحساسية فى بعض الأحيان. وقد تحدد كل مؤسسة على حدة مقررات إعلامية التي يخضع لها هذا المحرر فى الوقت الذي نحتاج فيه لمعايير موحدة تضمن للمتلقي حيادية وموضوعية المعلومات.
  • ثانياً: أن توفد المؤسسة الإعلامية محرراً لكل قسم علمي لدراسة بعض أساسيات العلم الذي يهتم به القسم دراسة فى شكل كورسات تكميلية. وهو أمر لا يحقق له المستوى العلمي الذي يحظى به دارس هذه العلوم دراسة مكتملة و ليست مجرد دراسات تكميلية.

وبما أن الاتجاه الأول كن هو الأكثر منطقية في التطبيق فكان أيضاً من المنطقي أن يتم إقرار دبلومة إعلامية موحدة الأهداف على مستوى الدولة تمهيداً لإقرارها على مستوى عالمي. يتخرج منها الطالب على مستوى معين يرضي المؤسسة الإعلامية و يحقق لميثاق الشرف الإعلامي مبادئه. ومن هنا لم يكن إقرار مثل هذه الدبلومة أمراً ترفيهياً بقدر ما كان ضامناً أساسياً لتحقيق مستوى عالٍ من الخدمة الإعلامية سواء في مجال الكتابة الصحفية أو تقديم البرامج الإذاعية أو التليفزيونية أو التحدث الرسمي عن الجهات العلمية المختلفة. وهذا يحقق للإعلام ذاته رسالته الأساسية التي يعمل عليها وهي توصيل المعلومة بأكبر قرب من الحقيقة. والاهتمام بالنشر في الإعلام العلمي أصبح ضرورة ملحة جدًّا و يكفي أن نعلم أن عدد المجلات العلمية الجادة التى يتم توزيعها فى الوطن العربي بهدف التثقيف العلمي لا يتجاوز 15 مجلة ورقية، وأن عدد المواقع الإلكترونية العربية التى تهدف للتثقيف العلمي لا يتجاوز 40 موقعاً (في دراسة علمية لوحيد مفضل). مما يعني أننا نعاني مشكلة كبيرة فى الناحية الكمية. بالإضافة للمشكلة النوعية التي تحدثنا عنها في كفاءة المحرر العلمي.

لذا فإن دبلومة الإعلام العلمي تصبح مع الوقت مطلباً حيوياً، لأن تأثير الإعلام يتزايد بشكل متضاعف والمعلومة العلمية الخاطئة قد تؤثر في مصير وصحة مجتمع كامل وهو أمر وضعته معظم الدول الغربية نصب عينيها و هي تهتم بالإعلام العلمي، وربما كانت منظمة المجتمع العلمي العربي وما نشأ عنها من مشروع الإعلام العلمي خطوة على الطريق الصحيح، تتبعها خطوات بإذن الله. فالإعلامي إن لم يكن متخصصاً يقع فى الكثير من السقطات كسقطة إحدى الصحف الإلكترونية في الترويج لفيلم مفبرك فى الديانات في ظل غياب علمي متخصص في الجرافيك وفي الديانات، وكذلك مجموعة السقطات فى نطق أسماء العلماء ومكونات بعض الأجهزة التي ظهرت على ألسنة بعض مذيعات التليفزيونات الوطنية فى الفترة الأخيرة. الاعلام العلمي ليس رفاهية بل مطلباً علمياً لتنظيم التواصل و العمل بدون أخطاء لبناء دولة علمية بعيداً عن العشوائية الإعلامية التي قد تصيب و لكنها قد تخطئ أيضاً.

  • أ.د. محمد لبيب سالم: روائي وكاتب علمي.أستاذ المناعة بكلية العلوم جامعة طنطا ومدير مركز المشروعات والابتكارات ونقل التكنولوجيا بجامعة طنطا – مصر.
  • د. نهله زيدان الحوراني: قاصّة أديبة وكاتبة صحفية و علمية. مدرس الإعلام بكلية الآداب جامعة المنصورة - مصر.
 
البريد الالكتروني: mohamedlabibsalem@yahoo.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

1 التعليقات

  • منتهى31 مارس, 202202:34 م

    رد

    مشكلة الاخ يهون من شان الإعلام الديني عاساس ممكن يستغنى عنه وكأنه المعلومات الطبية من اكتشافه وبحثه!! كله يادكتور من المجلات الطبية العالمية اللي ممكن اي حد كمان يطلع عليها ولاا ضرورة للاعلام العلمي لانه صار تجارة كمان

    رد على التعليق

    إرسال الغاء

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */