للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

بتمويل من منظمة المجتمع العلمي العربي

الأستاذ التونسي هادي بن منصور يفوز بجائزة "الكويت-إيفل"

عن تطويره نظاماً مبتكراً لمعالجة المياه الملوثة الناتجة عن عصر الزيتون

  • الصغير محمد الغربي

    صحفي علمي

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    11:26 ص

  • تاريخ النشر

    21 يناير 2024

تُوج الأستاذ هادي بن منصور أستاذ علم السموميات البيئية بجامعة المنستير تونس بجائزة الكويت – ايفل الدولية لفئة ريادة الأعمال التكنولوجية لسنة 2023 لتطويره نظاماً مبتكراً لمعالجة المياه الملوثة الناتجة عن عصر الزيتون . ويمكّن هذا المشروع الممول من منظمة المجتمع العلمي العربي، من التخلّص نهائياً من أحد الملوثات الرئيسية للبيئة الناتجة عن أنشطة عصر الزيتون مع تثمين المياه المستخلصة في مجال الري والمواد الصلبة في مجال صناعة الصابون.

منظمة المجتمع العلمي العربي
 

وتُنظِّم هذه الجائزة مؤسسة ايكوسيستم للاستشارات (Ecosystem Consulting) ومقرّها في الكويت، وتقسم إلى ست فئات وهي: أفضل اختراع، وأفضل شركة مشاركة، وأفضل عرض تقديمي، وأفضل مؤثر علمي، وأفضل مؤثر في مجال الابتكار التكنولوجي، بالإضافة إلى أفضل مؤثر في ريادة الأعمال التكنولوجية.

وفي حوارٍ مع موقع منظمة المجتمع العلمي العربي، أكّد أ. بن منصور أن الابتكار الذي تَقدَّم به للمشاركة في المسابقة، حصل على المرتبة الأولى من بين 321 مشروعاً مشاركاً من 36 دولة. وتضمنت المقاييس التي اعتمدتها لجنة الجائزة المُشَكّلة من أكثر من 220 خبيراً في اختيار المشاريع الجديرة بالفوز على: السيرة الذاتية العلمية للباحث أو المبتكر، إضافةً إلى أهمية الابتكار من الناحية التطبيقية. ومن المقرر أن يتسلم أ. بن منصور جائزته يوم 15 فبراير القادم بالكويت بحضور فليب كوبيري إيفل الحفيد الأكبر للمهندس الفرنسي غوستاف إيفل مصمم برج إيفل في باريس وتمثال الحرية في نيويورك.

"المرجين": مشكلة بيئية تؤرق منتجي زيت الزيتون في العالم

من المعروف أن تونس تصنّف من كبار الدول المنتجة لزيت الزيتون في العالم، لكن عملية عصر الزيتون تنتج عنها كمياتٍ هامة من المياه الملوثة (المرجين)، ولها نسبة ملوحة عالية وصعبة المعالجة، وهي تمثل مشكلة بيئية كبيرة في تونس والدول المنتجة لزيت الزيتون. وبحسب دراسة قام بها أ. بن منصور وزملاؤه ونُشرت نتائجها على موقع  المجلة العربية للبحث العلمي(أجسر)، فإنّ عَصر 100 كيلوغرام من الزيتون، في المتوسط، ينتج نحو 100 لتر من مادة المرجين. وتُعرف مادة المرجين أيضاً باسم المياه النباتية، وهي مواد سائلة تتكون من المياه التي تحتويها ثمار الزيتون، والمياه المستخدمة في غسلها. وتتجلى خطورتها خاصة مع وجود مادة البوليفينول السامة مع ارتفاع درجة الحموضة (pH) فيها، والجسيمات والمواد العضوية القابلة للذوبان.

وقد جرى في السابق تجربة عدد من الحلول مثل رش هذه المياه كسماد في حقول الزيتون أو معالجتها بيولوجيا. كما لم تنجح عملية التخلص منها من خلال وضعها في أحواضٍ كبيرة مفتوحة، بقصد تحفيز تبخر هذه المياه وذلك نتيجة وجود الزيوت والتعرض لعوامل فيزيو كميائية والأمطار، مما يفاقم المشكلة البيئية. كل هذه الطرق لم تنجح في التخلص نهائياً من الآثار البيئية الضارة لهذه المادة.

نظام مبتكر لمعالجة المرجين وتثمين مكوناتها

وحول موضوع الابتكار، يشير أ. بن منصور إلى أن المشروع الممول من منظمة المجتمع العلمي العربي، يتمثل في تصميم وتصنيع نموذج أولي لنظام مغلق للتبخر الطبيعي، في شكل حوض يكون غطاؤه مائلاً قليلاً، ويحتوي على طبقة من الألمنيوم بهدف رفع درجة الحرارة داخله بين 15 و20 درجة إضافية مقارنة بحرارة المحيط. وتتيح هذه الظروف تبخر الماء في الحوض مع بقاء الأملاح والملوثات في قاع الحوض.

كما يحتوي الغطاء المركّب أيضاً على طبقة متكونة من مادةٍ بلاستيكية مسامية تسمح بتسرب الهواء لتبريده، مما يخفّض درجة حرارته ويمكّن بخار الماء من التكثف من جديد ليعود إلى طوره السائل. هذه المياه التي نحصل عليها تكون صافية، ولها نفس خصائص مياه الأمطار، ويمكن استخدامها في أغراضٍ أخرى كالري. وفي أسفل الحوض تبقى الترسبات في شكل عجينة مكونة أساساً من مواد بوليفينول التي لها منافع يمكن الاستفادة منها في مجال التجميل والنظافة كاستخدامها لصناعة الصابون. وبحسب الدراسة المشار إليها، فإن هذا الجهاز يتميز بانخفاض تكلفته وسهولة تشغيله ولا يحتاج إلى صيانةٍ كبيرة، وله القدرة على تبخير 80% من مادة المرجين، وإنتاج 20% من المادة الصلبة الخالية من الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض.

وهذا الأسلوب المبتكر في معالجة مادة المرجين، يمكن تطبيقه عملياً في المصبات التي تُخصّص حالياً لتجميع هذه المادة السائلة الملوثة للبيئة في مناطق إنتاج زيت الزيتون، دون استخدام أي نوع من الطاقة عدا أشعة الشمس الطبيعية. ويمكن تصميم حجم الحوض ليتناسب مع كميات المياه الملوثة المعدّة للمعالجة وحجم المصبات، ويسمح بمتابعة المعلمات الحيوية لمراقبة نسب مواد التلوث التي يمكن أن تحتويها عن بعد.

إنّ أهمية هذا الابتكار لا تكمن فقط بقدرته على التخلص من مادة المرجين المضرة بالبيئة، بل كذلك في توفير إمكانية استعادة آلاف الأمتار المكعبة من المياه، وتثمين المواد التي تحتويها في صناعة مادة الصابون.

كيف يساعد الإعلام العلمي في التعريف بالابتكارات وتثمينها؟

لقد حصل هذا الابتكار على شهادة في براءة الاختراع منذ 2022، وقد أثبت النموذج المصنَّع من قبل الباحثين نجاعته في التخلص من آثار مادة المرجين الضارة على البيئة التي تعاني منها المناطق المنتجة لزيت الزيتون. ورغم ذلك لم تجرِ إلى اليوم، عملية تثمينه وتطبيقه على أرض الواقع في الوقت الذي يتواصل فيه تراكم هذه المادة في مصبات أصبحت تمثل بدورها خطراً بيئياً متزايداً.

وحول تأخُّر عملية التثمين يذكر أ. بن منصور، أنه من المفترض أن تقوم الهياكل والمؤسسات المعنية بمشكلة التلوث بالمبادرة بالاطلاع على براءات الاختراع المسجلة في هذا المجال والاتصال بمخابر البحث التي طورتها لتطبيق هذه الحلول. ويمكن لوزارة البيئة التدخل لاعتماد هذا الابتكار الجديد في المصبات المخصصة لهذه المياه الملوثة، خاصةً وأن الانتقال من النموذج إلى نظام معالجة حقيقي قادر على معالجة آلاف المترات المكعبة يُعدّ سهلاً ولا يتطلّب تغييراً في مكونات الجهاز ولا في مراحل المعالجة. مع العلم أن براءة الاختراع هي ملك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

ورغم الجهود التي تُبذل للتعريف بمخرجات البحث، كما يقول الباحث التونسي، ما زال هناك تقصير من جانب الباحثين في التعريف بنتائج بحوثهم. وفي الوقت نفسه، لا تقوم المؤسسات الاقتصادية بالبحث عن المعلومة التي تمكّنهم من إيجاد حلول للمشاكل التي يتعرضون لها. كما أنها لا تمول مشاريع البحث التي تهدف لإيجاد هذه الحلول.

ويرى أ. بن منصور أن هذه الحلقة المفقودة في مسار تثمين الابتكارات وهي حلقة التواصل بين الباحثين ومراكز البحث من ناحية، والمحيط الاقتصادي من ناحية أخرى، يمكن أن يمثلها الإعلام. فعلى سبيل المثال لو لم نحصل على هذه الجائزة وقيام الإعلام بتسليط الضوء عليها لظلت طيّ النسيان، وهنا تكمن أهمية الإعلام العلمي.

من هو الأستاذ الهادي بن منصور؟

حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة المنستير تونس وجامعة كون نورماندي الفرنسية في علم السموم البيئية. ويشغل الآن رتبة أستاذ تعليم عال في علم السموم البيئية بجامعة المنستير – تونس. وهو العميد السابق للمعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا بالمهدية (2017-2020)، وأستاذ زائر في عديد الجامعات الأوروبية والكندية والأمريكية ويتمتع بالعضوية مدى الحياة في عدد من المنظمات الدولية، وهو مشاركٌ نشط في أنشطة علمية وطنية ودولية.

ويدير بن منصور وحدة البحث في التحاليل والأساليب المطبقة في البيئة التي أسسها قبل سنوات. وقد سبق له الحصول على العديد من الجوائز والتقديرات الوطنية والدولية، أهمها الجائزة العالمية لأفضل باحث شاب دون أربعين عاماً في الدول الفرنكوفونية وشبه الفرنكوفونية (عددها 100 دولة) في مجال العلوم والطب لعام 2013. وهو حالياً خبير معتمد العديد من المنظمات الدولية ومستشار لمنظمة المجتمع العلمي العربي في مجال المياه.

وله أكثر من 160 مقالاً علمياً، 4 كتب، كما أن في رصيده 9 براءات اختراع، ويحمل مؤشر h 27. وقد أشرف على تأطير العديد من رسائل الدكتوراه. كما نظم بن منصور أكثر من 40 مؤتمرا دولياً رأس في جلها اللجنة العلمية والتنظيمية. وهو عضو في هيئة تحرير أربعة دوريات علمية عالمية، وعضو قار في العديد من مؤسسات البحث العلمي الدولية.

ويقوم الأستاذ بن منصور حاليًا بدراسة أسباب تلوث المياه بواسطة الملوثات الدقيقة (الملدنات، مخلفات الأدوية، أصباغ النسيج، اختلالات الغدد الصماء، إلخ) وعواقب هذا التلوث. وتكمن أصالة عمله في تطوير وتنفيذ التقنيات الكيميائية والبيولوجية للتحليل الصحيح للمياه وكذلك تصميم عمليات معالجة واعدة واستخدام المياه المعالجة في الفلاحة بصفة عامة. ويشارك فريقه البحثي حالياً والمكوّن من 67 باحثاً في العديد من المشاريع البحثية الدولية بتمويل من الاتحاد الأوروبي والكندي. كما ينشط في عدد من الجمعيات والمنظمات العلمية وهو يرأس الجمعية العلمية للسموميات البيئية والجمعية التونسية لعلوم التجميل.

 

تواصل مع الكاتب: gharbis@gmail.com​

 


- معالجة مادة المرجين بواسطة المبخر الطبيعي بوصفه نموذجًا إيكولوجيا


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

       

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */