للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

العلاج الجيني

  • الكاتب : د. رضا محمد طه

    أستاذ الميكروبيولوجيا - كلية العلوم - جامعة الفيوم

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    09:58 ص

  • تاريخ النشر

    15 أغسطس 2016

هل يُعَدُّ سعيُ الإنسان وتَدَخُّلُهُ لعلاج ما يقرُب مِن مائتيْ مرضٍ وراثيٍّ بالجينات (المورِّثات)، عن طريق استبدالِ الجزءِ الجيني المعطوب بآخرَ سليم، نوعا من الرفاهية أو الحذلقة العلمية؟ المعروف أن الأمراض الناتجة عن خللٍ في جزء من جينوم الإنسان "دي إن إيه" كثيرة، مثل مرض (الحثل العضلي muscular dystrophy ) أو مرض (التليف الكيسي cystic fibrosis) أو (أنيميا الخلايا المنجلية) أو (النزف الدموي "الهيموفيليا haemophilia) وغيرِها مِن الأمراض التي تُصيب الجهاز المناعي، مِثل مرض "طفل الفقاعة" الذي يضطرُّ المولود بهذا المرض إلى العيشِ في بيئةٍ محمية أشبَهَ بالفُقاعة البلاستيكية، بعيداً عن الميكروبات والجراثيم لحساسيته الشديدة وعدم قدرة جهازِه المناعي على المقاومة.

في عام 1990م نجحتْ أول محاولة حقيقية للعلاج بالجينات في أمريكا، وكانت لطفلة عمرُها خمس سنوات مصابةٍ بمرض وراثي عبارة عن خلل في أحد الجينات، نتج عنه نقص إفراز أنزيم هامٍ بالجسم، الشيء الذي نتجَ عنه سهولة التكسير الذاتي للخلايا التائية في الجهاز المناعي، هذه الخلايا عبارة عن خط الدفاع الأول ضد الميكروبات التي تصيب الإنسان، مما جعل الطفلة عرضة للإصابة بالميكروبات المسببة للأمراض مثل الجدري والزكام وغيرها من الأمراض الانتهازية. في تلك العملية العلاجية بالجينات، قام العلماء بسحب عينة دم من الطفلة المريضة، وفصلوا منها كرات الدم البيضاء "الخلايا التائية" وحقنوا تلك الخلايا بسلالة مُعدلة وراثياً من فيروس "لوكيميا الفأر"(لا تُسبب أمراضا للإنسان)، تُحمَل تلك السلالة من الفيروس جين بشري له القدرة (عند ترجمته) على تكوين الأنزيم الذي يُعد غيابه سببا في مرض الطفلة. بعد عشرة أيام من إنماء خلايا كرات الدم البيضاء المحقونة بالجين الإضافي، تم إعادتُها لجسم الطفلة ثانية، ومِن ثم بدأ جسمُها يفرز الأنزيم الناقص عندها وعلاج مشكلتها المناعية.

في هذا النوع من العلاج، يستخدم العلماء وسائل مختلفة لإدخال الجين الجديد داخل الخلية، منها استخدام بعض الفيروسات كنواقل للجينات مثل فيروس "هربس" وفيروس "أدينو adenovirus"، وبعض الفيروسات "المتراجعة retroviruses، كما يستخدم العلماء جزءً من دي إن إيه حلقي، موجود في بعض أنواع البكتريا ويسمي "بلازميد"، أيضاً يتم إدخال الجينات للخلايا بطريقة "تثقيب غشاء الخلية كهربائيا، لعمَلِ ثقوب دقيقة ومن خلالها يتم دفع الجين بإستخدام "مسدس جيني gene gun". استغل العلماء آليةً خاصةً لبعض الأنزيمات، والتي تقطع فيها تلك الأنزيمات شريط "دي إن إيه" في أماكنَ محددة ومعروفة "إنزيمات قصر restriction enzymes)) لقطع الجين المطلوبِ إدخالُه للمريض، هذا بالإضافة إلى أنواع أنزيمية أخرى، والتي تُستخدم في عملية لصق ligase  الجين الجديد بجينوم الخلية قبل إدخاله في المريض.

عمليات العلاج الجيني التي تتم في الخلايا الجسدية (somatic cells)، يقتصر على المريض الذي يخضع للعلاج ولا تسري أو تنتقل لنسله، لذا اجتهد العلماءُ  ونقلوا الفكرة بنجاح للخطوط الجرثومية Germ lines أو الخلايا الجنسية، عن طريق تعديل أو إضافة جينات جديدة لها، والتي بدورها سوف تنقلها (وراثيًا) للأجيال التالية بما اعتبرَه العلماءُ قفزة كبيرة في هذا المجال من العلاج الجيني. حديثاً اكتشف العلماء استراتيجية جديدةً لتحديد وإدخال جين جديد، أو حذف جين مُمْرِضٍ، أو تعديل جين آخر، وسُميَّتْ هذه الاستراتيجية بـ "كريسبر  "CRISPR-Cas9والتي من خلالها يتم قص الجين المرغوب ولصقه في المكان المناسب بدقة أكثر من ذي قبل، تعتمد هذه الطريقة على مُكرّرات وفواصل ونهايات للقواعد النيتروجينية على الجينوم (سواء الذي يؤخذ منه الجين السليم أو الذي سوف يستقبل الجين الجديد)،  وتُعَدُّ هذه الطريقة الأفضل حتى الآن، وتُستخدم على نطاقٍ واسع.

وقد يتساءل البعض، هل العلاج بالجينات آمن؟

بعض الدراسات الحديثة تؤكد على أنه آمن، بينما دراسات أخرى تفيد بأن هذا النوع من العلاج مصحوب بمخاطر صحية عديدة، منها حلات تسمم أو التهابات inflammations أو حدوث سرطان، هذا بالإضافة إلى مخاطر أخرى صعبٌ التنبؤ بها لا يعلمُهاإلا الله.

استراتيجية كريسبر للتعديل الجيني

بالنظر للمزايا التي حصل عليها الإنسان نتيجة العلاج الجيني في علاج بعض الأمراض المستعصية والصعبة، يجب أن تكون هناك معايير أخلاقية تحكمه وكذلك أسس وشروط يتم التوافق عليها دولياً لتحديد من يخضع لهذا العلاج أو من يمكنه ممارسته، حيث إرتباطه بالإنسان وما سوف يصاحبه من تغيير في بعض المفاهيم المجتمعية من التدخل في الصفات الإنسانية، لأن غير ذلك سيُتيح الفرصة للمزاج الشخصي للبعض فتكون الطامة على البشرية جمعاء.

 

بريد الكاتب الإلكتروني: redataha962@gmail.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

1 التعليقات

  • رؤى27 نوفمبر, 201702:36 ص

    مرض جيني

    السلام عليكم هل هذه الأبحاث تشمل مرضenthylmalonic encelphalopathy

    رد على التعليق

    إرسال الغاء

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */