للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

قرأت لك : سفراء المعرفة

  • د. موزة بنت محمد الربان

    رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    09:56 ص

  • تاريخ النشر

    08 مايو 2014

قراءة من كتاب جذور عربية (متحف الفن الإسلامي/ قطر)

كان السفراء من دول المشرق يلقون ترحيباً يقترن بالإعجاب في أوروبا في القرن السابع عشر، وكان سفراء الدول الغربية يلقون استقبالاً لا يقل وديّة في المشرق. وفتحت هذه العلاقات الدبلوماسية قنوات جديدة لتبادل المعرفة والثقافة. ففي لندن كان السفراء العرب يُدعَون لإلقاء محاضرات في الجمعية الملكية التي أُسست عام 1660 لتكون أول أكاديمية علمية حديثة. كان أعضاء الجمعية الملكية من كبار العلماء في ذلك العصر. وكانوا شديدي الإعجاب بمعارف الشرق. فكانوا يسألون سفراء الشرق مثلاً عن الممارسات والأساليب الطبية المتبعة في المشرق وعن تاريخ بلادهم القديم.

وقد أعجب زملاء الجمعية الملكية كثيراً بفصاحة السفراء، وبما وجدوا لديهم من فضول علمي، حتى إنهم اختاروا سفيرين من سفراء المغرب وسفيراً ليبياً ليكونوا أعضاء في الجمعية. ونجد في الكتاب الرسمي للجمعية الملكية توقيعاتهم جميعاً في صفحة واحدة، مع أن 46 سنة تفصل بين التوقيع الأول في عام 1682 والتوقيع الأخير في عام 1728. كان أول عربي يتم اختياره زميلاً في الجمعية الملكية هو بن حدّو، سفير المغرب، الذي أصبح شخصية معروفة ومرموقة في لندن وكان كثيراً ما يلمح وهو يركب حصانه بزهو في حديقة هايد بارك في لندن، وعندما يزور الجمعية الملكية كان العلماء فيها يعجبون بما يبديه من اهتمام بالتجارب العلمية الكثيرة التي كانوا يطلعونه عليها. أما الشخص الثاني الذي نال عضوية الجمعية الملكية فكان السفير المغربي محمد بن علي أبغالي وتم اختياره عضواً في عام 1726، غير أن الرسائل المتبادلة بينه وبين زملاء الجمعية تبين أن صلاته معهم كانت متينة قبل ذلك التاريخ بكثير.

مكافحة الجدري

وأطرف قصة تتعلق بزملاء الجمعية الملكية العرب هي قصة قاسم آغا، سفير مملكة طرابلس، الذي اختير زميلاً في الجمعية عام 1728. فقد أصاب وباء الجدري لندن عام 1721، وكانت معرفة الأطباء بهذا الوباء قليلة. غير أن صلات بريطانيا الدبلوماسية والتجارية الحديثة كان لها دور فعّال في مكافحة المرض، وأسهم قاسم آغا نفسه في ذلك إسهاماً كبير الأهمية. وكان التطعيم معروفاً في الشرق، وكانت فكرته تقوم على إعطاء جرعة من المرض بمقدار محدد للشخص السليم ليتعلم جهاز المناعة في جسمه كيف يكافح المرض. وكانت أخبار هذه الطريقة تصل إلى إنكلترا من الأطباء العاملين لدى "شركة الشرق" في الدولة العثمانية، أو لدى السفارة البريطانية.

في هذا السياق، أرسلت الليدي ماري مونتاغيو، زوجة سفير إنكلترا في إسطنبول رسائل تشرح فيها طريقة التطعيم بكثير من الحماسة. غير أنه حتى بعد أن مرت سنين على ممارسة هذه الطريقة في إنكلترا فقد ظلت محفوفة بقدر من المخاطر، كما أن العموم لم يطمئنوا إلى سلامتها. وهنا تجلت أهمية خبرة السفير قاسم آغا، إذ إنه ألقى محاضرة في الجمعية الملكية عن هذا الموضوع، وأقنع الأطباء بأن طريقة التطعيم مأمونة، حيث عرض آلة مباشرة وإحصائيات دامغة. وقد وُثقت محاضرته ثم نشرها زميل آخر من زملاء الجمعية الملكية هو الدكتور جون غاسبر شويشزر ضمن كتابه "بيان نجاح التطعيم ضد الجدري لعامي 1927-1928".

ولم يتوصل أحد إلى علاج للجدري، لكن مع ذلك ظلت المعلومات حول كيفية تشخيص هذا المرض والتعاطي مع ضحاياه مهمة، لذلك قام الطبيب الإنجليزي ريتشارد ميد بترجمة كتاب الرازي في الجدري والحصبة الذي ألفه في القرن العاشر، إذ إن الرازي هو أول من كتب عن هذه الأمراض، وقام ميد بنشر الترجمة كاملة في كتاب نشره هو عن الموضوع في عام 1747، أي إن مخطوطة الرازي ظلت تترجم وتستخدم لأغراض علمية حتى بعد مرور أكثر من ثمانمائة سنة على كتابتها.
 

  • المقال بصيغة PDF للقراءة والتحميل أعلى الصفحة.

 

البريد الإلكتروني للكاتب: mmr@arsco.org

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */