للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

إيقاظ كائنات ما قبل التاريخ 2

إعادة الماموث للحياة

  • الكاتب : د. طارق قابيل

    أستاذ التقنية الحيوية المساعد - جامعة الباحة

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    12:21 م

  • تاريخ النشر

    18 أبريل 2018

الكلمات المفتاحية :

في ضوء التقدم العلمي الخارق الذي شهده الربع الأخير من القرن العشرين، وبدايات القرن الحادي والعشرين بدأت المجتمعات البشرية تتقبل الخيال العلمي دون تذمر خاصة ما يتعلق بالمنجزات العلمية في مجال الهندسة الوراثية. وظهرت عدة قصص خيالية حول الاستنساخ في البشر. وطرح بعض من علماء البيولوجيا مع مطلع عام 2001م سؤالاً يدعوللاستغراب، والسؤال هو: هل يمكن إستنساخ الماموث؟ وهل يمكن استغلال خلايا الحيوان الميتة في عمل نسخة من الماموث؟ هذا ما وصفه كبار علماء البيولوجيا في ذلك الوقت بأنه أبعد من الخيال، أي يستحيل تحقيقه لأن الخلايا الحية تتبدل وتتغير بعد موتها.

وفي أكثر من مناسبة أشار العلماء بشكل واضح بأن نقل أجزاء من الحمض النووي "دى إن إيه" لن يؤدي بأي حال من الأحوال إلى عملية استنساخ. ولكن العلم لا يعرف المستحيل، وقد قال أحد علماء الهندسة الوراثية والذي استطاع أن يستنسخ بعض الثدييات كالفئران بأن الرغبة في استنساخ الماموث قد تكون موجودة لدينا (نحن العلماء) ولكنه لن يتحقق ذلك إلا إذا حصلنا على "دى إن إيه" من خلية حية وليس من خلايا ميتة. وقد يتصور البعض أن عملية الاستنساخ سهلة بسبب ما تقدمه لنا وسائل الإعلام من أخبار حولها، ولكن الأمر أصعب بكثير مما نتصور، فهل ستتمكن التكنولوجيا الحيوية من إيجاد آلية استنساخ لخلايا ميتة؟ هل يمكن استنساخ الحيوانات المنقرضة؟ هل هناك أي بوادر علمية تشير إلى إمكانية تحقيق ذلك؟ الحقيقة نعم، لقد تبدل الحال سريعاً بعد أن نجح فريق من الباحثين في تجميع معظم جينوم الماموث المنقرض. وقالت المجلة العلمية المتخصصة "نيتشر" إن فريق أمريكي روسي مشترك من الخبراء استخلص الحمض النووي "دي إن إيه" من شعر الفيل الذي عاش في العصر الجليدي حتى يستطيعوا إعادة تركيب التتابع الجيني له. وتمكن الفريق العلمي من سلسلة الجينوم بنسبة 80%، نظراً لوجود نقص في بعض الفقرات في السلسلة النووية.

هل يعود الماموث الصوفى إلى الحياة ؟!

تمكن فريق البحث الذي ترأسه "ستيفن شوستر" أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة بن سيتي بالولايات المتحدة من استخلاص الحمض النووي من الشعر المأخوذ من هياكل متجمدة محفوظة في الجليد في سهول سيبيريا، وهذه الوضع مثالي لحفظ الشعر الذي يعد أفضل مصدر لاستخراج الحمض النووي العتيق، لأن معظمه يعود في الأصل للحيوان الذي أخذت منه الشعرة، دون الملوثات. أما إذا أخذت العينة من العظم مثلا فيكون الحمض النووي للحيوان غالباً مختلطاً بالحمض النووي للكائنات الدقيقة مثل الفطريات والبكتيريا.

وتأكد العلماء من نسب جينوم الفيل المنقرض "الماموث الصوفي" عن طريق مقارنته بجينوم أقرب حيوان منه وهوالفيل الإفريقي. وثبت أن التباين بين الإثنين لا يزيد عن 0.6 %، وهو أقل من نصف نسبة التباين بين الحمض النووي للإنسان وأقرب حيوان مشابه له في التركيب الوراثي وهوالشمبانزي. كما أظهرت النتائج أن جينوم الماموث والفيل الإفريقي أكبر من أحجام جينومات الحيوانات الثديية الأخرى. وهذه المقارنة جديرة بالملاحظة لأن التمايز في التطور بين الفيل الإفريقي والصوفي قد حدث في مرحلة سابقة عن التمايز بين سلالة الإنسان والشمبانزي.

ولطالما حلم الكثيرون بإمكانية استخدام الحمض النووي العتيق لإعادة الحيوانات المنقرضة إلى الحياة، إلا أن معظم العلماء يشكون في إمكانية تحقيق ذلك نظراً لأن التغييرات التي تحدث في الجينوم بعد الموت تشكل تحدياً كبير أمام هذا الإنجاز، ولكن هذا البحث يبعث الأمل من جديد حول إمكانية استنساخ كائنات ميتة منذ فترة طويلة. كما يقدم هذا البحث المادة الخام لإعادة استنساخ الماموث، وإعادته مره أخرى إلى الحياة هو وغيره من الحيوانات الثدية المجمدة التي قد يصل عمرها إلى 40 ألف سنة.

"الماموث"  "Mammoth"هوحيوان ثديي ضخم منقرض ويعتبر الجد الأكبر للفيل الحالي، وكان جسده مغطى بشعر كثيف وقد عاش خلال العصر الجليدي قبل آلاف السنين. ويعد الماموث واحدًا من الحيوانات الضخمة التي عاشت على سطح الأرض منذ ملايين السنين قبل أن تتعرض للانقراض. وينتمي الماموث إلى الثدييات آكلة النباتات، ويتميز بضخامة الحجم إذ يبلغ ارتفاعه 420 سم، كما يبلغ وزنه 10 طن، و هو من الحيوانات المعمرة ويعيش حتى 80 عام. ومن ناحية الشكل الخارجي للماموث، فهويملك جـمـجـمـة مدبـبـة وأنياب طويلة ملتوية لولبية ويتجه طرفي النابين إلى بعضهما البعض. ويختلف الماموث عن الفيل الحالي بشعره الطـويـل الأسود اللون الـذي يـكـسوجـسده، والذي قد يصل أحياناً إلى الأرض، وينموهذا الشعر الطويل من خلال فراء بني كثيف يساعد الحيوان على تحمل درجات الحرارة شديدة الانخفاض حيث يعيش في المناطق القطبية والمتجمدة في شمال الكرة الأرضية. كما يتميز الماموث بوجود حـدبـة ضخـمـة خلف رقبته، إضافة إلى أن أذنيه صغيرتين بعكس الفيل الحالي.

وتمتلك حيوانات الماموث قدرة فريدة على الحياة في المناطق الجليدية المتجمدة، لذا فقد استطاع أن يعيش ويتجول في مناطق مختلفة من العالم، خاصة خلال العصر الجليدي حيث كان الجليد يكسوجميع أنحاء الأرض، مما يفسر سبب انتشاره في مناطق جنوبية بعيدة عن المراكز المتجمدة في الشمال. واختلف شكل الماموث تبعاً للمناطق المختلفة التي عاش فيها، فأقدم أنواع الماموث الذي عاش في صحاري سيبريا الجليدية منذ ملايين السنين، وعندما انتقل بعض أفراده إلى شمال أمريكا تغيرت صفاتهم خاصة من ناحية الحجم الذي ازداد بشكل ملحوظ. وأطلق العلماء على النوع الأخير الماموث الكولومبي، ووصل هذا النوع إلى وسط أمريكا والمكسيك.

وقد استطاع الماموث السيبيري أن يعيش حتى عصر قريب بعكس الأنواع الأخرى التي وجدت في فـرنسا وانجلترا وأمريكا والتي ظلت حية طوال العصر الجليدي فقط، ثم انقرضت عندما بدأت الحرارة في الارتفاع منذ ما يقرب من أربعة آلاف عام. وتطورت بعض أنواع الماموث مع انتهاء العصر الجليدي، وتركت فرائها الثقيل وبعض الخواص التي كانت تناسب الحياة في الجليد، وتضاءل حجمها حتى وصلت إلى الفيل العادي الذي نعرفه اليوم. أما علاقة الإنسان البدائي بالماموث فلم تكن جيدة، إذ اعتبر الإنسان أن صيد حيوان الماموث وسيلته لإثبات وجوده في صراع البقاء. وقد اكتشف العلماء أول هيكل عظمي كامل للماموث في نهاية القرن الثامن عشر، كما استطاع العلماء الحصول على بعض أجسام الماموث سليمة ومغطاة بالشعر بعد أن ظلت مدفونة طوال 23 ألف عام تحت الجليد. وفسر العلماء ذلك بأن أجسام الماموث الضخمة كانت تغوص في الجليد خلال العصر الجليدي، فلا يستطيعون الإفلات منه ويموتون داخله مما حفظ أجسادهم.

ويعتقد العلماء أن بقايا "الماموث" التي عثر عليها تعود إلى ما بين 200  و300 ألف عام. ويحتفظ مركز "غيفو" للعلوم والتكنولوجيا التابع لجامعة كينكي بغرب اليابان بعينات من نخاع العظام، والجلد والعضلات مجمدة في النيتروجين المسال، وينوي العلماء التأكد من أن تلك العينات مأخوذة من "ماموث" عن طريق إجراء الفحوص الوراثية. وبعد التأكد من التركيب الوراثي الفريد للحامض النووي، يعتزم العلماء استخدام بويضات من أنثى فيل حالي لاستكمال عملية استنساخ "الماموث". وقد شجع هذا الأمر العلماء على إجراء بعض التجارب على الماموث ودراسة الغذاء الذي بقي محفوظاً داخل أمعاؤه. ولكن التجارب أخذت طريقاً جديداً أكثر تطوراً عندما أعلن علماء روس ويابانيون بدء التجارب حول استنساخ "الماموث" من سيقان سليمة وشعر كثيف اكتشفوهما له في شمال روسيا ووفرت هذه الأجزاء لهم القدرة على استخراج الشريط الوراثي "دي ان ايه" سليماً بعد أن فشلت المحاولات السابقة في الحصول عليه سليماً.

 

البريد الإلكتروني للكاتب : tarekkapiel@hotmail.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */